قرار جائر وقاسٍ، وصدمة غير متوقعة نسفت كل الجهود وجحدت بالخدمات التي قدمها لاعبا الهلال عبود الصافي وصالح الشهري على امتداد أكثر من 12 سنة كمقاتلين باسم الهلال الساحلي. رفضا كل العروض وظلا متمسكين بشعار الهلال ليكون جزاءهم أليماً، غير مستحق من قبل الإدارة الهلالية التي سلكت طريقاً آخر لتغيير جلدها بعد موسمين مزعجين للجماهير الهلالية، فكان التفكير بكيفية تصحيح الأوضاع واستقطاب النجوم لتفادي تلك السقطات والنكبات التي وقع بها الفريق في آخر موسمين، حينما كان الفريق يصارع شبح الهبوط قبل أن تقرر الإدارة الاستعانة بأبناء الفريق المخلصين خلال الأمتار الأخيرة من دوري الدرجة الأولى، فكان الشهري والصافي في مقدمة الصفوف متحاملين على إصابتيهما من أجل إنقاذ الفريق من السقوط، وهو ما تحقق لهم. لكن هذه المرة ابتكرت الإدارة بدعة لم تكن بالبال ولا على الخاطر أرادت أن تكحلها فأعمتها ودخلت في حيص بيص.
كان يفترض أن تبقي على أبنائها المخلصين وأصحاب الخبرة فهي حتما ستسفيد منهم وستلجأ لهم. لكنها راحت تدفع الملايين ومقدمات العقود للوافدين الجدد للبيت الهلالي وتعاملت بأسلوب همجي مع الشهري والصافي، حيث قررت تخفيض رواتبهما عن الموسم الماضي إلى النصف ولم تقم بتوقيع عقود معهما تهربا من دفع مقدم العقود.
رفض اللاعبان تلك الطريقة والأسلوب وأخفيا الصدمة، وقالا للإدارة بالنص “إذا كنتم لا تريدونا في الفريق فأطلقوا سراحنا وأعطونا الاستغناء، دعونا نذهب.”.. ليأتي الرد المفاجئ والغريب من الإدارة الهلالية التي رفضت ذلك وأخبرتهم أن أمامهما خيارين لا ثالث لهما: إما أن تقبلا أو تعتزلا..!!
ماهذا المنطق.. وما هذه الديكتاتورية والعبودية؟ عن أي احتراف نتحدث وعن أية ثقافة نتناقش.. الإدارة ترى أنهما لاعبان تقدم بهما السن ومستواهما منخفض؟.. من حقها أن تكون لها وجهة نظر كهذه، وإن بدت غريبة بعض الشيء قياساً بإسهامها الكبير في إنقاذ الفريق من الهبوط والبقاء ضمن أندية النخبة، لكن ليس من حقها الحكم على اللاعبين بالسجن ورسم نهايتهما وفقاً لسيناريو ظالم كالذي تريده الآن. فاللاعب نفسه هو المخول الوحيد بتحديد مستقبله ومدة بقائه في الملاعب.
هل هذه هي المكافأة التي يستحقها الشهري والصافي ياهلاليين؟. يفترض بكم أن تكرموهما أفضل تكريم.. لم يغادرا جدران النادي. ولم يفتعلا يوما مشاكل. ولم نسمع قط طوال مشوارهما معكم أنهما رفضا تمرينا أو تخلفا عن مشاركة في مباراة. من أفضل اللاعبين أداء وسلوكاً وأخلاقاً. يلعبان للهلال من قلبيهما. يحبان الهلال. طالما ترون أنهما غير صالحين بالبلدي “كملوا قدهم عواجيز“ أطلقوهما يذهبوا ليعيدوا اكتشاف نفسيهما أو يصلا لمحطة النهاية.
العبودية في كرة القدم فكر قديم وملغي والفيفا والآسيوي لا يقبلان بمثل هذا المنطق.. اقتدوا بجيرانكم وتعلموا من الامبراطور كيف حافظ وتمسك بحامي العرين معاذ عبدالخالق رغم ذهابه لتمثيل العروبة لكنهم أعادوه إلى بيته وكرّموه، حتى علي النونو في كل موسم يجلعونه يلمع ذهباً.
في التلال ذهب كرم رياض ،وهو ابن النادي، إلى عدة أندية وفي الموسم الماضي لم يقفل التلاليون أبوابهم في وجهه ولم يقولوا عنه خائنا لقد ذهب عنا يوما ما، بل رحبوا به وقالوا له أهلا بك في بيتك مرة أخرى. فكيف لو كان الشهري أو الصافي قد ذهبا لتجربة احترافية في أحد الأندية هل ستضعونهما في القائمة السوداء مثلا وفي خانة مرتكبي الجرائم ويستحقان الإبادة.. من هو صاحب القرار الجهنمي للإدارة الهلالية. هل اقتنع به أصحاب القيادة العليا بالشأن الهلالي الذين يعرفون الشهري وعبود حق المعرفة..؟
قد لا يعلم كثيرون أن الشهري جاء للهلال في زهرات ربيع عمره وهو ناشئ وفضّله على شباب الجيل وتألق للهلال كثيرا.
كما لا تنسوا أن عبود أجبر ذات مرة عن اللحاق بمعسكر منتخب الأمل في المونديال بطلب منكم يا إدارة الهلال..على التخلف عن مهمة وطنية.. ولم يعصكم كان لكم ابنا بارا ومطيعا، وقد كلفه ذلك عقاباً قاسياً حينها من مدرب المنتخب أمين السنيني.
راجعوا أنفسكم.. وإن كان فيكم عاقل فليهدكم إلى طريق الصواب. ونكرر إما أن تعاملوهما مثل بقية لاعبي الفريق أو تكونوا أكثر شجاعة وتوافقوا على رحيلهما. فهما لم يخلقا للعبودية.. فاللاعبان في وضع نفسي مزرٍ للغاية.. فلا تجعلوهما يلعنان اليوم اللذي لعبا فيه لفريق يحكم على أبنائه بالإعدام.