من البديهيات التاريخية أن يوجد جيشان طائفيان على الأقل، وليس جيش واحد. الكاثوليك والبروتستانت في أيرلندا مثال حي إلى اليوم. في اليمن لن تستمر الحال بوجود جيش حوثي فقط، سينشأ جيش آخر بالمقابل، جيش لديه أيديولوجيا مقابلة وقوية.
بعبارة تي. اس. اليوت "أن تكون متديناً هو أن تكون طائفياً"؛ لأنك ستعبد إلهك وفقاً لطائفة معيّنة. المجتمع اليمني مجتمع متدين وله انتماءات مذهبية معروفة ويصعب القفز عليها بسهولة. صنعاء (في إحدى صيغها) ترحب بالحوثي، لكن بأي ثمن؟ وهل صنعاء اليوم هي تلك الصيغة وحسب؟ هل ستنعم صنعاء بالاستقرار ولن يتكرر طقس النّهب والقتل الأزلي الذي شهدته ولا تزال تُعاني من تبعاته النفسية حتى اليوم؟ هل أصاب مثقفو مقايل صنعاء من حلفاء الحوثي في تقييمهم لهذه المدينة؟ الجيش الطائفي الآخر يتشكل وينسج كيانه من خيوط جدل المعادلة المجتمعية مع حركة الواقع.
الراحل العظيم البردوني سمّى صنعاء "مدينة الأراجيف"؛ لأنها كانت تبالغ في تصوير انتصارات الملكيين ضد الجمهوريين. لن تدوم فاكهة الاشاعات في صنعاء كما كانت الحال عندما كان الموت هنالك بعيداً عن المدينة الهجرة "المقدسة" التي تريد أن تكون عاصمة وتريد أن تسمي من يدخلها ب"المخرجي" في الآن ذاته.
لن تكون صنعاء فضاءً للحوار في موفمبيك يأكل فيه الخصوم من مائدة واحدة وتجمعهم نكت مقايل القات، ستكون عوضاً عن ذلك مسرحاً ل"داعش والغبراء"!