من أهم الأسباب التي أوصلتنا إلى هذه الحالة من التوتر والانقسام هو الإعلام بشقيه الرسمي والأهلي، فمع بداية التوتر في صعدة قبل عشر سنوات، كان الإعلام الرسمي يهون من الأحداث ويتجاهل المعاناة التي لحقت بالمواطنين عقب اندلاع المواجهات المسلحة، وكذلك كان الحال بالنسبة للإعلام الخاص والأهلي الذي لوحظ أنه يبالغ في رواية الأحداث ويتباكى على المظلومية، وفي الوقت نفسه يتجاهل الشرارة الأولى للأحداث كاستهداف الجنود في النقاط العسكرية وتصفيتهم بدم بارد، وبعيداً عن حقيقة أنها كانت حرب استنزاف للجيش وحرب تدريب وتأهيل للجماعة، أو أنها كانت حرباً تُدار بالوكالة لدول أجنبية، أو غيرها من التحليلات، فالمتضرر الأول والأخير منها كان المواطن والوطن. وامتداداً للتشويه الإعلامي للحقائق يُصر الإعلام على اللعبة القديمة، فمع نصب خيام الاعتصامات المدججة بالأسلحة السلمية الخفيفة منها والمتوسطة على معظم مداخل العاصمة، تبرز التصريحات المهولة من الزحف الجرار الذي لن يبقي ولن يذر، تقابلها تصريحات تهون من تلك الاعتصامات وأنها سلمية جاءت لنشر العدل والسلام والمحبة والانتصار للمظلومين وإسقاط الجرعة وحكومة الشر التي أقرتها (مع العلم أن كل القوى بما فيها الحوثي موقعة عليها)، ولمعرفة حقيقة الاعتصامات وما سيترتب عليها من أحداث، فقط علينا مراجعة الماضي القريب في عمران وصعدة وحجة وأرحب، رغم أن كل الشواهد تثبت أن من يفرض الإتاوات والضرائب في كل وقت وحين مجرد زعيم عصابة لا أقل ولا أكثر، فمهما حاول إعلام الثورة المضادة تزيين حملة تطويق صنعاء واعتبارها الأمل الأخير لإنقاذ المواطن ، فحقيقة الأمر لن تتعدى أن الموضوع كله مجرد مزايدات ومماحكات سياسية لهدف وحيد هو استرجاع الحكم مهما كان الثمن.