الساعة / الثامنة مساء .. اليوم/ الخميس .. التاريخ/ الثامن عشر من سبتمبر 2014 .. المكان / منطقة الجراف غرب العاصمة اليمنية صنعاء .. حينها كنت اغادر مقر عملي برفقة زميلين لي وبينما نحن على متن باص صغير يقلنا الى الحصبة شاهدت اعيننا كيف أن شارع الثورة الخلفي لملعب المريسي يملؤه مسلحون على كل مداخله ومخارجه لاوجود للنقاط عسكرية تابعة للجيش على غير العادة ..
الشارع ذو حركة بطيئة والظلام دامس .. تهامسنا أنا ورفيقي نشير الى المسلحين المنتشرين بكثرة وبشكل منظم ومن حينها ادركنا أن شيءً ما سيحدث لكننا لم نتصور ان تكون بحجم غزوةٍ لمبنى التلفزيون الرسمي الذي يمثل وجه الدولة وسيادتها ..
ما ان كنت بمنزلي أنتظر خبر توقيع لاتفاق ينهي الازمة والاقتتال حتى جائنا خبر قصف مبنى التلفزيون الذي كان كالصاعقة الكاشفة والفاضحة لمشروع الانقلاب الكبير ..
انقلاب ! نعم كان يوما كل أحداثه مخطط لها بعناية ومدبرة بليل فبينما نسي ثوار فبراير احياء ذكرى مجزرة كنتاكي الشهيرة ، كانت العاصمة على موعد مع غزوة اشترك في التخطيط والتنفيذ لها تيارين اثنين لا يجمعهما رابط سياسي أو عقائدي ما جمعهما هو حلم واحد (العودة الى العرش الذي سقط) فتسهيل الدخول للمليشيات المسلحة بالوصول الى قلب العاصمة خلال دقائق عبر قيادات عسكرية قال عنها الرئيس هادي تتلقى أوامر من المخلوع كان دليلا واضحا أن هادي في وضع حرج لا يحسد عليه فقد اشتم الرجل رائحة خيانة عسكرية قد تطيح بحكمه مما دفعه بالتهديد بتشكيل لجان شعبية تقيه حر الخيانة العسكرية ..
أكشن ! تسارعت الاحداث فهوجم مقر الفرقة الاولى مدرع ومقر جامعة الايمان واخليت مؤسسات ومنازل هناك في لمح البصر وهناك كانت الاستماتة على السيطرة لتبة صادق والتبة الحمراء المطلة تماما على مبنى المنطقة العسكرية السادسة (الفرقة الاولى مدرع)سابقا كل هذه المشاهد كانت خير دليل على ان لانية لاتفاق يرعاه المبعوث الاممي بنعمر والذي كان منهمكا في صعدة ومغيب عن المشهد تماما ..
حماقة ! كل هذه الغزوات لم تكن مقنعة لبعض أرباب السياسة الذين كانو يرون بانه مشهد عفوي لضرب الجنرال العسكري علي محسن ودك المؤسسة العلمية الاولى لحزب الاصلاح جامعة الايمان أعني ..
حتى أن بعض الناشطين السياسيين الذين يدعون الحياد ذهبو بعيدا ليثرثرو مستفرحين بالقضاء على قوة وتيار سياسي لها ثقلها الكبير في توازن معادلة المشهد السياسي الوطني .. ظنا منهم أن خفافيش الموت القادمة من كهوف مران جائت لتنقذهم من فساد الجنرالات وانها حاملة لهموم الشعب المطحون من الجرع المالية المتلاحقة ..
لم يدركو بعد أن هذه الخفافيش التي تتغذى على دماء فاسدة كان قد خلعها اليمنيون في ثورتين .. لم يدركوان القضاء على بعض القوى التقليدية كالاصلاح ومراكز نفوذه العسكرية والقبلية ما هو الا تصفية للطريق الى المشروع الوهم ..
فضيحة الانقلاب ! الم تكن غزوة التلفزيون وقصفه بأنواع الأسلحة خير دليل على ان هناك مشروع انقلاب فاشل على الدولة التي تقودها الأيدي الأمينة حد قولهم ؟
الم يكن محاولة يائسة للإنقلاب على مشروع الدولة المدنية الحديثة الخالية من مليشيات الموت ومخرجات الحوار التي اجمع عليها الجميع ؟
لقد كانت غزوة التلفزيون فاضحة وكاشفة لتحالف الشيطان مع خصوم الامس .. لقد علم الناس وادركو حقيقة أن معاناتهم ليست الا شعارات حملتها أكف قد تلطخت بالدماء وهي في طريقها نحو وهمها الخاسئ بالعودة الى حكم شعب حر كان قد ضحى بآلاف الشهداء على طريق نضاله ضد الطائفية والسلالية التي عانى اليمنيون عقودا منها ..
المؤامرة كبيرة ودولية ! لقد وظفت معاناة الناس للحصول على مكتسبات سياسية وطائفية مقيتة .. لصالح اطراف محلية وأخرى اقليمية ..
ياسادة لن يحمل همكم الا انتم فتحررو من قيود الغفلة ، الجرعة لم تأتي من اعلاميي قناة الدولة الرسمية ولا من طلاب جامعة الإيمان ولا طلاب دور القران ولاجنود المنطقة السادسة ولا تبة صادق ولا معسكر السواد او معسكر الضبة .. المعاناة صنعناها بغبائنا وتطبيلنا للشعارات الجوفاء فلننتبه قبل فوات الأوان .