بينما تستمر مليشيات الحوثي في التمدد في عدد من المُدن تحت مسمى اللجان الشعبية ولعب دور السلطات الرسمية التي تلتزم الصمت، تتواصل الاحتجاجات الشعبية الرافضة للتواجد المليشاوي المسلح داخل مناطقها معتبرةً ذلك تهديداً وشيكاً لأمنها واستقرارها واعتسافاً لحياتها. ومنذ اجتياح المسلحين الحوثيين العاصمة صنعاء منتصف سبتمبر الماضي، تزداد حدة الرفض الشعبي لفرض سيطرتهم على المدينة ونصب نقاط تفتيش فيها، ويمتد هذا الرفض الى مدن أخرى تواصل جماعة الحوثي سعيها الحثيث للسيطرة عليها.
وتتمسك المظاهرات المناوئة للمسلّحين التي ينظمها سكان عدد من المدن بمبدأ رفض المليشيات والتأكيد على حضور الدولة وقيامها بواجبها لحفظ الأمن والاستقرار.
وبدأت شرارة النضال السلمي ضد المليشيات من العاصمة صنعاء التي تستمر فيها الاحتجاجات المناهضة لوجود مسلحي جماعة الحوثيين مطالبة بخروجها من المدينة.
وشهدت العاصمة صنعاء في آخر احتجاج لها الثلاثاء الماضي مسيرة لعشرات الناشطين طالبت برحيل المليشيات المسلّحة من صنعاء وبقية المدن التي يتواجد فيها مسلحو الحوثي.
وانطلقت المسيرة من شارع الزبيري تحت شعار "من أجل وطن آمن" ردد المحتجون شعارات رافضة لتواجد المليشيات المسلحة داخل المدن الأخرى. وحمّل المتظاهرون رئيس الجمهورية وحلفاءه السياسيين المحليين والدوليين المسؤولية الكاملة عمّا تعيشه البلاد جراء اجتياح مليشيات الحوثي محافظاتذماروإبوالحديدة، وكذلك توسّع رقعة الحرب بين القاعدة والحوثيين في البيضاء وبعض مديريات محافظة إب.
وفي البيان، طالب المتظاهرون بعودة مؤسسات الدولة وفي مقدِّمتها مؤسستا الجيش والأمن لحماية الوطن والمواطنين من المليشيات وجماعات الإرهاب. ودعا البيان إلى الإسراع في تصحيح السجل الانتخابي وإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية لحماية البلد من مخاطر الفراغ السياسي.
وفي مدينة تعز التي حاول مسلحو الحوثي دخولها، تظاهر مطلع الأسبوع الماضي المئات من المواطنين والناشطين رفضاً للمليشيات المسلّحة ودعماً لموقف اللجنة الأمنية في الحفاظ على مدنية وأمن المحافظة.
ورفع المتظاهرون لافتات رافضة لأي تواجد للمليشيات المسلحة وتدعو إلى تطبيق اتفاق السلم والشراكة وقيام السلطة المحلية وأجهزتها الأمنية بدورها.
ودعا بيان صادر عن المظاهرة كافة أبناء المحافظة بمختلف توجهاتهم السياسية إلى الوقوف صفاً واحداً من أجل الحفاظ على مدنية المحافظة، وتعزيز هذه الخاصية التي مثلت أرضية للتعايش المجتمعي.
وطالب البيان السلطة المحلية وأجهزتها الأمنية بتحمّل مسؤوليتها في حفظ الأمن والاستقرار، مشيداً بالموقف الشجاع لقيادة المنطقة الرابعة واللجنة الأمنية التي أعلنت قيامها بدورها الدستوري والأخلاقي والمهني لحماية أمن تعز.
وفي الحديدةالمدينة التي سيطر عليها مسلحو الحوثي، سيّر الحراك التهامي السبت الماضي مظاهرة للمئات من أنصاره للمطالبة بخروج ميليشيات الحوثي المسلّحة من المحافظة.
وحمّل المتظاهرون السلطات المحلية والحكومة مسؤولية تسليم قيادة المحافظة والأمن لميليشيات الحوثي.
وفي البيان الذي صدر عن التظاهرة، أعلن المحتجون بدء ما أسموه "النضال لطرد المليشيات" محمّلين سلطات صنعاء والسلطة المحلية مسؤولية ما سيترتب من أحداث تتنافى مع طبيعة تهامة وأهلها.
وقال البيان: "إن تخلي النظام الحاكم بصنعاء عن مسؤولياته في تهامة كدولة ومنحها للميليشيات المسلحة التابعة للحوثي إنما هو إقرار بعدم صلاحيته لإدارة إقليم تهامة الأمر الذي يمنح أبناء تهامة الحق في انتزاع حقهم في السيادة الكاملة على أراضي تهامة، وهو ما سوف ينتزعه الحراك بإذن الله وبنضاله في وجه كل محتل".
ويعتزم الحراك التهامي وقوى شبابية إقامة تظاهرات أخرى في الأيام القادمة للمطالبة بخروج ميليشيات الحوثي.
وفي البيضاء، حيث تدور مواجهات عنيفة بين مسلحي جماعة الحوثيين وعناصر تنظيم القاعدة، دعا زعماء قبليون إلى تشكيل قوة حماية شعبية للتصدّي لأي تواجد مسلح للمليشيات في المحافظة.
وعقد الأربعاء من الأسبوع الماضي اجتماع موسعاً لزعماء من قبائل قيفة وعباس في رداع للوقوف أمام التحدِّيات الأمنية التي تهدد المنطقة والصراعات الطائفية التي تكاد تعصف بالمحافظة.
وأشار الزعيم القبلي علي صالح أبو صريمة إلى حق أبناء المنطقة من قبائل رداع في حماية المنطقة وتشكيل قوة شعبية للتصدِّي لتواجد المليشيات.
وبحث الاجتماع سُبل الاتفاق على منع أي تواجد للجماعات الطائفية والمليشيات المسلّحة من خارج المنطقة تحت أي مُسمى أو مبرر.
وأعرب المجتمعون عن إدانتهم واستنكارهم لكل الأعمال الإجرامية التي تُمارس في مدينة رداع من قتل وتفجير للمحلات التجارية والمنازل السكنية وصراعات طائفية، وقالوا إنهم يرفضون أي تعزيزات تأتي إلى المنطقة لمحاربة طرف ضد طرف آخر، معتبرين ذلك سعياً لإشعال الفتن والحروب وجر المنطقة إلى الصرعات الطائفية وجعلها مسرحاً لتصفية الحسابات، حسب وصفهم.
وشددوا على رفضهم أي جماعات أو مليشيات تحاول فرض هيمنتها وأفكارها في المنطقة بقوة السلاح.
وحث الاجتماع الموسّع على ضرورة وضع حلول عاجلة لوقف الصراعات الطائفية التي تحدث حالياً في المدينة وإلزام طرفي الصراع بها، تكفل وقف نزيف الدم والاقتتال والحفاظ على المدينة وساكنيها.
وفي السياق نفسه، خرجت في محافظة إب مظاهرات شعبية غاضبة شددت على خروج الجماعات المسلّحة وعبّرت عن رفضها التام لتواجد مسلحي الحوثي؛ داعية الدولة إلى بسط نفوذها وتحمّل مسؤوليتها.
وبالرغم من إجراء اتفاقات وقف القتال إلا أن اختراقات جديدة يستأنف من خلالها العنف نشاطه في المحافظة، في هذا الوضع يتمسك أبناء المحافظة بخيار خروج المليشيات المسلّحة والمدينة لتجنيبها الصراع.
وتستمر الدعوات إلى إنهاء سيطرة مسلحي جماعة الحوثي على كافة المُدن التي تتواجد فيها لاسيما العاصمة صنعاء التي تتزايد فيها انتهاكاتها بحق المواطنين واعتداءاتها ضد الصحفيين ووسائل الصحافة والإعلام المناوئة لسلطتها اللا شرعية.