كيف يمكن لشخص مثل "الحسني" أن يرعبكم.. إلا إذا كنتم من الضعف بمكان؟! الحملة المفتعلة والموجهة ضد قناة الجزيرة والزملاء المراسلين في مكتب صنعاء زادت م يقيننا بأن الحملة مطلوبة لذاتها بعيداً عن التفسيرات والتبريرات العجائبية والغرائبية التي تُطرح أو تساق في هذا المولد الغريب والعجيب. استخفّكم الحسني
كثير من الأساتذة والصحافيين والكُتاب وحتى المسئولين الحكوميين اندفعوا إلى الانخراط في مهاجمة القناة الفضائية العربية, وجميعهم تقريباً اكتشف فجأة بأن الجزيرة تحمل ميولاً "صهيونية", وآخرون جعلوها صهيونية بالكامل! وهؤلاء وأولئك إنما يتناقلون الفكرة نفسها ويتداولونها فيما بينهم- رزع الجزيرة- لأنهم توهموا بكثرة أن المخرج أو صاحب الأمر يريد ذلك فاندفعوا شاهرين سيوفهم لمعاقبة قناة إخبارية عربية لن يستطيعوا أبداً التحرر من شهوة متابعتها أو التخلص من عاداتهم الجميلة في الضغط على الريموت باتجاه قناة الرأي والرأي الآخر.
للأسف أن أغلب ما قيل من اتهامات وإدانات تطعن بالأولى في مصداقية تعاملنا مع الإعلام الحر, ونريد من الجميع أن يأخذ دورنا ومكاننا- كيمنيين عجزنا عن إنتاج إعلام وطني مؤثر وفعال, من أي نوع. فالتفتنا جهة الجزيرة لنطلب منها أن تكون يمنية أكثر من اليمنيين؟!
النقطة الوحيدة, تقريباً, في جميع ما قيل وكُتب خلال أسبوع حول القضية محل النقاش والتنافس الهجومي المستهلك, هي أن قناة "الجزيرة" استضافت أحمد الحسني الموجود في دولة أوروبية وقال خلال الاستضافة كلاماً متوقعاً من شخص مثله ويفترض أن هذا الحسني لم يعد رقماً يؤثر في نفسيات أصحابنا- الوطنيين- أو ينالهم بسوء, لأنه كما يكتب أو كتب الجميع مجرد (خائن باع نفسه للشيطان), فهل هذا "الخائن"- بالله عليكم- يستحق أن تتأثروا له وينالكم السوء والأذى إلى درجة الخفة, بحيث تنسون أنفسكم وكأنكم تنهزمون أمامه وتستدلون بمثله على سوء و"فجور" و"يهودة" الجزيرة؟!!
إما أنكم ضعاف وغير محصنين ضد الشكوك والترهات لتنهاروا كلية أمام ترهات الحسني بهذه الطريقة, أو أنكم تخشون مجادلة المخالفين ولا تمتلكون العدة اللازمة للإفحام والإفهام والدفاع عن قناعاتكم وما تؤمنون!!
في الحالتين فإن قناة فضائية عربية كالجزيرة لا تستطيع- هي أو غيرها- أن تهدد وطناً اسمه اليمن وسكانه أكثر من عشرين مليوناً, ولكنكم تهاونتم في الاعتبار وأضعفتم أنفسكم وأممتم عليها الحجة, حينما تروجون المقولة أن بلداً كاليمن ومنجزاً تاريخياً كالوحدة اليمنية يتهدده الزوال والنكال والوبال بسبب دقائق متوزعة من البث الإخباري في نشرات الجزيرة!!
هل يعظم هؤلاء وطنهم في أنفسهم وهم يجعلونه بهذا الضعف ويقدمونه بهذه البساطة والسذاجة الغبية؟!!
كونوا يمنيين وأقيموا في أنفسكم الوطنية الحقة بأماناتها وشروطها وواجباتها, وبعد ذلك تحدثوا عن الآخرين أو اطلبوا منهم أن يكونوا مثلكم أو يقتدوا بكم, وليس مطلوباً منهم أن يحملوا عنكم الواجب أو يسدوا عجزنا وفقرنا وفساد نوايانا والفساد الكبير الذي أسسنا له جميعاً ويتهددنا وبلادنا.
ولا واحد من الأساتذة المهاجمين والمهرجين والممثلين المستهلكين استطاع أن يقول جزءاً من الحقيقة ويسأل نفسه والناس: لماذا عجزنا وعجزت جميع مؤسساتنا وعباقرتنا العِظام, عن إيجاد وسيلة إعلامية بربع الإمكانات- المهنية أعني- التي تظهرها قناة "الجزيرة" وحتى عُشرها, تدافع عن اليمن وتنقل للعالم صورة ما يحدث هنا؟!
ماهي وظيفة التلفزيون اليمني والإعلام اليمني, إذا كنا ترتعد فرائصنا أمام خبر أو تقرير خبري في الجزيرة؟ أوليس لدينا إعلام يستنزف ميزانيات خرافية ومهولة, ولكنه لا يستطيع التصدي لخبر أو لتقرير خبري فيه.. وفيه؟!!
أما من يقول بأن الجزيرة وقد استضافت الحسني فإنها تثبت عدائيتها المتأصلة لليمن وللوحدة, فنسأله إن كان يقدر على تحجيم الشطط والاستعانة بالحوار الموضوعي: لماذا الحسني فقط, والجزيرة وغيرها من القنوات استضافت وتستضيف قادة الكيان الصهيوني جميعهم, والقادة من جميع دول العالم؟ فهل رابين أو باراك أو نتنياهو أو بيريز- مثلاً لا يثبتون شيئاً والحسني وحده أثبت كل شيء؟!
ثم أن مئات القنوات العالمية تدخل بيوت اليمنيين ومنها قنوات يهودية أصلية وشرقية وغربية, وكذا مئات المواقع الالكترونية وفيها كل شيء وبلا حدود للسوء والوضاعة, فلماذا هذه كلها ليست سيئة ولا يحذر منها عبقري يمني واحد من هؤلاء الذين انتبهوا فجأة وأشهروا أقلامهم ضد "الجزيرة", وهي القناة العربية التي شرفت العرب وقدمت مشروعاً عربياً للعالم, فيما عشرات الأنظمة والحكومات والمؤسسات العربية فشلت في مجاراة العالم المتحضر ولو بمشروع إعلامي يمثل قناة رسمية عربية بلغة أجنبية, والجزيرة فعلت أكثر منهم, بينما نتذكر قرارات القمم العربية ومجالس وزراء الإعلام, والثقافة, والإرشاد, كلها عقمت في ترجمة توصياتها الألفية حول إيجاد تلك القناة المستحيلة؟!! ليست "حقكم"..
على رسلكم أيها الغيارى, الكيِّس من دان نفسه, والضعيف هو من تخيفه الحرية ويرتجف أمام الآراء المختلفة ويخشى من الديمقراطية الإعلامية.. وتستخفه الصغار والصغائر. حسني أو غير حسني.
ثم إن "الجزيرة" مباشر- وقبل أن تستضيف الحسني, كانت قد استضافت قيادات الحزب الحاكم أكثر من مرة, وقيادات في المشترك, ومستقلين, حتى أنها استضافت ساعة كاملة مستشاراً في الدائرة الإعلامية للمؤتمر الدكتور علي العثربي, إذا تحدثنا عن المقامات السياسية والمناصب العليا.. فهل هذا كله لا يشفع للجزيرة, وهي صاحبة الحق والحرية في أن تستضيف من تشاء لأنها قناة حرة مستقلة ولاتتبع وزارة معالي حسن اللوزي أو الدكتور المفلحي؟!!