عن موجهات البرنامج العام للحكومة، كتب دولة رئيس الوزراء خالد بحاح، وكان موفقاً للغاية باستهلاله بالإشارة إلى "تحديات استثنائية" تواجه البلد، لكنه ما لبث أن نسي تلك التحديات الاستثنائية ليغرق في ملامح برنامج يشبه إلى حد كبير خطة عشرية تستهدف "التخفيف من نسب الفقر العالية من خلال تحسين الظروف المعيشية وتحقيق الشراكة الحقيقية مع القطاع الخاص وإفساح المجال أمام الرأسمال الوطني والخارجي للقيام بدوره المؤثر في خدمة المجتمع والاقتصاد الوطني وتوفير فرص العمل الواسعة والمتعددة أمام الشباب وطالبي العمل." تلك - يا دولة رئيس الوزراء- ليست تحديات استثنائية، بل هي مشاكلنا اليمنية المزمنة التي لا يمكن بأي حال من الأحوال أن تنجح أفضل حكومة كفاءات في مواجهتها في ظرف استثنائي قصير!
ننتظر - كيمنيين– من الحكومة الجديدة أن تكون خطوتها الأولى، هي مصارحة الشعب بأولويات عاجلة، توقف عجلة الانهيار في البلد ، وتقضي على شبح الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي، وتحقق المصالحة الوطنية وتعيد شيئاً من الهيبة المفقودة للمؤسسة العسكرية والأمنية اليمنية.
كلنا يطمح ويحلم بتحقيق معدلات تنمية عالية تخفف من الفقر وتحسن ظروف المعيشة، وتشجع الاستثمار، وتوفر فرص العمل، الخوف كل الخوف أن تكون تلك الطموحات لافتة تغطي الأولويات الملحة في البلد!
اليمن شهدت خلال الأعوام الثلاثة الماضية أحداثاً جساماً لا يمكن التعامل معها ومواجهتها بلغة تناسب الأوقات الاعتيادية، كما أن حكومة بحاح لم تولد نتيجة انتخابات نزيهة في وضع أمني وسياسي مستقر، لتنفذ برنامجاً تنموياً طموحاً خلال مدتها الدستورية المحددة بأربع سنوات أو أكثر!
من بين الموجهات التي كتبها دولة رئيس الوزراء لم أجد سوى سطرين يتناسب مضمونهما مع أولويات المرحلة ، عندما كتب "وبإذن الله فإن جهودنا ستصب بدرجة كبيرة في استعادة الأمن والاستقرار والتركيز على بناء أمن داخلي وجيش وطني متماسك ولاؤه لله ثم الوطن" بالإضافة إلى إشارة سريعة عن الدستور والسجل الانتخابي.
تكفينا هذه، ولنكن واقعيين وشفافين مع أنفسنا ومجتمعاتنا، فلا الظرف سيسمح باجتذاب المستثمرين ولا الأجواء الاقتصادية في القريب العاجل ستوفر فرص العمل أو ستخفف من حدة الفقر.
أنتم - يا دولة رئيس الوزراء- حكومة "القريب العاجل" فلا تحملوا أنفسكم التزامات غير منطقية، تذكرنا بحكايات الكهرباء النووية، والنصائح التي سنسديها لترسيخ الوحدة الألمانية!
ليس مطلوباً من حكومة خالد بحاح أن تقدم وعوداً بالوصول باليمن إلى "مجتمع المعلومات واقتصاد المعرفة" في حين ما زالت ملامح الحرب الأهلية والفتنة الطائفية تلوح في الأفق، وما زال الناس يبحثون عن حد أدنى من خدمات الكهرباء والاتصالات والأمن!
سننتظر حتى نستمع للبرنامج الحكومي المفصل، نتمناه واقعياً، يواكب احتياجات اليمن العاجلة، ولا يبنى أحلاماً في الهواء!