أثار قرار رفع الرسوم الجمركية على 71 سلعة استياء بالغا في الأوساط الشعبية والاقتصادية في اليمن، التي حذرت من تبعات جسيمة سيتكبدها الاقتصاد جراء القرار، في مقدمتها استفحال ظاهرة التهرب الجمركي وانتشار المجاعة، وتعثر مفاوضات اليمن للانضمام إلى منظمة التجارة العالمية. وانتقد رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر القرار ووصفه بالإجراء غير المدروس، متهما الحكومة بارتكاب الخطأ حينما أعلنته في وقت لا تمتلك فيه أي آليات لتنفيذه.
واعتبر نصر في حديث للجزيرة نت أن القرار تسبب في صعود الكثير من السلع بنسب تصل إلى 25% للمنتجات المحلية والأجنبية.
وطالب نصر الحكومة بالعمل على تشجيع الصادرات اليمنية -بدلا من رفع الرسوم- والبحث عن أسواق خارجية جديدة.
ومن جانبه أيد أستاذ الاقتصاد الإسلامي الدكتور هاني العزي قرار الحكومة، واعتبره خطوة لتصحيح الخطأ المتمثل في استيراد سلع منافسة للمنتجات المحلية، قائلا إن القرار سيحد من استنزاف العملة الصعبة.
فيما وصف الخبير الاقتصادي محمد جبران رفع التعرفة الجمركية بأنه إجراء ارتجالي غير مدروس.
وقال جبران للجزيرة نت كان الأحرى أن تتم إضافة تلك الرسوم على ذوي الدخل المرتفع وأرباح الشركات لكن الحكومة نظرت إلى الطرف الأضعف (المستهلك) وفرضت ضريبة غير مباشرة هي الجمارك.
ونفى جبران أن تحد هذه المعالجات من التهافت على الدولار واستيراد السلع التي شملها قرار الرفع، ورأى أن التجار سيلجؤون إلى تهريبها لتخفيض قيمتها، وبالتالي فإن موارد الدولة لن تزيد وسيصبح المواطن هو الضحية.
وبدوره طالب رئيس تحرير أسبوعية إيلاف محمد الخامري الحكومة بتقديم استقالتها فورا، واتهم رئيس الوزراء بالفشل الذريع في سياساته الاقتصادية.
وحمل الخامري -في مقالته الأسبوعية- رئيس الوزراء علي مجور مسؤولية ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية من ترد، وتساءل هل زيوت الطبخ وبسكويت الأطفال والثوم والزنجبيل والبطاطس والطماطم والتمر والزبادي منتجات رفاهية؟
وأضاف لقد استكثر رئيس الوزراء على الشعب اليمني أكل الأرز بعد أن حرم من اللحوم ومشتقاتها.
وكانت الحكومة اليمنية قد فرضت الأسبوع الماضي رسوما جمركية تتراوح بين 5% و15% على 71 سلعة استهلاكية كإجراء للحد من الأزمة الاقتصادية الخانقة.
وطالت الزيادة منتجات زراعية وغذائية ومواد استهلاكية ومواد بناء وزيادة تعرفة النقل والمواصلات.
وبررت الحكومة خطوتها لتوفير نحو ملياري دولار كانت تنفق على استيراد هذه السلع –التي تتواجد في السوق المحلي- في وقت تفتقر فيه البلاد إلى العملات الصعبة.
وقد أدانت أحزاب اللقاء المشترك المعارض في بيان لها قرار الزيادة، مشيرة إلى أنه يأتي في وقت تنفق فيه الثروات الوطنية لتمويل صفقات الفساد والحروب الأهلية العبثية.
ودعا البيان إلى إصلاحات سياسية واقتصادية نوعية شاملة تضع حدا للنهب المنظم لموارد الدولة وثرواتها، وتستأصل الفساد المستشري في مختلف مفاصل الدولة.
نفي رسمي لكن الحكومة اليمنية دافعت عن قرارها واعتبرته إجراء يهدف للحد من تدهور الريال أمام الدولار.
ونقلت وكالة الأنباء اليمنية سبأ عن الأمين العام لرئاسة مجلس الوزراء عبد الحافظ السمة قوله "إن فرض تلك الإضافات في أسعار السلع يأتي للتخفيف من الأضرار التي يتعرض لها الاقتصاد الوطني من خلال ميزان المدفوعات والميزان التجاري".
وقال إن الدراسات التي قامت بها الحكومة أثبتت وجود عشوائية في عملية استيراد منتجات غير وطنية بمبلغ 1.8 مليار دولار رغم توفرها في السوق اليمني.
وأشار السمة إلى أن اليمن يستورد سلعا مثل الزبيب والثوم والبطاطس والزبادي والملح والإسمنت والبن والبصل والعنب وغيرها من دول إقليمية عديدة، مما أضر بالمنتج الوطني الذي يقل سعره مقابل أسعار تلك المواد المستوردة التي تستنزف العملة الأجنبية.