أعلن اليوم السبت، ايضا، عن وصول ثلاث طائرات إلى مطار صنعاء، اثنتان منها تابعتين لمفوضية اللاجئين على متنها 48 طنا مساعدات إغاثية، فيما تتبع الثالثة منظمة أطباء بلا حدود والصليب الأحمر الدولي وتقل أطباء ومساعدات إنسانية. لليوم الرابع على التوالي، واصلت طائرات وسفن الإغاثة والمعونات الدولية تدفقها إلى مطار صنعاء الدولي ومينائي الحديدة وحضرموت، وبالتزامن مع ذلك ظلت الاحتجاجات تتصاعد تباعا في معظم المحافظات، حيث يشكوا المواطنون من عدم وصول أية مساعدات أو معونات إليهم حتى اليوم، فيما شكا من وصلت بعض منها إليهم من تلاعب واستحواذ ومصادرة لمعظمها.
وشكك مراقبون ونشطاء حقوقيون بالسياسة التي تنتهجها مليشيا الحوثي الانقلابية المتحالفة مع قوات الجيش المتمردة على الشرعية والموالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، فيما يتعلق بالتزامها بالهدنة الإنسانية التي بدأ سريانها منذ مساء الثلاثاء الماضي، حيث يفترض أن تستمر لخمسة أيام، من جهة، ومن جهة أخرى طالت التشكيكات والانتقادات أليات إيصال وتوزيع تلك المساعدات الملحة.
وفي الوقت الذي لاحظ فيه نشطاء حقوقيون وسكان محليون وصول بعض المساعدات من الوقود إلى محافظات مثل: صنعاءوحجةوالحديدة والمحويت، إلا أنهم تحدثوا عن تعرضها لنهب منظم، متهمين ما تسمى باللجان الشعبية التابعة للحوثي بالاستحواذ على معظمها لمصلحتهم الخاصة، في إطار ما يطلق عليه ب"دعم المجهود الحربي".
يأتي ذلك فيما لم تصل حتى الأن أية مساعدات إغاثية أو إنسانية إلى معظم المحافظات الأخرى التي ترزح تحت نير المعارك الداخلية، مثل عدنوتعز والضالع، ومارب والجوف والبيضاء.
محافظات وصلتها مساعدات ونهبت وتعد محافظة "حجة"، على سبيل المثال، من المحافظات التي وصلتها المشتقات النفطية، لكنها بحسب المعلومات لم تغطي سوى بعض المحطات في المدينة، أما المديريات فلم يصلها شيء. بل إن محطات المدينة التي تم تغطيتها، بحسب سكان محليون، كانت ترزح تحت رحمة وتصرف اللجان الشعبية الحوثية، التي يؤكدون أنها ظلت تحاول بين الحين والأخر افتعال المشاكل أمام المحطات حتى يتسنى لهم إغلاقها لمصادرة ما تبقى من المخزون.
وكانت مصادر محلية بالمحافظة أكدت أيضا قيام مليشيا الحوثي بالقرصنة على معظم حصة المحافظة من البترول والديزل وتخزينه في معسكر الأمن المركزي لمصلحة المجهود الحربي. وبحسب المصادر، فإن محافظة حجة، حيث يرزح فيها أكثر من 20 ألف نازح، لم يصلها شيء من معونات الإغاثة الأخرى، حتى اليوم.
وفي محافظة الحديدة، التي وصلت شحنات المساعدات النفطية إليها، نفذ سكان محليون وقفة احتجاجية أمام جامع الأسودي، عقب صلاة الجمعة يوم أمس، لمطالبة مليشيات الحوثي التوقف عن نهب المشتقات النفطية، وأتهمتها بالتسبب في مآسي اليمنيين، فيما دعت إلى رحيل المليشيات من المحافظة.
وتفيد المعلومات أيضا أن الحوثيون، الذين كانوا استولوا مؤخرا على اللواء 82 في منطقة رأس عيسى بالصليف، وقاموا بنهب مخزونه من السلاح والذخيرة، قاموا بمصادرة مادة البترول في محطات الصليف، بعد الاستحواذ على توزيعه بطريقتهم. وأكد سكان محليون أنهم يمتنعون عن صرف أكثر من 20 لتر بترول (دبة واحدة) فقط لقوارب الصيد والسيارات، بينما يقومون بتعبئة الباقي في براميل خاصة بهم.
محافظات لم تصلها المساعدات وشكت محافظات أخرى من عدم وصول أية مساعدات إغاثية أو إنسانية إليها حتى اليوم، رغم مرور أربعة أيام على سريان الهدنة الإنسانية.
وفي محافظة عدن، على سبيل المثال، كان مسئول محلي بالمحافظة أكد في وقت سابق ل«المصدر أونلاين» إنه منذ بدء الهدنة الإنسانية التي أعلنتها المملكة العربية السعودية الثلاثاء الماضي، لم تصل أي سفينة تتبع الجهود الإغاثية لمنظمات الأممالمتحدة. لكن المسئول في السلطة المحلية بعدن، أبلغ "المصدر أونلاين" أن سفينة تتبع الأممالمتحدة ستصل ميناء المدينة بعد أيام، وهي أول سفينة إغاثية أممية تصل للمدينة المنكوبة.
ومازالت بعض مديريات المحافظة تشهد معارك ضارية بين الحوثيين ومعهم جنود موالون للرئيس السابق "صالح"، من جهة، ورجال المقاومة الشعبية من جهة أخرى.
وفي السياق، أكد رئيس ائتلاف الإغاثة بمحافظة عدن علي الحبشي، في تصريحات صحفية أن الميناء لم تدخله أية سفن محملة بالأغذية والأدوية منذ 60 يوماً، محذرا من عواقب نفاد مخزون الغذاء، وقال إن المدينة ستدخل منعطفا خطير مع قرب نفاد المخزون الاستراتيجي للغذاء إن لم تتحرك الجهات الإغاثية المعنية. وفي محافظة الضالع، التي ما زالت هي الأخرى تشهد مواجهات عنيفة، أفادت المعلومات أن مليشيا الحوثي وصالح أحتجزت سبع ناقلات نفط بينما كانت في طريقها من عدن إلى المحافظة.
وفي السياق ذاته، أكد نشطاء حقوقيون في محافظة تعز، أن المحافظة لم يصلها شيء حتى اليوم من المساعدات الإغاثية أو الإنسانية أو التموينية من النفط والغذاء. ومازالت المحافظة تغط بالظلام رغم تأكيدات سابقة لقيادات حوثية، أكدت قبل يومين أنه تم إمداد محطة المخأ الكهربائية بالمازوت وأنه سيتم تشغيلها قريبا. ومحافظة تعز، مثلها مثل عدن والضالع، مازالت تشهد حربا ضروسة بين المقاومة وتحالف الحوثي وصالح، حيث أكد بيان سابق للمجلسين العسكري والتنسيقي للمقاومة الشعبية بالمحافظة أن ذلك التحالف المليشاوي خرق الهدنة الإنسانية منذ الساعات الأولى لسريانها.
تناقض الحوثيين يكشف تلاعبهم بالمساعدات جماعة الحوثي، المسيطرة على أجهزة الدولة المعنية الأولى بتوزيع المساعدات لاسيما المشتقات النفطية، التي يتم توزيعها عبر شركة النفط القابعة تحت سيطرة الجماعة، كانت تحججت في حدوث تلك المشاكل، تارة بعدم كفاية كميات الوقود التي وصلت اليمن، وتارة بعدم السماح بدخول السفن المحملة بها إلى اليمن.
وبهذا الخصوص نشرت وكالة سبأ، التي تسيطر عليها جماعة الحوثي، يومنا هذا السبت تصريحات على لسان من وصفته ب"ناطق مجلس الوزراء"، قال فيها إن "المعونات التي وصلت إلى اليمن ضئيلة ولا تفي بالحاجة". وبحسب الوكالة، أتهم هذا الناطق من وصفه ب(العدوان) "بتعمد إبطاء وصول المعونات"، والعمل "على تضييع الوقت بحجج واهية".
كما نشرت الوكالة الإخبارية ذاتها، اليوم أيضا، تصريحات أخرى منسوبة لشركة النفط دعت فيها "للسماح للسفن الموجودة بعرض البحر للدخول للموانئ اليمنية"، محذرة من أن "عدم السماح بدخول المشتقات لليمن، سيؤدي لتفاقم الوضع الإنساني". وتتناقض تلك التصريحات الحديثة مع تصريحات سابقة قريبة للجماعة. فشركة النفط اليمنية، كانت أكدت الخميس الماضي، عبر تصريحات صحفية "وصول كميات من المشتقات النفطية للعاصمة وكافة محافظات الجمهورية". وفقا لما نشرته وكالة سبأ الخميس.
كما أن الشركة ذاتها كانت أكدت أيضا ضمن تلك التصريحات أن "محطات العاصمة ستبدأ بيع المشتقات للمواطنين ابتداء من ليلة الخميس". بل إن شركة النفط ذاتها كانت أكدت عبر في سياق تلك التصريحات أن "المشتقات النفطية التي وصلت كافية لإنهاء الأزمة"..!! وعليه، فمن الواضح أن هذه التصريحات الأخيرة المناقضة لسابقتها، إنما جاءت بعد تصاعد الشكاوى الأخيرة من المواطنين في مختلف المحافظات، سواء التي تم إمدادها بكميات ضئيلة من المشتقات النفطية أم من تلك التي لم تصلها أية مشتقات حتى الأن.
فأمانة العاصمة، على سبيل المثال، تصاعدت الشكاوى بتوقف توزيع البترول وانتهائه من محطات العاصمة، منذ يوم الجمعة، وهو اليوم التالي لتصريحات شركة النفط (الخميس)، بشأن وصول كميات كافية..!! ويتهم المواطنون في أمانة العاصمة، كبقية المحافظات، جماعة الحوثي بالتلاعب بالكميات الموزعة، ومصادرة كميات كبيرة منها لمصلحتها تحت ما يسمى ب"دعم المجهود الحربي".