لماذا اعتقلت قوات الامن والمقاومة الجنوبية اربعة صحفيين في عدن؟!! الاجابة ببساطة: لانهم شماليون.. وليس لانهم صحفيون.. !! (طبعا لا اعتقد ان احدا سيقول لانه ليس لديهم وثائق اقامة). وان كانت الاجابة بسيطة لكنها مفجعة الحقيقة لانها تعني ”عنصرية”.. واذا كان هذا الحال مع صحفيين (يفترض اطلاقهم فورا فور التعريف بانفسهم اقله تجنبا للضجيج ولن يعدموا العشرات غيرهم لاعتقالهم) فكيف هو الحال مع مواطنين عاديين لا احد يفتقدهم؟! طبعا وردت اخبار كهذه تتعلق باعتقالات جماعية لمواطنين شماليين في عدن وسمعت قياديا جنوبيا تافها في قناة تلفزيونية يقول (ربما ساخرا) ان الغالبية من ابناء تعز وانهم سيتولون تدريبهم ودفعهم الى جبهات القتال والمشاركة في معركة تحرير ارضهم في تعز بدل الاستعانة بالمقاومة الجنوبية.!! عودة الى زملائنا الصحفيين.. والقضية هنا متعلقة بانتهاك كرامة انسانية ومواطنة وليس بانتهاك حرية الصحافة!! حتى وان كان في الامر خطأ او تصرفا فرديا اضافيا لمئات التصرفات الفردية الشبيهة فهو مؤشر خطير على وضع اكثر خطورة ومأساوية.. ليس على الشماليين فقط بل وعلى الجنوبيين اكثر.. لا نحتاج للتذكير او التبرير بعنصرية نظام عفاش او حتى بالنسبة لبعض الجهال العميان بعنصرية الشماليين تجاه الجنوبيين فهذا الجدل عفا عليه الزمن.. لا يكفي من بعض العقال المحترمين ان يعزونها الى تصرفات فردية وتراكمات الاحداث خصوصا ان هؤلاء الصحفيين معروفين وهم ممن وقفوا يقفون في خندق واحد مع اخوانهم الجنوبيين في مواجهة الحوثي وعفاش.. حين تصبح العنصرية سلوك اجهزة الامن والميليشيات شبه النظامية فابشروا بحكم اقبح واقذر في تسلطه من حكم علي عفاش والحوثي، وستصبح مرضا يستعصي السيطرة عليه.. من يمارس العنصرية اليوم بحق مواطن شمالي سيمارسها غدا بحق جنوبي حتى وان تحدث الان هو ومؤيدوه بخطاب اخوي جنوبي واحد. فمن يمارس العنصرية اليوم وبشكل عام ضد مواطنين لن يستطيع العيش بدونها وسيكون له سبلا كثيرة لابتكار اسبابها واستهداف فئات باكملها ضمن مجتمعات اصغر وحدود اقل اتساعا كل مرة. لا معنى للحديث عن مدنية الجنوب وثقافة الجنوب وتحضر الجنوب اذا كانت افعال كهذه تكرس بدون رفض واضح وقوي لها حتى وان كانت لها دواع يمكن تسويغها.. علينا ان نتحدث بقوة وصراحة.. هذه الحالة العنصرية اقذر من تلك التي مارسها عفاش طيلة سني حكمه اذ كانت عنصرية نظام تجاه مقدرات وكفاءات، اما هذه فهي عامة وشاملة تجاه جميع مواطني الشمال الماخوذين بجريمة عفاش والحوثي. ثمة اصوات جنوبية تصدح برفض مثل هكذا ممارسات بقوة وانسانية ونزاهة وتجرد.. لكن اكثر الناس انتهازية ووضاعة هم اولئك ”الشماليون” الذين يصمتون عن افعال كهذه تبعا لحسابات متعلقة بتملق الجنوبيين لاجل الوحدة -المعلولة بافكارهم كممارسات المتسلطين في دولتها- او مخافة تشفي الحوثيين والعفاشيين منها. هذه الحالة المرضية المتفاقمة والتي غدت تحظى بغطاء رسمي -وان كان خجولا امام الاعلام متبجحا على الارض- تمس انسانيتنا وكرامتنا جميعا في الصميم. هذه الحالة المرضية الفتاكة لا يغير فيها وفي حقيقة مرضها ان يكون اليمن موحدا او مشطرا او موزعا في اقاليم. هذه الحالة بحاجة الى لجم قوي وفوري من قبل المسؤولين بكافة مستوياتهم وفي مقدمتهم محافظ عدن ومدير الامن وكافة المعنيين في المحافظات الجنوبية الاخرى. هذه الحالة العنصرية بحاجة الى مواجهة قوية وحاسمة اولها من سلطات الدولة الشرعية ممثلة بالرئيس وحكومته الصامتة المسترخية عن ممارسات كهذه وهي تحكم باسم اليمن او حتى ان كانت ستحكم باسم الجنوب، سواء كانت الجمهورية اليمنية او جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية.. بحاجة الى لجم من قبل السياسيين والحقوقيين والصحفيين والنشطاء والمواطنين وكل صاحب انسانية وضمير في الجنوب والشمال على حد سواء وبدون مجاملة قبل ان تستفحل فتستعصي على المواجهة والاحتواء. [email protected]