مؤخراً، أعلنت السلطة –ممثلة بوزارة الإدارة المحلية- عن فتح باب الترشيح والمنافسة في الانتخابات المحلية الداخلية، المقرر عقدها في الخامس من مايو الجاري. ويتردد بأن القيادي في الحزب الحاكم سلطان البركاني –رئيس كتلة الحزب الحاكم- يسعى لدفع شقيقه لخوض غمار المنافسة على منصب أمين عام المجلس المحلي بتعز. حالياً يشغل الشيخ محمد الحاج، هذا الموقع المهم. وهو ما زال يطمح في تجديد المنصب، على الرغم ما من تعرضه للتهميش من قبل المحافظين السابقين. ويقال إن المحافظ الحالي، حمود خالد الصوفي، كانت له حسنة واحدة في بداية عهده، وهي: منح الأمين العام شيئاً من الصلاحيات. إلا أنه عاد وقرر لاحقاً سحب تلك الصلاحيات.. إلا أن ما يمكن استغرابه في هذا الأمر، ما يتردد لدى المقربين في المحافظة، من أن المحافظ الصوفي، مازال يرغب في إبقاء الحاج في منصبه، كأمين عام. هذا ما أكدته مصادر في المحافظة للصحيفة. على أن السبب –بحسب تلك المصادر– يرجع إلى أن مصلحة المحافظ مازالت تكمن في الإبقاء على الرجل المعارض لسياساته –كما يقال- خصوصاً وأن رهاناته فشلت وأن أي شخص جديد لن يقدم شيئاً. إذن، وفي هذه الحالة فقط، يعتقد الكثيرون أنه: لا خير من بقاء الحاج كشماعة لتعليق أخطاء الصوفي عليها! كانت تلك هي المقدمة وإليكم التفاصيل: محافظة تعز لا تخلو – كمثيلاتها – من وجود مراكز قوى، وأخرى أقل قوة. وغالباً ما يحدث الصراع بين تلك المراكز القوية، فيما تظل المراكز الأقل قوة تابعة وداعمة لهذا أو ذاك. في مطلع شهر أبريل الماضي قام أعضاء المجلس المحلي بمحافظة تعز – بحسب المعلومات التي حصل عليها "المصدر أونلاين" - بتعليق أعمال المجلس احتجاجاً على عدم حضور المحافظ جلسة المجلس المنعقدة يوم الاثنين 6 أبريل 2010، وهي الجلسة التي كانت خصصت لسحب الثقة عن مدير عام مكتب المالية. ويعرف الجميع في محافظة تعز أن رئيس السلطة المحلية المحافظ يقف وراء إعادة مدير مالية تعز بعد أن كان أقيل في وقت سابق لأسباب غير خافية على أحد. يذكر أنه حين أستطاع وزير المالية السابق، سيف العسلي، إقالة مدير المالية هذا، هلل أبناء المحافظة واستبشروا خيراً، لكنهم فوجئوا، وعجزت ألسنتهم عن قول شيء حين قرر الصوفي إعادته. وتؤكد المعلومات أن غياب المحافظ عن تلك الجلسة تسبب في إعاقة تلك الخطوة التي كان أعضاء الهيئة الإدارية للمجلس قرروا اتخاذها، الأمر الذي زاد من رفع منسوب حالة الاحتقان والتوتر (التي يقال أنها متفشية داخل أروقة السلطة المحلية بتعز). وتقول المصادر أن أسباب تلك الحالة ترجع أساساً إلى عدم احترام المكاتب التنفيذية لقرارات المجلس المحلي في الغالب. • شوقي هائل في المعمعة في الأيام الأخيرة من الشهر ذاته أوردت مصادر مقربة من رجل الأعمال المعروف، شوقي أحمد هائل سعيد أنعم، اعتزامه تقديم استقالته من رئاسة لجنة التخطيط والمالية بالمجلس المحلي. لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يعتزم فيها شوقي تقديم استقالته، فلطالما أشارت وسائل الإعلام إلى مثل ذلك الخبر بين الحين والآخر. وفي حين يعتقد أن السبب الرئيسي في تقديم الاستقالة الأخيرة يرجع إلى خلافات داخلية كبيرة في المجلس المحلي للمحافظة، إلا أن هناك من يعتقد أن الأمر قد يتعلق برغبته في الترشح لمنصب الأمين العام. الأمر الذي يقول البعض أنه يكدر مزاج المحافظ الصوفي، وبالتالي تفضيله الإبقاء على الأمين العام الحالي. غير أن المثير للدهشة هو: لماذا قد يسعى شوقي نحو اتخاذ هذه الخطوة على الرغم أنه يوصف بالمحافظ "الفعلي" لتعز..! لست مبالغاً في هذا التوصيف، فالكثيرون يدركون في قرارة أنفسهم، أن مجموعة هائل سعيد أنعم هي من تدير المحافظة "الحالمة"! وبالأخص منهم شوقي المعروف بسخائه. علاوة على ذلك، إنه رجل بيت هائل الوحيد الذي قرر أن يشتغل في العمل السياسي ويتصدى للعمل الإداري ذو الطبيعة الحكومية المملة. يعتقد البعض أنه سواء كان "شوقي" موجوداً أم لا، فزمام السلطة تمسك به المجموعة التي استطاعت عبر صرفها للهبات والمساعدات -السنوية منها لأبناء المحافظة، أو المعونات التي تقدم للمحتاجين والفقراء بشكل يومي، أو المشاريع الكبيرة التي تقدمها للمحافظة- من إحكام قبضتها على السلطة التي لا يمكن لأي من قياداتها المتعاقبة أن تتحرر من الانصياع لرغبات بيت هائل. يفضل البعض الحديث عن دور سلطة المال، المسيطرة دائماً على قوة السلطة الإدارية. وهو أمر لا يمكن تجاهله ليس على مستوى اليمن فحسب، بل على مستوى العالم. إن كان الحال كذلك إذن، يتساءل آخرون: لماذا لم تقم المجموعة بدفع شوقي لتولي منصب المحافظ أو على الأقل نائب المحافظ؟ خصوصاً وأن المنصب الذي يتولاه حالياً لا يعكس بأي حال من الأحوال - ثقل المجموعة..! ربما الإجابة المقنعة لذلك التساؤل تكمن في أن المجموعة مازالت تفضل الأخذ بالقاعدة القائلة: "لنأخذ من خيرها.. ونهرب من شرها". على أن المجموعة التي ظلت تتحاشى الدخول في معمعة السياسة بشكل مباشر، مفضلة الانكفاء على حصد الثروة والاهتمام بإمبراطوريتها المالية الكبيرة، لم تكن لتمانع من ولوج المعترك السياسي. كانت الفكرة قائمة إلا أن الشخص والموقع المناسب لم يكونا قد تشكلا بعد. فإلى جانب مجلس النواب التشريعي (الصورة الهادئة لممارسة السياسة)، فتحت الانتخابات المحلية (2002) المجال أمام أحد أحفاد هائل سعيد أنعم. كان الرجل المناسب هو "شوقي أحمد هائل"، الذي وجد في نفسه رغبة قوية في ولوج المحرم السياسي، وكان المكان المناسب، مقعد في أعلى هرم السلطة المحلية بالمحافظة. لا يهم مسمى ذلك المقعد، بقدر أهمية التواجد في أعلى هرم سلطة المحافظة التي أنشأت عليها امبراطوريتها. في السابق عرف "شوقي" في محافظة تعز، حبه وولعه ودعمه للرياضة، ربما كان هذا هو الأمر الذي سهل مهمة دخوله المعترك السياسي برصيد كبير. وبالطبع لا يمكن في هذه الحالة تجاهل سلطة المال القوية دائماً، ومكانة بيت هائل سعيد وبالتالي أحفادهم في محافظتهم. ظل الاعتقاد السائد لدى أبناء محافظة تعز أنه إذا ما سلمت قيادة المحافظة لبيت هائل سعيد –ذات الرصيد الكبير من التفوق المدعم بالكفاءة الإدارية- فإن النجاح والتطور سيكون هو الحليف الدائم للمحافظة، وذلك لما يتمتعون به من نفوذ وقدرات وحس إداري. لعل الفرصة الآن مواتية لتحقيق ذلك، خصوصاً إذا ما تقدم "شوقي أحمد هائل سعيد أنعم" لترشيح نفسه لمنصب الأمين العام للمجلس المحلي بالمحافظة. حينها لا يمكن لا لقوة سلطة الحزب تحقيق رغبة سلطان البركاني في أخيه، ولا لقوة سلطة الموقع أن تبقي على رغبة المحافظ بالتجديد للأمين العام الحالي.. غير أن سلطة واحدة يمكنها أن تفرض نفسها في هذه الحالة. تلك هي: سلطة الخلافات التي يفترض أن تنشب بين أعضاء الحزب الحاكم. إذن: هل يمكننا الحديث - مستقبلاً - عن توتر العلاقات بين الشيخ سلطان البركاني (وهو الذي يعتقد أنه الرجل الأقوى في المحافظة بسلطته المستمدة من موقعه في الحزب الحاكم)، وبين شوقي أحمد هائل (وهو الذي يعتقد أن لا أحد يمكنه أن يقف في وجه قوة امبراطورية بيت هائل)..؟ وما مصير العلاقة بين الأخير والمحافظ (المستمد سلطته من موقعه كمحافظ فقط)..؟ هذا ربما ما ستقوله الأيام القادمة.
لقراءة تقارير مفصلة عن التنافس في أهم المحافظات اليمنية، اضغط هنا