أصدرت السعودية قراراً ملكياً، السبت 7 مايو/أيار 2016، بإعفاء وزير الطاقة علي النعيمي من منصبه كجزء من حركة تعديلات حكومية مستمرة، وتعيين وزير الصحة السابق الرئيس التنفيذي السابق لشركة أرامكو النفطية العملاقة مكانه. النعيمي كان بمثابة أحد ركائز السياسة النفطية السعودية، حيث قاد الوزارة منذ عام 1995، كما كان قبلها رئيساً لشركة أرامكو العملاقة أيضاً، وفقاً لما نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية. ومع القيادة السعودية الجديدة وعلى رأسها الملك سلمان، يسعى ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان نحو تبني سياسة اقتصادية جديدة بمساعدة مجموعة من الوزراء الجدد، حيث تأتي التغيرات التي تم إعلانها اليوم كجزء من خطط الحكومة لإصلاحات واسعة المدى تهدف إلى تقوية الاقتصاد السعودي في ظل الأسعار المنخفضة للنفط، التي قلصت من إيرادات الدولة.
هيمنة السعودية على سوق النفط
عبر التاريخ هيمنت السعودية على الحصة الكبرى من سوق النفط؛ نظراً لكونها أكبر منتجي النفط في العالم، وكان لها القدرة على التحكم في أسعاره من خلال تقليص أو زيادة حجم إنتاجها، وهو ما أعطى النعيمي نفوذاً استثنائياً في اجتماعات منظمة أوبك للدول النفطية، حيث دائماً ما كانت لكلماته الموجزة في مؤتمرات أوبك أثرٌ مباشرٌ في تغيير أسعار النفط عالمياً. قاد النعيمي أيضاً استراتيجية أثارت الجدل كثيراً خلال العامين الماضيين، حيث اعتمدت على الحفاظ على مستويات إنتاج مرتفعة على الرغم من انخفاض أسعار النفط في محاولة للإطاحة بالنفط الأميركي من السوق، إلا أن هذه السياسة قادت في النهاية إلى زيادة العرض. وفي حديث له في فبراير/شباط الماضي في مدينة هيوستن بالولاياتالمتحدة، دافع النعيمي عن تلك الاستراتيجية، حيث زعم أن خفض السعر من جانب الدول التي تنتج النفط بتكلفة قليلة مثل السعودية يساعد الدول التي تنتجه بتكلفة مرتفعة. وشرح النعيمي: "يجب على منتجي النفط عالي التكلفة أن يجدوا طريقة لتقليص نفقاتهم، وإلا لن يكون أمامهم سوى الاقتراض أو تصفية أعمالهم". وأضاف: "ربما يبدو الأمر قاسياً، ولكنه كذلك بالفعل، لأن هذه هي الطريقة الوحيدة لإعادة التوازن إلى السوق". وكان انخفاض أسعار النفط في منتصف عام 2014 قد قاد السعودية إلى عجز في ميزانية الدولة بقيمة 100 مليار دولار العام الماضي، في حين أنه من المتوقع حدوث عجز هذا العام بقيمة 87 مليار دولار. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتقليص الاعتماد على صادرات النفط، مازالت تلك الصادرات تمثل أكثر من 70% من عائدات السعودية في 2015. ومن بين التغييرات التي يخطط لها الأمير محمد بن سلمان، أعلن خلال الشهر الماضي عن خطة لطرح أقل من 5% من أسهم أرامكو للاكتتاب العام ضمن خطته للإصلاح الاقتصادي وتقليص الاعتماد على النفط. وتسيطر أرامكو على أكبر احتياطي للنفط في العالم، كما تنتج ما يقارب 10 ملايين برميل يومياً، ما يعطيها تأثيراً ضخماً على سوق الطاقة العالمي، وهو ما قاد ولي ولي العهد لتقييم قيمة الشركة بأكثر من تريليوني دولار. خلال السنوات الماضية، دائماً ما حاول مراقبو سوق النفط التنبؤ بإعفاء النعيمي (81 عاماً) من منصب وزير الطاقة. وكان النعيمي قد وُلد في المنطقة الشرقية بالسعودية، ودرس الجيولوجيا في الولاياتالمتحدة في ستينات القرن الماضي، ثم تولى منصب وزير البترول والثروة المعدنية قبل أن يتم تغيير اسمها إلى وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية.
وزير من أرامكو
الوزير الجديد خالد الفالح كان قد قضى حياته المهنية بالكامل في أرامكو، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في الهندسة الميكانيكية من جامعة تكساس أيه آند إم الأميركية، قبل أن يحصل على الماجستير في إدارة الأعمال من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن. وبخلاف منصبه كوزير للصحة، شغل الفالح منصب المدير التنفيذي لأرامكو منذ عام 2009 حتى مايو/أيار 2015. وكانت التعديلات الوزارية قد أُجريت بأوامر ملكية اليوم كجزء من إعادة هيكلة الحكومة، حيث تم تغيير 6 وزراء من بينهم النعيمي. وتشمل الوزارات الأخرى التي شهدت تغييراً وزارة الحج، ووزارة التجارة والصناعة، ووزارة الشؤون الاجتماعية، ووزارتي الصحة والنقل. وشهدت وزارة الحج إعفاء الوزير بندر حجار، الذي شهد عهده كارثة الحج المأساوية العام الماضي والتي قتل خلالها أكثر من 100 حاج بسبب انهيار رافعة، بالإضافة إلى مقتل 2400 حاج نتيجة للتدافع، حيث تم تعيين محمد بنتن بدلاً منه. وبينما انتقل الفالح لوزارة الطاقة بدلاً من الصحة، تولى فوزان الربيعة (وزير التجارة والصناعة السابق) منصب وزير الصحة، في حين تم تعيين ماجد القصبي في منصب وزير التجارة والاستثمار بعد إعفائه من منصب وزير الشؤون الاجتماعية، بينما سيتم دمج وزارتي الشؤون الاجتماعية والعمل تحت مسمى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية.
- هذا الموضوع مترجم عن صحيفة The New York Times الأميركية.