ينظر كثير من مواطني السودان، إلى قرار رفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية عن بلادهم، باعتباره العصا السحرية التي ستحول حياتهم إلى نعيم الرفاهية، بعدما ظلت الحكومة على مدى 20 عاماً تبرر أسباب تدهور الأوضاع الاقتصادية بالحظر المفروض. ومساء الجمعة الماضية، قررت الإدارة الأمريكية رفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 12 من أكتوبر/تشرين أول الجاري.
ولم يتضمن القرار رفع أسم السودان من قائمة الخارجية الأمريكية للدول "الراعية للإرهاب"، المدرجة عليها منذ 1993، ما يعني استمرار بعض القيود التي تشمل حظر تلقي المساعدات الأجنبية، أو شراء السلاح.
وأبدى مسؤولون وخبراء اقتصاد في أحاديث مع "الأناضول"، مخاوف من عدم وجود أثر ايجابي كبير على قرار رفع العقوبات، حال لم تتخذ الدولة بعض الإجراءات والإصلاحات الاقتصادية العاجلة.
وحرمت العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ 1997، المصارف السودانية من استقبال أو إرسال أية تحويلات خارجية عبر المصارف، وفرضت عقوبات على البنوك المخالفة.
خلال العقدين الماضيين، عجزت الحكومة السودانية عن استقبال أية شركات أوروبية أو أمريكية للاستثمار في موارد البلاد المختلفة، ما أفقدها رؤوس أموال أجنبية.
** تغيير السياسات
أكد أسامة فيصل، وزير الدولة في وزارة الاستثمار، على أهمية تغيير السياسات الجاذبة للاستثمار لمواكبة الفترة المقبلة، التي ستشهد إقبالا من الشركات الأمريكية والأوروبية على السودان.
وقال فيصل في تصريح للأناضول، إن وزارته عازمة على الإعلان عن قانون استثمار جديد وإصلاحات هيكلية واقتصادية، تواكب القرار الأمريكي برفع الحظر الاقتصادي عن بلاده.
العقوبات الأمريكية، دفعت الحكومة السودانية طوال عقدين، إلى تجميد وعدم تحديث العديد من المحفزات الاستثمارية للأجانب بسبب قيود جذب الأموال من الخارج.
من جانبه، "عبدو داؤود" وزير الدولة في الصناعة، قال إنه لا يرى تحديات من شأنها عدم قدرة الاقتصاد القومي من الاستفادة بشكل أمثل من رفع العقوبات الاقتصادية عن كاهل البلاد.
وقال الوزير السوداني في تصريح للأناضول، إن بلاده على أهبة الاستعداد للاستفادة من الحقوق السودانية التي استعادتها الدولية بعد القرار الأمريكي، خاصة المتعلقة بجلب التقنيات والتكنولوجيا الأمريكية.
وتعول القطاعات الزراعية والصناعية والتعدينية، على استخدام التقنية الغربية والتكنلوجيا، لزيادة الإنتاج والإنتاجية ورفع حصة الصادرات السودانية في الأسواق العالمية.
وتعمل قطاعات الزراعة والتعدين على وجه الخصوص، بأدوات تقليدية وبدائية، دفعتها للبقاء في مستوى إنتاج ضئيل لا يكف حاجة السوق المحلية.
** سياسات تحفيزية
وقال إبراهيم أبو بكر، رئيس غرفة المعادن في اتحاد الغرف التجارية (أهلية)، إن الحكومة السودانية تأخرت في إجراء إصلاحات قبل قرار رفع العقوبات الاقتصادية، تشمل سياسات تحفيزية للقطاع المنتج.
وأشار أبو بكر في تصريح للأناضول، إلى ضرورة إسراع الحكومة السودانية بالإعلان عن سياسات جديدة للصادرات، من جانب وزارة المالية وبنك السودان تجنبا لعدم تضرر القطاعات المنتجة.
وبحسب تقرير ممارسة أنشطة الأعمال 2017، الصادر عن البنك الدولي في أكتوبر/ تشرين أول 2016، احتل السودان المرتبة 168 عالميا من أصل 190 اقتصادا.
وتراجع ترتيب السودان في 8 معايير من أصل 10، يقاس على إثرها تطور الدولة في مجال فتح مشاريع استثمارية جديدة والتعامل مع المشاريع القائمة، مقابل ارتفاع معيار واستقرار آخر.
الخبير الاقتصادي، هيثم محمد فتحي، شدد على أهمية تحسين مناخ الاستثمار وتخفيف العوائق أمام المستثمرين، مع محاولة تسوية النزاعات الداخلية بالسودان.
واشار فتحي، إلى أهمية وضع سياسات تعمل على سهولة في التعاملات وحركة الصادرات والواردات وتوفير النقد الأجنبي عبر إدارة الاستيراد.
وفي يناير/ كانون ثاني 2017، أمر الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ 1997.
لكنه أرجأ دخول القرار حيز التنفيذ حتى يوليو/ تموز من العام ذاته، كمهلة تهدف ل "تشجيع الحكومة السودانية على المحافظة على جهودها المبذولة بشأن حقوق الإنسان، ومكافحة الإرهاب".
وعاد الرئيس الحالي، دونالد ترامب، عندما تولى الحكم، وأرجا رفع تلك العقوبات حتى 12 أكتوبر/تشرين أول المقبل.