نفى مسؤول بنكي رفيع في أحد البنوك الأهلية اليمنية ل"المصدر أونلاين" صحة تقارير تحدثت عن أن البنوك المحلية اليمنية لاتزال تشتري الدولار بالسعر الرسمي المعتمد في صنعاء بقيمة 250 ريال للدولار الواحد. وأكد انه منذ صدور قرار التعويم أصبحت البنوك تتعامل بسعر البنك المركزي بعدن مع فارق طفيف لوقف الركض وراء سوق سوداء منفلته لا نهاية لها ولا سقف.
وكان المسؤول البنكي، يرد على بحث لمركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، نشر المصدرأونلاين تقريراً عنه نهاية سبتمبر الماضي، أشار لاستفادة البنوك المحلية من حوالات المنظمات الدولية والانسانية العاملة في اليمن في تعظيم ثروتها من خلال تعاملها بالسعر الرسمي القديم (250 ريالاً للدولار).
واستغرب المسؤول البنكي، في حديثه لموقع "المصدر أونلاين" ما وصفه ب"جرأة" التقرير على الجزم وبشكل قاطع أن تلك الفوارق ذهبت لصالح تعظيم ثروات البنوك "ولم تستخدم بأي طريقة واضحة لدعم استيراد السلع الغذائية الأساسية".
وقال "كان حرياً بمعدي التقرير مراعاة منهجية البحث والتواصل مع بعض البنوك المحلية للتأكد من صحة المعلومة وكنا على اتم الاستعداد للتعاون معهم وإثراء التقرير بتوصيات مجدية والإجابة على اسئلتهم، دون الاكتفاء باستقاء المعلومات من طرف واحد".
وأكد أن لدى بنكه تقارير توضح حجم مشتريات البنك من الدولار بسعر 250 ريال وبيعه بسعر 251 ريال لعملاء المواد الأساسية الأمر الذي كان يسهم في استقرار الدولار نوعاً ما، في الوقت الذي كان فيه سعر الدولار في السوق السوداء قد وصل إلى حدود 300 ريال ثم 320 ريال.
ونفى أن تكون البنوك المحلية لاتزال تشتري الدولار بسعر 250 ريال، معتبراً هذا الأمر غير صحيح.
وأضاف "بعد صدور قرار التعويم أصبحنا هنا في صنعاء نشتري الدولار بسعر يقارب السعر الصادر عن البنك المركزي في عدن أي بنقص يبلغ أقصاه 3% عن سعر البنك في عدن".
ولفت أن هذا النقص معروف لدى البنوك وكبار الصيارفة تبعاً لأن سعر الصرف في المناطق الجنوبية دائماً أعلى من المناطق الشمالية بهذه النسبة تقريباً.
وبين أن ذلك الفارق البسيط يهدف أيضا لمحاولة كبح جماح السعر المنفلت وايقاف السوق من الركض وراء سوق سوداء ليس لها نهاية أو سقف، "وفي هذه الحالة نقوم ببيع الدولار بقارق ريال أو ريالين ونحرص أن تكون مقابل اعتمادات او حوالات متعلقة بمواد أساسية".
المسؤول البنكي، وهو بدرجة مدير عام، فضل عدم الكشف عن اسمه، أو عن اسم بنكه، تبعاً لحساسية التعاملات البنكية، فضلاً أن التقرير لم يكشف عن مصادره أيضاً.
وكشف أن كثيراً من المنظمات الدولية قامت بتغيير عقود الخدمات والشراء مع مورديها إلى الدولار الامريكي.
وأشار أنه على سبيل المثال "وصلت الحوالات الواردة في شهر واحد لصالح المنظمات 98 مليون دولار، تم بيع 12 مليون دولار منها فقط بسعر البنك المركزي في عدن، وبقية المبلغ تم سدادها مقابل مدفوعات بالدولار الأمريكي".
واقترح على الأممالمتحدة والبنك الدولي –إن كانت فعلا تريد تخفيض سعر العملة ودعم المواد الاساسية- "حلا سهلا" يتمثل في قيامها بضخ المساعدات بالعملة الصعبة كودائع سنوية لدى البنوك على أن تتكفل البنوك بالقيام بالاستعاضة للمواد الأساسية بنفس نظام الاستعاضة للقمح والأرز الذي كان يعمل به البنك بسعر 250 ريال، أو بسعر معقول متفق عليه.
وأشار بأن البنوك المحلية ستعمل على ضخ الريال إلى المنظمات ومخالصة أرصدة الودائع سنوياً مع البنك الدولي وهذا سيضمن بقاء سعر القمح والأرز وغيره من المواد الأساسية مستقراً، ويسحب الضغط الذي تمثله القيمة اللازمة لشراء هذه السلع على السوق والذي يزيد من الطلب بشكل غير منظم".
وفي ختام تعقيبه أكد المسؤول البنكي أنه يتفق تماماً مع التقرير في موضوع كارثية قرار التعويم معتبراً إياه ليس حلاً.
وقال "في ظل منافسة في سوق سوداء بلا نهاية مشيراً أن الدولار ارتفع منذ صدور القرار بنحو 30 ريالاً في سوق صنعاء و40 ريالاً في سوق عدن، خلال شهرين تقريباً.
وبلغ متوسط سعر صرف الدولار مقابل الريال وفقاً لاستطلاع مراسل المصدر اونلاين في صنعاء، حوالى 390 ريالاً للدولار الواحد في محلات الصرافة الشهيرة، فيما تتفاوت الاسعار في محلات الصرافة الناشئة والتي انتشرت بالعشرات في غضون العامين الاخيرين.
وكان المصدر أونلاين نشر تقريراً عن بحث اقتصادي أجراه مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية نهاية سبتمبر الماضي، أوصى فيه باعتماد سعر خاص "ومتحرك" لصرف الدولار مقابل الريال اليمني يخصص لصرف أموال المساعدات الإنسانية، ويعتمد على متوسط سعر صرف الدولار في السوق خلال 3 أشهر.
ودعا التقرير للتنسيق بين البنك المركزي والبنوك المحلية والمنظمات الانسانية لضمان استخدام المبالغ المصرفة بالسعر الخاص لدعم استيراد السلع الغذائية، الامر الذي يسهم في استقرار سعر العملة والسلع الأساسية.
وبين مركز صنعاء للدراسات أن عدداً من المنظمات الدولية لازالت تلتزم بصرف تحويلاتها بالسعر الرسمي (250 ريال مقابل الدولار) رغم انخفاض قيمة الريال في السوق المحلية.
وأشار إلى أن البنوك لا زالت تبقي على تعاملها بالسعر الرسمي مع تحويلات المنظمات الانسانية الدولية رغم أنها تجري تعاملاتها اليومية بسعر صرف السوق منذ منتصف عام 2016، ما يتيح لها ربحاً سريعاً حيث تشتري الدولار ب68% من قيمته، فيما يذهب الفارق لصالح البنوك، على حساب المستفيدين من التحويلات في اليمن.