يبدو أن الانقلابيين في اليمن لم يفهموا بعد اختلاف المعادلة عن السابق ليوقفوا مسلسل العبث الذي بدؤوه، أو أنهم يصرون على المكابرة وقد أخذتهم العزة بالإثم رغم ما يصعقون به كل يوم. فما كانوا يحتفلون به كانتصارات تباركها طهران، تحول إلى هزائم متلاحقة، ولا تكاد تمر ساعة إلا وقد جروا أذيال الخيبة من أحد المواقع التي اعتقدوا في مرحلة سابقة أنها صارت تدين لهم. بعد طرد الحوثيين وأتباع المخلوع صالح من عدن وما حولها، ثم إخراجهم من قاعدة العند العسكرية وما رافق ذلك من دمار مادي ومعنوي لميليشياتهم، تتابع المقاومة الشعبية والجيش اليمني بدعم جوي من التحالف العربي مهمة تطهير اليمن من أذناب طهران، وتكاد تعز تصبح محررة بالكامل، وفي لحج وقبلها في العند وعدن وغيرها عانى الانقلابيون الويلات خلال اليومين الماضيين بسقوط المئات من عناصرهم ما بين قتلى وأسرى، وأما الذين يفرون من المواجهات في كل منطقة تتحرك صوبها المقاومة الشعبية أو تقتحمها، كما حدث أمس في جبهات الضالع، فقد وقعوا في شر أعمالهم؛ لأن التحاقهم بباقي الميليشيات شبه مستحيل مع قطع طرق الإمدادات بين المجموعات الانقلابية، وما من خيار أمامهم سوى الاستسلام. إلى ذلك، تعطي أخبار انشقاقات كثير من عناصر الميليشيات الموالية للمخلوع ورفض ضباط في الحرس الجمهوري القتال ضد المقاومة الشعبية في أكثر من منطقة مثل عدنولحج ومأرب، مؤشرا على مرحلة انهيار وشيك في صفوف الانقلابيين الحوثيين الذين لم يتحركوا لتنفيذ مخططهم باحتلال صنعاء والمواقع الأخرى إلا اعتمادا على تواطؤ ومساعدة أعوان المخلوع، وحين يتخلى أعوانه عنه، لن يجد الحوثيون من يتابع معهم مهمتهم الدنيئة. وعليه، من السذاجة المطلقة أن يعتقد الانقلابيون أنهم يستطيعون الصمود طويلا، ومن الغباء السياسي أن يحسبوا أن قصف الأحياء السكنية عشوائيا يغيّر أهداف الحرب ضدهم، فلا نهاية لعمليات مطاردتهم في كل شبر من اليمن إلا بإعلان استسلامهم وتطبيق قرار مجلس الأمن 2216 والانسحاب من المواقع التي احتلوها، تمهيدا لعودة الشرعية لليمن، ومن ثم العمل على ترسيخ دعائم استقراره وتنميته.