وعلى الصعيد العملي تتضح ملامح العلاقة الإيرانية الحوثية من خلال ما تذكره بعض المصادر من ان مواد التعبئة المعنوية الحوثية من انتاج إيراني وتحوي أفلاما عن الحرب العراقيةالإيرانية وافلاما عن مقتل الحسين في كربلاء، وافلاما عن عمليات حزب الله ضد الجيش الإسرائيلي، ويساعد الحوثي في إدارة التوجيه المعنوي طاقم من الشيعة اللبنانيينوالعراقيين، وافرادا من الحرس الثوري الإيراني، وتشير المصادر الى ان المناورات والتدريبات التي كان الحوثي يجريها من فترة الى أخرى، كانت تتم بإشراف مدربين وخبراء من الحرس الثوري الإيراني. (عادل علي نعمان الاحمدي: 2007م، 177). وتتضح جذور العلاقة المتينة بين الإيرانيين والحوثيين من خلال الزيارة السرية المبكرة، التي قام بها حسين بدر الدين الى إيران عام 1986م، اذ يصف عبد الرحيم الحمران أجواء تلك الزيارة بانها كانت صعبة ومضنية، ويصف الحوثي بانه كان ثوريا من الطراز الأول، وقد أجهد نفسه كثيرا، اذ مكث في سوريا أكثر من شهر حتى استطاع الدخول الى إيران، وبقي فيها 18 يوما، التقى خلالها شخصيات دينية شيعية عراقية وايرانية، وكان يفكر في الانخراط في فيلق بدر الذي كان قيد التأسيس للدفاع عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية انذاك، وزار حسين بدر الدين الحوثي العتبات المقدسة في العراق عام 1990م. (عبد الرحيم الحمران: 2015م). ومما يؤكد تطور العلاقة الحوثية الإيرانية لجوء بدر الدين الحوثي وابنه حسين الى إيران عام 1994م، خوفا من أي ردة فعل غاضبة تقوم بها الحكومة اليمنية ضدهما، بسبب تأييدهما للحزب الاشتراكي اليمني في حرب صيف عام 1994م، وقد اقاما هناك عاما كاملا وحظيا برعاية وحفاوة من النظام الإيراني، الذي تربطه بالحوثيين علاقات عقائدية شيعية طائفية، وعلاقات عرقية تتمثل بالانتماء الى العائلة الهاشمية. (سلطان الذيب: 2009). تسعى إيران الى تحقيق اهداف سياستها الخارجية القائمة على أساس ديني، وذلك بالعمل على نشر الاسلام الشيعي وفق النموذج، الذي بلوره الخميني والمتمثل بولاية الفقيه، والذي يعتمد على توسيع الحوزة العلمية في مدينة قم الإيرانية ومنحها دور أكبر في نشر القوة الناعمة لجمهورية إيران الإسلامية، لذا سعت إيران ومن خلال الحوثيين في اليمن الى استقطاب العديد من الطلاب، للدراسة في الجامعات الإيرانية وفي الحوزة العلمية، من اجل استخدامهم كسفراء لنشر رسالة إيران الدينية والثورية والإعلامية والثقافية والسياسية، وفي هذا الصدد قدمت ايران ومن خلال الحوثيين العديد من المنح الدراسية للطلاب اليمنيين، وشجعت ايران البعثات العلمية والزيارات الاكاديمية وتسهيل كل ما يتعلق بذلك، كما نظمت ايران ومن خلال الحوثيين زيارات تثقيفية للعديد من الصحفيين والكتاب والمثقفين والمحامين والناشطين السياسيين والحقوقيين، ودعمت ايران الحوثيين على إقامة الندوات العلمية، والأنشطة الثقافية، وانشاء المراكز والمكتبات العامة، وانشاء الجمعيات المتنوعة ذات النشاطات الاجتماعية والثقافية والسياسية، واحياء الاحتفالات الشيعية مثل عيد الغدير وذكرى عاشوراء وذكرى يوم القدس العالمي وغيرها من المناسبات الشيعية الإيرانية. (إبراهيم منشاوي: 31-01-2016م). وفي إطار الدعم الإعلامي الذي تقدمه إيران للحوثيين، قامت طهران ومن خلال التعاون مع حزب الله اللبناني بإنشاء وتمويل عدد من القنوات الفضائية التليفزيونية، التي تتخذ من الضاحية الجنوبية في بيروت مقر لها، تحت رعاية وحماية حزب الله اللبناني الموالي لإيران، ومن هذه القنوات، قناة المسيرة التابعة للحوثيين، وقناة الساحات، وقناة الميادين، وقد استطاعت ايران بالتعاون مع الحوثيين استقطاب كوادر إعلامية يمنية بارزة من مختلف المحافظاتاليمنية لمساندة مخططها الرامي الى السيطرة على اليمن وجعله ضمن مناطق النفوذ الإيراني، اذ تشير تقارير الى ان ايران استقدمت (1300) اعلامي يمني تم تدريبهم في عدة دول مثل لبنانوالعراقوايران، ولكن حزب الله اللبناني اخذ نصيب الأسد في هذه المهمة، فهوى من تولى تدريب معظم العناصر الإعلامية الحوثية، حيث كان يتم نقلهم من صنعاء الى بيروت واخضاعهم لدورات تدريبية في مجال العمل الإعلامي ومن ثم اعادتهم الى اليمن للعمل في الميدان كمراسلين ومصورين ومحرري اخبار وتقارير صحفية وكذلك العمل في مجالات التقنيات والبرمجيات المتخصصة بالبث عبر الأقمار الاصطناعية والإخراج والتقديم في القنوات الفضائية والاذاعات، وفي مجال الاعلام المكتوب، والورقي والالكتروني وغير ذلك، ويذكر ان مؤسسة المنار اللبنانية التابعة لحزب الله سخرت كوادرها لتدريب الإعلاميين الحوثيين واشرفت على انشاء الوسائل الإعلامية التابعة للحوثيين، وهذا يكشف حجم التعاون الكبير بين الحوثيين والإيرانيين وحزب الله اللبناني، ومن بين القنوات الأخرى التي تدعم الحوثيين، قناة المنار وعدن لايف، والأنوار الأولى، والمعارف، وفورتين، والفرات، وبلادي، والغدير، والأوحد، والعهد، والمسار الأولى، والكوت، والعالم، وطه، وبرس تي في، والدعاء، والوحدة، والمهدي، والصراط، وكربلاء، والسلام، وقناة النجف، والوطن للجميع، والحجة، والكوثر، ونحن، والإمام الحسين، والنعيم، والزهراء، والثقلين، والإمام الرضا، والولاية. (إبراهيم منشاوي: 31-01-2016م).