أقمار صحيفتي 26 سبتمبر واليمن يضيئون سماء جبهة الإعلام المقدسة    سياسي عراقي: محاولات الكيان الصهيوني لاختراق اليمن عبر المرتزقة مصيرها الفشل    يوفنتوس يعمق جراح إنتر برباعية    أتلتيكو يستفيق ب «الغواصات الصفراء»    نابولي يعود بالنقاط الثلاث من فيورنتينا    أحلام تُطرب جدة    الدكتور عبدالله العليمي نائب رئيس مجلس القيادة يقوم بزيارات ميدانية في عدن    اليونايتد ضد السيتي.. ديربي مداواة الجراح وتخطي البداية المخيبة    منظمة صحفيات بلاقيود: مجزرة إسرائيل بحق الصحفيين جريمة حرب    الكشف عن 85 جريمة مجهولة    صحيفة صهيونية: اليمن يقف "عقبة" أمام "التطبيع"    اليوم العالمي للقانون: نحو تعزيز سيادة القانون في عدن والجنوب    العليمي متهم من أعضاء الرئاسي بإفشال عمل المجلس    شباب المعافر يصعق شعب إب ويتأهل إلى نصف نهائي بطولة بيسان    الدوري الايطالي ... يوفنتوس يحسم لقاء القمة أمام إنتر ميلان برباعية    بايرن ميونيخ يضرب هامبورج بخماسية    ما أجمل روحك وإنسانيتك، قاضي حاشد    ماسك يدعو إلى حل البرلمان البريطاني    صنعاء.. الغرفة التجارية بالأمانة تصدر البيان رقم (1) التصعيدي ضد الجمارك    عدن .. مصلحة الجمارك تضع اشتراطات جديدة لتخليص البضائع في المنافذ الجمركية    في محراب النفس المترعة..    سارة قاسم: الإصلاح منح المرأة مكانتها ورسخ حضورها في مختلف المستويات    الوزير البكري يطلع على استعدادات فريق تضامن حضرموت لبطولة كأس الخليج للأندية    تعز.. مقتل مواطن إثر خلاف تطوّر من عراك أطفال إلى جريمة قتل    مدير عام المنصورة يؤكد على الاهتمام بشريحة ذوي الاحتياجات الخاصة    سلطة بن الوزير تفشل في الإستفادة من الشمسية الإماراتية والانقطاعات تتضاعف    الأربعاء الدامي في صنعاء .. جريمة حرب وفاشية جديدة في استهداف الصحافيين    هيئة الآثار تصدر العدد ال 18 من مجلة ريدان    انهيار وشيك لمجلس القيادة الرئاسي اليمني.. والرياض تتحرك لاحتواء الموقف    الإصلاح.. صمود وتضحيات من أجل الثوابت الوطنية    الداخلية : ضبط 161 متهما بينهم مطلوبون أمنياً في محافظة اب    الاطلاع على أضرار السيول بالجدار الساند لحي وطن في مديرية السدة    مجلس الأمن يجدد التزامه بوحدة وسيادة واستقلال اليمن ويدين احتجاز المليشيا موظفين أممين    العلامة مفتاح يواصل زياراته التفقدية للوزارات    بدء أعمال المؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم في صنعاء    مدير عام مديرية البريقة يتفقد عدداً من مناطق المديرية    محافظ حضرموت يبحث مع أورتسلا صيانة محطات الكهرباء    الأرصاد يتوقع هطول أمطار رعدية على أجزاء من المرتفعات والسواحل    سريع يعلن عن عملية عسكرية بصاروخ انشطاري متعدد الرؤوس    شرطة الممدارة تستعيد حافلة مسروقة وتضبط المتهمين    مستشار الرئيس الفلسطيني: دماء أطفال غزة أحيت الضمائر    القبض على متهم بجريمة قتل والشروع في قتل رجل وامرأة    بعد غياب 4 سنوات.. أحمد حلمي يعود إلى السينما بفيلم جديد    حين احتملنا ما لا يحتمله جبل    مجلس الأمن يدين الهجوم الإسرائيلي على الدوحة و يؤكد دعمه القوي لسيادة قطر    الانتظار الطويل    اليمن كل اليمن    العليمي وشرعية الأعمى في بيت من لحم    توقف مصنع سجائر محلية الصنع وسط انتشار انواع من السجائر المهربة    رابطة علماء اليمن تدعو للصلاة بنية الفرج والنصر لأهل غزة    مركز الهدهد يدين العدوان الصهيوني على المتحف الوطني بصنعاء    الارياني: عودة 16 قطعة أثرية إلى اليمن تتويج لجهود حكومية ودبلوماسية    6 نصائح للنوم سريعاً ومقاومة الأرق    إصلاحيون على العهد    الصحة تغلق 4 صيدليات وتضبط 14 أخرى في عدن    إغلاق صيدليات مخالفة بالمنصورة ونقل باعة القات بالمعلا    تعز.. حملة ميدانية لإغلاق شركات الأدوية المخالفة للتسعيرة الجديدة    مرض الفشل الكلوي (20)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقات الحوثية-الإيرانية: حلف مصلحي بغطاء مذهبي
نشر في يمن برس يوم 12 - 04 - 2015


مقدمة

على امتداد التاريخ تميز الإيرانيون بنزعة توسع، عبَّروا عنها قديمًا بتشكيل إمبراطورية سعوا لمدِّ حدودها نحو أكبر قدر ممكن من بقاع الأرض، أمَّا محمد رضا بهلوي شاه إيران فرأى القوة في أن تكون إيران حليفة للولايات المتحدة الأميركية وأن تمتلك قوة نووية، وبعد نجاح الثورة الإسلامية في عام 1979 وإعلان إيران جمهورية إسلامية سعت إيران للقوة من خلال مدِّ نفوذها إلى دول المنطقة عن طريق تصدير ثورتها إليها، ولهذا الغرض مدَّت جسور التواصل بينها وبين الأقليات الشيعية في المنطقة، ووطَّدت علاقتها بهم ودعمتهم حتى يدينوا بولائهم لها قبل بلدانهم، وبذلك استطاعت بناء أذرع لها في تلك الدول قادرة على تهديد الأمن والاستقرار فيها لصالح إيران، واستخدامهم كأوراق ضغط في سياستها الإقليمية والدولية. وفي هذا الإطار وطَّدت إيران علاقتها بالحوثيين في اليمن على مدى ما يقارب العشرين عامًا، قدمت لهم خلالها أشكالًا مختلفة من الدعم الذي واكب حاجتهم ومتطلباتهم مع كل تقدُّم كانوا يحرزونه في طريقهم للوصول للسلطة.

إعجاب واستقطاب

تأثَّر حسين الحوثي المؤسس الأول لجماعة الحوثيين بالخميني وبالثورة التي قادها في إيران عام 1979، ولم تخلُ محاضراته وخطبه من ذكر الإمام روح الله الخميني (1)، فكان يرى فيه القدوة التي يجب اتباعها، فنقل هذه التجربة إلى اليمن، فحشد أتباعًا من حوله، وكسب ولاءهم، من خلال تبني خطاب مماثل للخطاب الإيراني المعادي لأميركا والغرب ورفع الشعار الإيراني: الموت لأميركا.. الموت لإسرائيل، وجعل القضية الفلسطينية الهمَّ الأول والقدس الهدف المنشود في جميع خطبه، وأحيا المناسبات الدينية الشيعية الجعفرية، وبعد مقتله اتَّبع أخوه عبد الملك الحوثي الزعيم الحالي للجماعة نفس الأسلوب.

هذا الإعجاب بالثورة الإيرانية شجَّع طهران على استقطاب آل الحوثي، مع الإشارة إلى صعوبة تحديد تاريخ بدء العلاقات الإيرانية-الحوثية، إلا أنه يمكن القول: إن العلاقات بين الطرفين دخلت مرحلة الجدية مع نجاح إيران في استقطاب آل الحوثي وذهاب بدر الدين الحوثي -الأب الروحي للحوثيين- وابنه حسين الحوثي إلى إيران عام 1994، بعد مغادرتهم صعدة على إثر خلاف نشب بينهم وبين علماء الزيدية، وإن كان اختيار إيران ملجأ لهم في تلك الفترة ينمُّ عن وجود ترتيب مسبق بين الطرفين.

التقاء المصالح

تنطبق مقولة رئيس الوزراء البريطاني تشرشل: "لا توجد عداوات دائمة ولا صداقات دائمة بل هناك مصالح دائمة" على العلاقة بين إيران والقيادات الحوثية؛ حيث تغلبت المصالح بين الطرفين على الاختلافات الدينية بين المذهبين الزيدي والجعفري الاثني عشري، فاستطاع الطرفان بناء علاقات وثيقة تقوم على المصلحة أساسًا دون إهمال للاعتبارات الأيديولوجية، فما يهم إيران في هذه العلاقة هو استنساخ أنموذج آخر في اليمن على غرار حزب الله في لبنان، يكون يدها في شبه الجزيرة العربية قادرًا على تهديد الاستقرار فيها متى شاءت، هذا من جهة، ومن جهة أخرى إيجاد بؤرة لنشر المذهب الشيعي الاثني عشري في اليمن ومنها إلى جهات أخرى بدون معارضة زيدية.

أما المصالح الحوثية من العلاقة مع إيران فتتمحور حول الوصول إلى السلطة وحكم اليمن وإعادة مجد أجدادهم الأئمة، فكانوا يحتاجون إلى الكثير من الدعم سواء دعم معنوي أو مالي أو عسكري أو لوجستي أو حتى دعم ثقافي وتعليمي، ولم يكن هناك أفضل من إيران لتقدم لهم كل هذا الدعم مقابل أن يكونوا حليفها في شبه الجزيرة العربية.

حماية المستضعفين

حرصت إيران، بعد نجاح ثورة 1979، على مدِّ جسور تواصل بينها وبين الأقليات الشيعية في العالم بشكل عام وفي المنطقة بشكل خاص، حتى تستطيع الحصول على غطاء ديني لمشروع سعيها للهيمنة على المنطقة عن طريق تصدير ثورتها إلى دول المنطقة، وفي اليمن كانت الزيدية هي المكون الأقرب إلى الشيعة الاثني عشرية، وفي الوقت الذي تحالفت فيه مع الحوثيين من أجل مدِّ نفوذها إلى اليمن بإيصالهم إلى الحكم، كانت تصوِّر لمواطنيها وشيعة العالم أن ما تقوم به لا يتعدى محاولة إقناع الحكومة اليمنية بوقف انتهاك حقوق الشيعة المستضعفين في اليمن.

في هذه المرحلة عملت إيران على توطيد علاقتها بالحوثيين وكسب ثقتهم وذلك من خلال تقديمها:
الدعم الفكري والمالي: ركزت الجهود الإيرانية في علاقتها مع الحوثيين منذ منتصف التسعينات وحتى عام 2004، على النشاط الفكري والدعم المالي، وظهرت في هذه المرحلة ملامح نشر المذهب الاثني عشري الجعفري والذي تزامن مع توسيع نشاطات تنظيم الشباب المؤمن بزعامة حسين الحوثي؛ حيث بدأت مكتبات زيدية ببيع كتب ومنشورات اثني عشرية، وظهرت مرئيات وصوتيات وشعارات الاثني عشرية بين صفوف الحركة، وقاموا بإحياء الاحتفالات والمراسيم الاثني عشرية التي لم يعرفها اليمن في عهود الزيدية (2).

قدمت إيران في هذه المرحلة الكثير من الأموال من أجل تمويل المراكز التدريبية والمخيمات الصيفية وتجهيزها لجذب الشباب لأنشطتها الثقافية المشبعة بالفكر الخميني، وحققت تلك المراكز النجاح المطلوب فزادت أعداد المقبلين عليها، فافتُتحت مراكز أخرى في مختلف المحافظات اليمنية؛ ففي صعدة وصل عدد المراكز إلى 24 مركزًا، وفي عمران 6 مراكز، والمحويت 5 مراكز، وحجة 12 مركزًا، والأمانة 5 مراكز، وذمار 7 مراكز، وإب مركز واحد، وتعز مركز واحد، وفي صنعاء 4 مراكز (3)، وعمد القائم بأعمال السفارة الإيرانية في ذلك الوقت إلى السفر برًّا إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة عن طريق صعدة حتى يتمكن من إيصال الأموال للحوثيين (4).

بالإضافة إلى أن إيران منذ ذلك الوقت وحتى الآن تمنح أتباع الحوثي سنويًّا عددًا من المقاعد الدراسية في الجامعات الإيرانية المختلفة بما فيها الحوزات الدينية؛ حيث تم إيفاد مئات الطلاب التابعين لجماعة الحوثي للدراسة في إيران ليعودوا مشبَّعين بالفكر الاثني عشري (5).

الدعم العسكري: ظهر الدعم العسكري الإيراني للحوثيين مع بداية المواجهات المسلحة بينهم وبين الدولة في عام 2004؛ حيث عثر الجيش اليمني أثناء تمشيطه مواقع للحوثيين بعد إحدى المعارك على أسلحة إيرانية الصنع (6). ودعمتهم بالأموال أيضًا من أجل شراء الأسلحة من السوق السوداء بأسعار باهظة، حتى وسائل التعبئة المعنوية للحوثيين كانت من إنتاج إيراني مثل أفلام عن الحرب العراقية-الإيرانية وأفلام إيرانية عن مقتل الحسين، وأمدَّتهم بمدربين من الحرس الثوري كانوا على رأس التدريب في المناورات القتالية التي كان الحوثيون يقيمونها بين فترة وأخرى (7).

الدعم الإعلامي: دعمت إيران الحوثيين في حروبهم الستة ضد الدولة إعلاميًّا بتعريف العالم الشيعي بالحوثيين وتقديمهم كأقلية شيعية تُضطهد وتُحارب وتُشرَّد بسبب مذهبها الشيعي، وفي هذا السياق أصدرت مراجع شيعية بيانات اتهمت فيها الحكومة اليمنية بممارسات إبادة جماعية ضد الشيعة وحذَّر آية الله منتظري من استهداف الشيعة وطلب من المجتمع الدولي التدخل، وعرضت قناة العالم الإيرانية في تلك الفترة 47 برنامجًا تتحدث عن الحركة الحوثية خلال فترة سبعة أشهر فقط(8).

تحالف الهيمنة: إسقاط صنعاء

استطاعت إيران أن تستفيد من الأوضاع التي عاشها اليمن أثناء وبعد ثورة فبراير/شباط 2011 لتعزيز نفوذها في اليمن بدعمها لحلفائها الحوثيين وتقويتهم في سبيل إيصالهم للسلطة، وكان ذلك على مرحلتين:

مرحلة ما قبل إسقاط صنعاء: وتعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الأساسية التي تم فيها التخطيط والبناء للوصول إلى الأهداف التي حققها الحوثيون فيما بعد، وامتدت هذه المرحلة من الفترة التي تلت ثورة فبراير/شباط إلى يوم سقوط صنعاء 21 سبتمبر/أيلول.

في هذه المرحلة تطور الدعم الإيراني للحوثيين، حيث دخلت العلاقات بين الطرفين منعطفًا جديًّا وأصبحت أكثر وضوحًا من قبل؛ فأصبح بسط النفوذ الحوثي في اليمن أمرًا حيويًّا بالنسبة لإيران فهو يعني ترسيخ التواجد الإيراني في المنطقة، فإيران تخشى من الخسارة في حال سقط نظام الأسد في سوريا، بالإضافة إلى التهديد الذي تواجهه في العراق مع وجود تنظيم الدولة الإسلامية، فكان لابد لها من مواقع أخرى تضمن للقوة الإيرانية البقاء على ساحة صراع القوى الإقليمية.

تطور الدعم الإيراني للحوثيين: وقفت إيران بكل ثقلها لدعم الحوثيين إعلاميًّا وسياسيًّا وعسكريًّا بعد ثورة فبراير/شباط 2011، فأثناء ثورة فبراير/شباط وبعدها، عمل الإعلام الإيراني على تصوير الحوثيين بأنهم من يقود الثورة وأنهم المكوِّن الأقوى فيها والبقية ليسوا سوى جماعات قليلة تسعى لسرقة الثورة والانحراف بمسارها وأنها خاضعة للوصاية الأميركية والسعودية (9)، تمهيدًا لأي تصرف قد يتخذه الحوثيون ضد شركائهم في ثورة فبراير/شباط وإعطاء هذا التصرف صفة الشرعية.

وعلى الصعيد الإعلامي أيضًا قدَّمت لهم دعمًا متكامل الأركان سواء بالمال أو مكان افتتاح القنوات أو تدريب الكوادر، فأطلقت عددًا من القنوات الفضائية لدعم سياستها في اليمن، وهي قناة المسيرة التابعة للحوثيين، وقناة الساحات التابعة لناشطين يساريين، وقناة عدن لايف وتتبع الحراك الجنوبي، وجميعها تُبَث من الضاحية الجنوبية ببيروت ودعمت إصدار صحف أسبوعية مثل المسار والصمود والديمقراطي (10).

وصل الدعم الإيراني للحوثيين لدرجة تجنيد إيران لشبكات تجسس إيرانية في اليمن للعمل لصالح الحوثيين، كشف عن ذلك الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في محاضرة ألقاها بمركز ودرو ويلسون الدولي بواشنطن في سبتمبر/أيلول2012، وكانت الأجهزة الأمنية اليمنية قد أعلنت عن القبض على شبكة تجسس إيرانية اتهمتها بأنها تعمل في اليمن منذ سبع سنوات بإدارة قيادي إيراني سابق في الحرس الثوري الإيراني (11).

وزودت إيران الحوثيين في هذه المرحلة بالأسلحة، فقد صرَّح وزير الداخلية السابق اللواء عبد القادر قحطان في مؤتمر صحفي عُقد في صنعاء في فبراير/شباط 2013 وحضره أيضًا رئيس الأمن القومي الدكتور علي حسن الأحمدي، ورئيس مصلحة خفر السواحل العميد علي أحمد راصع وعدد من القيادات الأمنية في ذلك الوقت، بأن شحنة الأسلحة التي ضُبطت على متن السفينة جيهان1 تُقدَّر بحوالي 40 طنًّا من الأسلحة والقذائف والمتفجرات كانت قادمة من إيران (12)، بالإضافة إلى إرسالها عناصر من الحرس الثوري وحزب الله لتدريب الحوثيين، وبقاء عدد كبير منهم بعد سقوط صنعاء لمساعدة الحوثيين على تنفيذ أجندتهم السياسية والعسكرية في صنعاء (13).

وقامت إيران بتهريب أسلحة إلى جزر إريترية ومن ثم نقلها بواسطة قوارب صيد على شحنات صغيرة إلى الحوثيين، بالإضافة إلى قيام الحرس الثوري الإيراني بتدريب مقاتلين حوثيين في إحدى الجزر الإريترية (14)، وأنشأت إيران للحوثيين شبكة اتصالات داخلية مستقلة كشبكة اتصالات حزب الله في لبنان(15).

مرحلة ما بعد إسقاط صنعاء: بعد نجاح التحالف الإيراني-الحوثي في إسقاط العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/أيلول، وإمساك الحوثيين بزمام الأمور أصبحت العلاقات بين الطرفين علاقة بين دولتين، وكان على إيران دعم الحوثيين لكسر العزلة الدولية عليهم بسبب انقلابهم على الشرعية، في هذه المرحلة كان الدعم الإيراني على شكل اتفاقيات ومذكرات تفاهم لإخراج الحوثيين من العزلة؛ حيث زار وفد من الحوثيين طهران على أساس أنه وفد حكومي ترأَّسه رئيس المجلس السياسي للحوثيين صالح الصماد لبحث آفاق تعزيز التعاون بين البلدين في المجالات السياسية والاقتصادية وغيرها من المجالات (16).

وتم توقيع مذكرة تفاهم في مجال النقل الجوي بين جماعة الحوثي والطيران المدني الإيراني لتسيير 14 رحلة أسبوعيًّا (17).

وأبرمت جماعة الحوثي أيضًا اتفاقًا مع إيران يقضي بتوسيع ميناء الحديدة غربي اليمن (18)، وإقامة محطة لتوليد الكهرباء، ومدِّ صنعاء بالنفط لمدة عام، وتوفير قطع غيار وإجراء صيانة لمحطة مأرب الغازية، وإرسال خبراء متخصصين وتدريب كوادر يمنية في مجالات الكهرباء والمياه والنقل والتجارة والصناعة (19).

خلاصة

تبحث إيران في المنطقة عن أقليات تشاركهم قواسم مشتركه ليس بالضرورة أن يكونوا شيعة اثني عشرية، فما يهمها هو أن تكسب ولاءهم. استطاعت إيران بناء تحالف قوي مع الحوثيين كاد أن يوصِّلها إلى حكم اليمن، بدأ على شكل جذب إيران لحسين الحوثي ووالده بدر الدين الحوثي المعجبين بالثورة الإيرانية وإقامتهم في إيران لعدة سنوات، ثم تقديم دعم مالي للأنشطة الثقافية للحركة الحوثية، ومن ثم دعمهم بالسلاح في مواجهاتهم المسلحة مع الدولة.

تطورت العلاقات بين إيران والحوثيين مع قيام الثورة اليمنية في فبراير/شباط 2011 والفترة التي تلتها واستطاعت توظيف الأوضاع لصالحها. تدرج الدعم الإيراني للحوثيين في كل مراحله على أساس المصلحة الإيرانية ومدى ولائهم لها وما سيعود عليها بالمستقبل من هذا الدعم. لكن هذه الاستراتيجية تستفز مشاعر طائفية مضادة وتستنفر القوى الإقليمية فترتد تداعياتها سلبًا على إيران نفسها وحلفائها وتهز استقرار المنطقة وتدفع بها إلى حرب ساخنة مثل "عاصفة الحزم" التي أبرزت حدود الاستراتيجية الإيرانية في اليمن وسوء تقدير الحوثيين للتناسب بين قدراتهم وطموحاتهم.

آمال العالم - باحثة في الشؤون السياسية اليمنية - نقلاً عن مركز الجزيرة للدراسات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.