حسن الدولة ليس من السهل أن يلوذ الضمير بالصمت حين يُسجن النقاء خلف القضبان، وليس من العدل أن تتحول النزاهة والوفاء إلى تُهَم تُلصق بأصحابها ظلماً، كما هو الحال مع الأستاذ التربوي القدير: أحمد النونو. لقد شكّل هذا الرجل، على امتداد عقود، نموذجًا مضيئًا في ميادين التربية والتعليم؛ كان شمعة لا تنطفئ في دروب الطلبة، وأبًا روحيًا للانضباط، ومثالًا يُحتذى في الإخلاص والنزاهة. لم يكن مجرد معلم أو إداري، بل كان حالة تربوية استثنائية، طبعت أثرها العميق في نفوس طلابه، وسلوك زملائه، وتاريخ التعليم في هذا الوطن. ما يتعرض له اليوم من احتجاز تعسفي غامض وغير مبرر، تحت عنوان "استكمال التحقيقات"، لا يمكن فهمه إلا كحلقة جديدة في مسلسل استهداف القامات النظيفة، ومحاولة بائسة لتشويه سمعة من رفض الانحناء للفساد أو مجاراته. ولقد ألمحنا سابقًا إلى هذه المعطيات دون الخوض في التفاصيل، مراعاة لاحترامنا للمؤسسات، لكن للصبر حدود. إن استمرار الصمت تجاه هذا الظلم الفادح لا يعدو كونه تواطؤًا غير مباشر، ومشاركة في اغتيال القيم التي يمثلها هذا التربوي النزيه. كيف نقبل أن يُزجّ بمربّي أجيال في دهاليز الشبهات، بينما تُفتح الأبواب لمن حوّلوا التعليم إلى سوقٍ للصفقات والمجاملات؟ نحن هنا لا نطلب استثناءً ولا نطالب بامتياز، بل نرفع صوتنا من أجل العدالة، ومن أجل الكرامة، ومن أجل إنصاف رجلٍ لم يعرفه الناس إلا نزيهًا، مخلصًا، شريفًا. نطالب بإطلاق سراحه فورًا ما لم تُقدّم أدلة واضحة، معلنة، تدينه دون لبس أو غموض. نقولها بوضوح: أي مساس بسمعة الأستاذ أحمد النونو هو إساءة مباشرة لكل تربوي حرّ، ولكل صاحب ضمير حي، ولكل من لا يزال يؤمن بأن مهنة التعليم هي أشرف المهن. ندعو كل غيور، كل تربوي، كل طالبٍ عرف هذا الإنسان، أن يقف وقفة وفاء وشرف في وجه هذا الظلم.