اتصل بي صديق عزيز يهنئني بعيد ميلادي وسألني عن السبب الحقيقي في توقفي عن الكتابة ونشر المقالات بشكل مستمر كما كنت افعل سابقا فلم اجد جوابا ووجدت نفسي اخبره بما قالته لي والدتي يحفظها الله حين اتصلت بها للإطمئنان عليها وعن الأوضاع.. ورغم إنها إنسانة أمية لا تجيد القراءة والكتابة فقد حللت الوضع بطريقة فريدة وبشكل مختصر جدا حين قالت لي إن من كانوا يطعمون المساكين ويمدون يد العون والمساعدة للمحتاجين صاروا هم أنفسهم في أمس الحاجة للعون والمساعدة بل إن البعض منهم يحتاج لكسرة خبز يابسة وليست طرية ليشبع بها نفسه وأطفاله. كلمات الوالدة يحفظها الله أسالت الدموع وأوجعت القلب وقلت لصديقي كيف يمكن الكتابة بقلم جف حبره ودموع توقفت عن اسقاط الدموع وقلب تحجر وخلى من كل الأحاسيس وصار الخوف يلازمنا من الكتابة عن هذا او ذاك فهذا زمن الأوغاد والسفلة والعقارب التي تستطيع ان ترتدي الثوب المناسب وتتلون بطريقة سحرية تدهش الجميع وتتبدل المواقف من اجل تحقيق مصلحة شخصية ولو كان ثمنها جماجم تتطاير ودماء تسيل والآم لها اول وليس لها اخر. الغالبية الساحقة من أصحاب المناصب لا تتحرك لهم شعرة ولا يأبهون لما يحدث للأخرين الذين يلجأؤن اليهم طلبا للعون والمساعدة وينطبق عليهم قول المولى عز وجل " وتراهم ينظرون اليك وهم لا يبصرون" لكنهم ينتفضون كمن لدغتهم افعى حين يتعلق الأمر بقريب أو بمصلحة شخصية فلا يدخرون جهدا لعمل كل شيء لتحقيقها. موقف رائع وقع من قبل سفيرنا في الرياض السفير الدكتور شايع محسن الزنداني اعاد لي البهجة والسرور والرغبة في الكتابة، فقبل أسبوع تعرض شاب يمني لمعاملة قاسية ومهينة من قبل أحد العاملين في السفارة وينما كان الشاب يبحث عن من ينصفه التقى بالسفير شايع الزنداني وجها لوجه ولم يكن الشاب يدرك ان هذا هو السفير بل سارع يشرح ما حدث له ويطلب الانصاف. وبعد ان اصغى اليه السفير سارع يقدم للشاب الا عتذار باسمه شخصيا ونيابة عن كافة العاملين في السفارة ويعده بأن ينصفه ويعاقب من اسأ إليه فتهلل وجه الشاب وكادت الدموع تتساقط من عيني حين شاهدت وجه الشاب وهو يتهلل فرحا، فما اروع الاعتذار لأنه لغة راقية لا يقدم عليها سوى الشجعان وأسلوب من اروع الأساليب لمسح ما علق من احزان وأوجاع وليس كما يعتقد البعض ان الاعتذار ينجم عن خوف، فشكرا للسفير شايع الزنداني ودمت ذخرا لوطنك وابناء وطنك الذين هم في امس الحاجة لمن يقف إلى جانبهم بعد ان تخلى عنهم الكثيرين ممن لا يأبهون الا لمصالحهم.