عبدالله الهدلق يتواصل مسلسل الإساءة إلى الإسلام ولكن يجب علينا عدم الرد على الإساءة بمثلها، وألا نعتدى على الآخرين، وإنما نبين سيرة الرسول الكريم وشخصيته وحقيقة الدين الإسلامي دين الرحمة والسلام وأن نكون خير ممثلين لهذا الدين فى سلوكنا وتعاملاتنا، وبهذا نستطيع أن نغير الكثير من المفاهيم والصور المغلوطة والمشوهة التى يروجها الحاقدون حول ديننا الحنيف ، والهجمة على الإسلام وعلى الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ليست وليدة اليوم ولكنها موجودة منذ زمن قديم في الكثير من المحافل الغربية ووسائل الإعلام وحتى فى كتابات بعض الروائيين والمستشرقين الذين دأبوا على تشويه صورة الإسلام ورسوله الكريم وتقديم معلومات مشوهة وغير صحيحة عن الحضارة الإسلامية والتاريخ الإسلامي . وادعاء هؤلاء المشوهين للحقيقة بأنهم يمارسون حرية التعبير غير صحيح لأن حرية التعبير لا تعني أبداً الإساءة إلى الآخرين وإلى كرامتهم ومقدساتهم، فهناك حدود لهذه الحرية التي يجب أن تقف عند حدود حريات الآخرين وكرامتهم، فلا يتم تجاوز هذا الحد وإلا اعتبر اعتداء وتشهيراً وهو أمر تُجَرِّمهُ وتعاقب عليه كل القوانين فى العالم ، ومحاولات البعض تشويه صورة الإسلام بالرسوم الكاريكاتيرية أو العبارات المسيئة لديننا ونبينا ندينها ونشجبها بشدة ، ولكن العمل الإجرامي والإرهابي ضد صحيفة أو مجلة أو وسيلة إعلامية وقتل الصحفيين والرسامين ليس من الإسلام في شيء ولا يمكن قبوله إطلاقا، لأن الإسلام يجرم الاعتداء على أرواح الناس وممتلكاتهم ، كما أن الرد على الإساءة لا يكون بالقتل والتدمير والإرهاب، بل بإيضاح الحقائق والرد على الشبهات وكشفها بالحجة والإقناع . ولو عدنا قليلاً إلى الوراء وتحدثنا عن سياسات صحيفة (شارلي ايبدو) لأدركنا التناقض في سياساتها لأن تلك الصحيفة التى تدعي أنها مارست حرية التعبير بالإساءة إلى رسولنا الكريم بالرسوم الكاريكاتورية، هي نفسها التى منعت حرية التعبير فى ذات الصحيفة، عندما رسم السيد (موريس سينى) - وهو أحد الرسامين الفرنسيين الذين كانوا يعملون فى الجريدة - في 2009 صورة ل(جان ساركوزى) ابن الرئيس الفرنسي السابق (نيكولا ساركوزي) فيها تهكم من زواجه من امرأة ثرية وقال إنه تزوجها من أجل مالها، إلا أن رئيس التحرير طالب الرسام بأن يعتذر، ولما رفض الاعتذار بحجة أنه يمارس حرية التعبير فى صحيفة من المفترض أنها تحترم حرية التعبير، تم فصله من العمل، فأين حرية التعبير هنا أم أنها سياسة الكيل بمكيالين والازدواجية في المعايير! والغرب لديه أيضا قوانين تمنع الإساءة لحقيقة محرقة الهولوكوست أو التشكيك فيها وهناك قانون معروف فى فرنسا يجرم كل من ينتقد الهولوكوست. فأين حرية التعبير ؟ خصوصا أنه من المفترض أن هذا حدث تاريخي والمفترض أنه يجوز لكل المؤرخين والباحثين أن يدرسوه، وألا ّ تكون هناك موانع من دراسة أي حدث تاريخي، إلا أن فرنسا حاكمت (روجيه جارودي) وقامت بتغريمه وكادت أن تسجنه عندما تعرض للهولوكوست فى أحد كتبه ، كما تمت محاكمة أحد المسؤولين فى إحدى البلديات فى فرنسا لمجرد أنه تحدث عن هذا الموضوع، وفى أوروبا عموماً من يتحدث عن الهولوكوست يتم فصله من العمل كما حدث مع البروفيسور (جون كنج) وغيره . لا توجد حرية تعبير مطلقة، وإذا كان الأمر يخص اليهودية أو إسرائيل فهناك ضوابط. أما إذا كان الحديث يتعلق بالمسلمين فهم يفتحون الباب على مصراعيه لكل متحدث ورسام وناقد ، وإذا أراد الغرب حرية التعبير فنحن معه، ولتكن حرية كاملة حينئذ على الجميع، وفى كل المجالات والمقامات وبموازين ومعايير واحدة ، وخير دليلٍ على ذلك أن البابا فرانسيس - وهو شخصية دينية محترمة - تعجب من هذا الأسلوب فى حرية التعبير عندما كان متوجها إلى الفلبين، وقال أنه ليس من حرية التعبير الإساءة إلى مقدسات الآخرين والاستهزاء بها أو السخرية منها ، وهذا هو البابا فرانسيس وهو رأس الكنيسة الكاثوليكية ولا أحد يشكك فى أنه ينحاز إلى المسلمين، ولكنه يعبر عن الرأي الصحيح والموقف الإنساني النبيل، بأن الإساءة عموما للأشخاص أو الأديان أو المقدسات أمر غير لائقٍ ولا يمكن تبريره أو قبوله .