د. عبدالله ناصر الفوزان في العام 1967 م حين كان اللاعب البرازيلي الشهير بيليه في أوج تألقه كان فريقه سانتوس ينظم زيارات لبعض الدول لإجراء مباريات ودية فيها، وقد كان المجتمع النيجيري آنذاك يواجه محنة حرب أهلية، فأراد الفريق البرازيلي ونجمه بيليه فيما يبدو أن يكون لهم لمسة إنسانية فقرروا إجراء مباراة ودية في نيجيريا. كان كثير من الطرفين المتحاربين كحال المجتمع النيجيري من عشاق كرة القدم ولهذا فحين علم قادة المتحاربين بالخبر صعب عليهم أن يأتي لهم بيليه وفريقه بفنهم الرفيع ولا يستمتع جنودهم بذلك، فقرروا إيجاد هدنة فأوقفوا الحرب وأتاحوا الفرصة للمتحاربين ليستريحوا ويستمتعوا، ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل أثرت الكرة إيجابياً على الحرب بعد ذلك كما تقول بعض الروايات. من هنا يتجلى المغزى الإنساني والسياسي من كأس العالم المقام في روسيا الآن فضلاً عن مغازيه الأخرى الاقتصادية والصحية والترفيهية، وروسيا دولة عظمى بالغة الأهمية والتأثير ولذلك فلا بد أنها كانت تدرك مغازي كأس العالم حين سعت لتنظيمه، وكان من المفروض أن تنتهز تلك الفرصة الذهبية للدعاية لنفسها على الأقل فتفرض هدنة في سورية لتمسح بعض الدموع وتخفف بعض الآلام التي كانت هي سبب فيها ولتثبت للعالم أنها تعي تلك الرسالة السامية لكأس العالم رسالة الأمن والسلام والمحبة والتسامح والتعاون والتنافس الشريف حين طلبت إقامته على أرضها. لو كنت مستشاراً للرئيس بوتن لقلت إنك يا فخامة الرئيس وأنت الزعيم الذكي المؤثر الذي انتشل وطنه من بؤرة الخطر وقادها بنجاح في مضمار السباق الدولي حري أن تدرك نفاسة الفرصة وحجم تأثيرها على روسيا التي ليس فقط لم تنتهزها فتفرض هدنة في سورية كما فعل قادة الحرب في نيجيريا، بل أنهت أثناء المناسبة هدنة كانت قائمة في درعا فجعلت الأوضاع تشتعل وحرمت ربما أطفالاً وشيوخاً من متابعة المباريات بعد أن كانوا قد شرعوا في مشاهدتها. روسيا أكبر من نيجيريا وبوتن كما يفترض أكثر وعياً من أمراء الحرب الذين أدركوا المغزى واستجابوا للمناسبة فأوقفوا الحرب بمناسبة مباراة ودية، فكيف حين تكون المناسبة مهرجان كأس العالم وروسيا هي المنظمة وبوتن هو الزعيم وأطفال درعا وشيوخها هم الضحايا. كيف ستكون ردود الفعل الدولية لو أنك أعلنت يا فخامة الرئيس عن توقيف أي عمليات عسكرية في سورية وفي درعا على وجه الخصوص تقديراً من روسيا للمغزى من إقامة كأس العالم على أرضها..!؟ الأمل في حكمتكم يا فخامة الرئيس.