بينما كنت أقرأ تقريرا عن وزير الزراعة الأفغاني آصيف رحيمي أنه الوزير الوحيد الذي لا يرتبط اسمه بأي اتهمات بالفساد أو تلقي رشاوي ، إذا بابتسام أبو دنيا تصدمني بوزير الزراعة اليمني عثمان مجلي أنه يمارس الفساد ، وقد وجهت رسالة لرئيس الجمهورية ونائبه ورئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة تطالبهم بفتح ملف فساد مجلي الذي أصبح فسادا يمشي على الأرض. ما صدمني أن عثمان مجلي خاض حروبا عدة مع الحوثيين وهو يدرك أن الحوثي آفة سرطانية يجب كيها ، فكيف يسمح لنفسه بأن يمارس الفساد وهو صاحب ثأر شخصي ووطني مع الحوثي والأولى به أن ينفق كل ما يملك في مواجهة الحوثي وليس الاستحواذ على أموال عامة وإضافتها إلى أرصدته. أبو دنيا قالت في رسالتها لمن سبق ذكرهم أنها تملك وثائق تؤكد وجود عمليات كسب غير مشروع تدين مجلي ، والأدهى من ذلك أنها قالت أن مجلي يغازل الحوثيين بصرفه للبعض منهم شبكات طاقة شمسية هي في الأساس ملك الوزارة واتهمته بأنه أودع نصف مليون دولار في البنك باسم أخيه ، كما أنه تقاضى 75 مليون ريال سعودي كقيمة أسمدة قدمتها المملكة للوزارة فباعها في السوق لصالحه الخاص ، إضافة إلى راتب شهري من منظمة الفاو قدره 5000 دولار ، مما يعد تضارب مصالح . ولو صدقت هذه المعلومات فإننا سنكون أمام سقوط أخلاقي لواحد من أعضاء الحكومة التي تحارب في سبيل استعادة شرعيتها ، إضافة إلى أنه واحد من الذين تم تهجيرهم من قبل الحوثي قسرا ، وهذا يعني أن مجلي وأمثاله يعتبرون الدماء التي سقطت ليست دفاعا عن الوطن ، بل دفاعا عن تعاظم فسادهم ويعتبرون الوطن عبارة عن مبنى تجاري ، ليس إلا . إذا كان الحوثي يواجه الشرعية بالسلاح ، فهناك من ينخر الشرعية من داخلها بالفساد ، والفساد فعل قذر حينما يكون من داخل الشرعية ذاتها ، فخطر هؤلاء أعظم من خطر إرهاب الحوثي ذاته ، لأن الفاسدين أضحوا في مواجهة مع مصالح الناس ، ويصبح الشعب ضحية لجشع هؤلاء الفاسدين . وإذا صح ما أوردته أبو دنيا ، فإن عزل مجلي وتقديمه للمحاسبة ضرورة وطنية ، لأن بقاء فاسد واحد سيكون خميرة لنشر الفساد ، وسيشجع أولئك الذين ينظرون إلى مصالحهم بالاستمرار في انتهاك المصالح الوطنية ، ويقودون البلاد إلى مستنقع الفشل الذي نعاني منه منذ ست سنوات من الحرب ، وسيحولون البلاد إلى فريسة يتكالب عليها كل من لا قيمة له . لاشك أن الرئيس ونائبه سيتعاطون مع هذه الاتهامات وسيشكلون لجنة تحقيق تفصل في الأمر لأنهما يدركان أن الفساد هو الممول الحقيقي للحوثي ، فهو يضعف الشرعية من جهة ويخلق حالة من عدم الرضا عنها من جهة أخرى ، فسرقة أموال البلاد يعد مشاركة مباشرة لجرائم عصابة الحوثي العنصرية وتدميرا لمقدرات البلد . إذا صدق الأمر ، فهذا يعني أنهم يتعاملون مع قضية اليمن وأهل اليمن وأهات الناس ومصائبهم بعقلية المستعمر الذي جاء لنهب البلد وأهلها وملء جيوبهم وجيوب أتباعهم ، وهم يؤكدون أنهم غير مؤتمنين على اليمن وأهلها ولا حتى على ذرة منها ، فهؤلاء فرطوا بالأرض من أجل الكرسي والأموال وباتوا يتحايلون على الحرب لكي تستمر من أجل سرقة الناس ونهب أموالهم سرا وعلانية ، ونحن في انتظار ما ستسفر عنه التحقيقات ، وإن غدا لناظره قريب .