كانت المسافة بين العلمانيين والحركات الإسلامية السنية قريبة جدا فيما يتعلق بالمواطنة المتساوية وممارسة الحقوق السياسية، والخلاف منحصر في الجوانب التطبيقية لأسس نظرية متفق عليها من حيث المبدأ، ومع ذلك ظل العلمانيون رافضين لكل ما يصدر عن تلك الجماعات حتى لو كان موافقا للأسس التي ينظرون لها ويدعون لتطبيقها. اليوم وقد أصبحت أفكارهم الفلسفية لا تتعارض فقط مع تطبيق الحوثيين لمفاهيم المواطنة بل تتعارض مع الأسس النظرية التي يبني عليها الحوثيون فهمهم للمواطنة، فلديهم سيد وتابع، وشخص تم اصطفاؤه واختاره من السماء لحكم البشر كونه أتى من سلالة معينة، وآخر يجب عليه الطاعة والنصرة والتضحية بكل ما يملك من أجل نصرة الأول فقط لأن الأخير مولود لسلالة أخرى. ورغم هذا المشروع الذي يجعل الجهاز التناسلي لسلالة معينة الأساس الوحيد لحق الترشح لشغل المناصب العليا في الدولة بحسب إلا أننا لم نعد نسمع أي ضجيج مما كنا نسمعه سابقا بخصوص المواطنة المتساوية والحريات وحقوق الإنسان، بل أصبحت أنشطة المنظمات التي يديرها أشخاص عرفوا سابقا بأنهم علمانيين منشغلة بتخفيف الضغط الذي تواجهه سلطة الأمر الواقع الحوثية وتقوم بحمل واجباتها في تنفيذ المشاريع الخدمية وتسليم الرواتب للموظفين ..الخ، بعد أن كانت تستصرخ العالم لإنقاذ اليمنيين من التمييز وحماية حرية الرأي والاعتقاد من الانتهاك...الخ. فهل أصبحت المواطنة المتساوية متحققة اليوم لدى أولئك العلمانيين، أم أن رؤيتهم للمواطنة والحقوق والحريات التي كانوا ينشدونها ويطالبون بها باتت في انسجام تام مع مشاريع الإصطفاء والتقسيم الحوثي للبشر؟!