مقالات د. يحيى الأحمدي دوقلة المنبجي، لم يذكر المؤرخون تاريخاً لمولد هذا الشاعر ولا نسباً له، وظلت قصيدته هذه والتي عرفت ب " اليتيمة " مجهولة زمنا طويلا، و يحكي بعض الرواة أن فتاة من الأعراب كانت تسمى (دعد) وقيل أنها كانت ملكة بأرض من أطراف شبه الجزيرة العربية، وكانت على قدر عال من الجمال و الفصاحة و البلاغة و قد طلبت مهرها قصيدة غزلية لم تشهد مثلها العرب من قبل، و ما أن سمع دوقلة المنبجي بنبأ هذه الملكة والمهر الذي طلبته وخبر عن جمالها وفصاحتها حتى جادت قريحته بقصيدة خلدته بعد أن قتلته ..! وفي هذه القصيدة رسم الشاعر صورة جميلة لمحبوبته التي تخيلها لينال الفوز بها ، غير أن حظه لم يسعفه حتى لإلقاء قصيدته على (دعد) التي هام الشعراء و الملوك بحبها وتمنوا الزواج منها ..! و مما يحكى في ذلك أنه في أثناء سفر (دوقلة) إلى (دعد ) قابله أعرابي في الطريق. فسأله الأعرابي : إلى أين وجهتك؟ فقال (دوقلة): إني ذاهب لنيل دعد قال الأعرابي: مهر دعدٍ قصيدة لم تشهدها العرب!. فقال دوقلة : و ها هي القصيدة معي. فطلب الأعرابي إلى الشاعر سماع القصيدة. فألقاها عليه دوقلة فأعجبته ، فما كان من هذا الأعرابي إلا أن قتل " دوقلة " و حفظ القصيدة متوجها بها إلى دعد. وبعد أن دخل وعرفها بنفسه ، قرأ القصيدة وهنا كانت المفاجأة، لقد أدركت (دعد) بذكائها وبلاغتها بعد سماعها القصيدة أن كاتبها ليس هذا الذي أمامها لأن " دوقلة " الأذكى من قاتله عندما أدرك أن صاحبه لابد قاتله أضاف لقصيدته هذا البيت الذي كشف قاتله وقال فيه : إن تتهمي فتهامة وطني : أو تنجدي إن الهوى نجدُ و كان معنى البيت أن الشاعر من نجد بينما الأعرابي ( السارق ) لم يكن نجدياً لأنه في البداية عرف بنفسه و بمكانه الأصلي فصاحت (دعد) قائلة : اقتلوا قاتل بعلي فقتله رجالها ..! و سميت هذه القصيدة باليتيمة، لكونها وحيدة لم يكتب صاحبها غيرها، و قيل لأنها لا شبيه لها من الشعر العربي؛ نظرا لقوة سبكها و روعة تشبيهاتها و معانيها و سلاسة صياغاتها و وضوح مقاصدها *القصيدة* هل بالطلول لسائلٍ ردّ أم هل لها بتكلّمٍ عهدُ دَرَس الجديدُ جديدُ معهدها فكأنما هي ريطة جردُ من طول ما تبكي الغيوم على عَرَصاتِها و يقهقه الرعدُ و تلُثُّ ساريةٌ وغاديةٌ و يكرُّ نحسٌ خلفه سعدُ تلقاءَ شاميةٍ يمانية لها بمورِ تُرابها سَردُ فكست بواطنها ظواهرها نوراً كأن زهاءه برد فوقفت أسألها و ليس بها إلا المها و نقانق رُبد فتبادرت درر الشؤون على خدّي كما يتناثر العقد لهفي على ( دعد ) و ما خلقت إلا لفرط تلهفي دعدُ بيضاء قد لبس الأديم بهاء الحسُن فهو لجِلدها جِلد و يزينُ فوديها إذا حسرت ضافي الغدائر فاحمٌ جَعد فالوجه مثل الصبح مُبيضٌّ والشعر مثل الليل مسودُّ ضدّانِ لما استجمعا حسُنا والضدُّ يظهر حُسنه الضدُ فكأنها وسنَانُ إذا نظرَتْ أو مدنف لمَّا يُفِق بعد بفتور عينٍ ما بها رمَدٌ و بها تُداوى الأعين الرمدُ و الصدر منها قد يزينه نهدٌ كحق العاج إذ يبدو و المعصمان فما يرى لهما من نعمة و بضاضة زند و لها بنان لو أردت له عقداً بكفك أمكن العقد و كأنما سقيت ترائبها و النحر ماء الورد إذ تبدو و بصدرها حقان خللتهما كافورتين علاهما ند و البطن مطوي كما طويت بيض الرياط يصونها الملد و بخصرها هيف يزينه فإذا تنوء يكاد ينقد فقيامها مثنىً إذا نهضت من ثقله و قعودها فرد و الكعب أدرم لا يبين له حجم و ليس لرأسه حدّ ما عابها طول و لا قِصَر في خلقها فقوامها قصد إن لم يكن وصل لديك لنا يشفي الصبابة فليكن وعْد قد كان أورق وصلكم زمنا فذوى الوصال و أورق الصَّد لله أشواقي إذا نزحَتْ دارٌ لكم و نأى بكم بُعدُ إن تُتْهمي فتهامةٌ وطني أو تُنْجدي إنَّ الهوى نَجْدُ و زعمت أنك تُضْمرين لنا وُدّاً فهلاّ ينفع الود و إذا المحب شكا الصدودَ و لم يُعْطَف عليه فقتلُه عَمْدُ نختصُّها بالود ، و هي على مالا نحب فهكذا الوجد أو ما ترى طمريَّ بينهما رجل ألحّ بهزله الجد فالسيف يقطع و هو ذو صدءٍ و النصل يعلو الهام لا الغمد هل تنفعن السيف حليته يوم الجلاد إذا نبا الحد و لقد علمتُ بأنني رجلٌ في الصالحاتِ أروحُ أو أغدو سلمٌ على الأدنى و مرحمةٌ و على الحوادث هادن جَلدُ متجلبب ثوب العفاف و قد غفل الرقيب و أمكن الوِردُ و مجانبٌ فعل القبيح و قد وصل الحبيب و ساعد السعد منع المطامع أن تثلّمني أنيّ لمِعولِها صفاً صلدُ فأروحُ حُراً من مذلّتها و الحرُّ حين يطيعها عَبدُ آليت أمدح مُقرِفاً أبداً يبقى المديح و ينفد الرفدُ هيهات يأبى ذاك لي سلفٌ خمدوا و لم يخمد لهم مجد فالجَدُّ كِندة و البنون همو فزكا البنون و أنجب الجدُّ فلئن قفوت جميل فعلهمو بذميمِ فعلي إنني وغدُ أجمل إذا حاولت في طلبٍ فالجِدُ يغني عنك لا الجَدُّ و إذا صبرت لجهد نازلةٍ فكأنه ما مسك الجهدُ ليكن لديكِ لسائلٍ فرجٌ أو لم يكن .. فليحسن الرد بتصرف * القصيدة التي قتلت صاحبها 1. 2. 3. 4. 5.