قال محللون سياسيون إن تصعيد الهجمات على خطوط نقل الكهرباء وأنابيب النفط في محافظة مأرب شرقي اليمن يهدف لعرقلة انعقاد مؤتمر الحوار الوطني المقرر انطلاقه يوم 18 مارس/آذار الجاري. ومنذ مطلع الأسبوع الجاري فجّر مسلحون قبليون أنبوب النفط أربع مرات مما أدى إلى توقف ضخ النفط وتكبيد البلاد عن كل يوم 15 مليون دولار, كما هاجم آخرون أبراج نقل الكهرباء من محطة مأرب الغازية -أكبر محطة توليد كهرباء بالبلاد- أربع مرات، وهو ما جعل العاصمة صنعاء ومدنا أخرى تعيش في الظلام. وأعادت هذه الهجمات المفاجئة توجيه أصابع الاتهام إلى الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح بالوقوف وراءها بهدف قطع الوريد المالي للحكومة الذي يدر عليها دخلا كبيرا من عائدات مبيعات النفط، وخلق أزمة في المشتقات النفطية تهيئ لمناخ سلبي لا يساعد في التهيئة للحوار. وشهد العام الماضي أكثر من 40 عملية تفجير لأنابيب النفط والغاز خسرت البلاد فيها ثلاثة مليارات دولار، وتعرضت خطوط الكهرباء لأكثر من 55 اعتداءً وخسائر ب40 مليار ريال يمني. إفشال الحوار ويرى محللون سياسيون أن من وصفوها بالقوى المعادية للتغيير تنظر لمؤتمر الحوار بوصفه فرصة سانحة لتحقيق رغبتها في إفشال التسوية السياسية بوضع العراقيل في طريق سير البلاد نحو طي صفحة المرحلة الانتقالية بنجاح. ويشير رئيس المنتدى العربي للدراسات نبيل البكيري إلى وجود رابط بين عملية استهداف خطوط الكهرباء وأنابيب النفط وبين موعد انعقاد مؤتمر الحوار الوطني، تقف وراءها أطراف تسعى جاهدةً لعرقلة المؤتمر وإفشاله. وبحسب البكيري فإن هذه الأطراف، التي تضم جناح الرئيس المخلوع في المؤتمر وأسرته وحلفاءه من جماعة الحوثي وبعض فصائل الحراك المسلحة، يجمعها مبدأ رفض المبادرة الخليجية، وبالتالي فهي تحاول إفشالها من خلال إفشال الحوار. بدوره, اتهم رئيس تحرير صحيفة الشموع عبد الباسط الحبيشي قوى النظام السابق باستغلال الظروف الحالية لإيقاف عجلة التغيير وإيصال رسالة للمواطنين مفادها أن البلاد من دونهم لن تكون آمنة ومستقرة. وأوضح الحبيشي للجزيرة نت أن هناك من يدفع من وصفهم بالمخربين وقطاع الطرق لنشر الفوضى واستهداف مصالح البلاد, مشيرا إلى أن اليمن سيظل يعاني من التركة الثقيلة التي خلفها النظام السابق الذي كان يعتمد أسلوب الإرضاء بدلا من تطبيق القانون. وعن شكوى أبناء مأرب من التهميش والحرمان, قال الحبيشي إن الهجمات على المصالح العامة والحيوية "عمل تخريبي" لا يمكن تبريره تحت أي لافتة سواء كانت المطالبة بالحقوق أو رفع المظالم باعتبار الدستور قد كفل التعبير عن المطالب سلميا. وطالب الحكومة بإطلاق يد أجهزتها الأمنية لتعقب من سماهم المخربين والقبض عليهم وتطبيق القانون بتقديمهم لمحاكمة علنية حتى يكونوا عبرة للآخرين والتأكيد على أن البلطجة والتخريب ليس له مكان في اليمن الجديد الذي أول لبناته مؤتمر الحوار. خطة استثنائية من جانبه, قال المحلل السياسي عبد الحميد المساجدي إن هناك عدة أسباب تقف وراء هذه الهجمات, أبرزها وجود رغبة لدى بعض الجهات للدفع بكل إمكانياتها لإفشال حكومة الوفاق والحد من مواردها, مشيرا إلى أن النفط المنتج من حقول مأرب مخصص بشكل كبير للاستهلاك المحلي وهذا يعني أن توقفه سيؤدي إلى خلق أزمة في المشتقات النفطية. وفي حديث للجزيرة نت, أكد المساجدي أن كل هذه الأفعال تخلق حالة من التذمر لدى المزاج العام الشعبي، وهو ما لا يساعد على توفير بيئة مستقرة لإجراء حوار وطني فاعل، لكنه في الوقت نفسه انتقد عدم مبالاة الحكومة بقضية مأرب بعد تظاهر عدد من أبنائها خلال الفترة الماضية أمام مقر الحكومة بصنعاء، وهو ما أدى إلى تشكيل رأي عام معاد لها في المحافظة شجع على تنفيذ أعمال التخريب والتغاضي عنها. ويرى المساجدي أن العامل الأمني وحده لا يكفي لمعالجة مثل هذه الظواهر، مؤكدا على ضرورة تضافر العوامل الاجتماعية والاقتصادية الأخرى والعمل على تماسك المجتمع واتخاذ إجراءات حكومية ووضع خطة استثنائية لتنمية المحافظة.