مجلي: مليشيا الحوثي غير مؤهلة للسلام ومشروعنا استعادة الجمهورية وبناء وطن يتسع للجميع    وزير الصناعة يؤكد على عضوية اليمن الكاملة في مركز الاعتماد الخليجي    حرب الهيمنة الإقتصادية على الممرات المائية..    "خساسة بن مبارك".. حارب أكاديمي عدني وأستاذ قانون دولي    عرض سعودي في الصورة.. أسباب انهيار صفقة تدريب أنشيلوتي لمنتخب البرازيل    رئيس الوزراء يوجه باتخاذ حلول اسعافية لمعالجة انقطاع الكهرباء وتخفيف معاناة المواطنين    هل سمعتم بالجامعة الاسلامية في تل أبيب؟    لأول مرة منذ مارس.. بريطانيا والولايات المتحدة تنفذان غارات مشتركة على اليمن    وكالة: باكستان تستنفر قواتها البرية والبحرية تحسبا لتصعيد هندي    هدوء حذر في جرمانا السورية بعد التوصل لاتفاق بين الاهالي والسلطة    جاذبية المعدن الأصفر تخفُت مع انحسار التوترات التجارية    الوزير الزعوري يهنئ العمال بمناسبة عيدهم العالمي الأول من مايو    حروب الحوثيين كضرورة للبقاء في مجتمع يرفضهم    عن الصور والناس    أزمة الكهرباء تتفاقم في محافظات الجنوب ووعود الحكومة تبخرت    النصر السعودي و كاواساكي الياباني في نصف نهائي دوري أبطال آسيا    الأهلي السعودي يقصي مواطنه الهلال من الآسيوية.. ويعبر للنهائي الحلم    إغماءات وضيق تنفُّس بين الجماهير بعد مواجهة "الأهلي والهلال"    البيض: اليمن مقبل على مفترق طرق وتحولات تعيد تشكيل الواقع    اعتقال موظفين بشركة النفط بصنعاء وناشطون يحذرون من اغلاق ملف البنزين المغشوش    الوجه الحقيقي للسلطة: ضعف الخدمات تجويع ممنهج وصمت مريب    درع الوطن اليمنية: معسكرات تجارية أم مؤسسة عسكرية    رسالة إلى قيادة الانتقالي: الى متى ونحن نكركر جمل؟!    غريم الشعب اليمني    مثلما انتهت الوحدة: انتهت الشراكة بالخيانة    جازم العريقي .. قدوة ومثال    دعوتا السامعي والديلمي للمصالحة والحوار صرخة اولى في مسار السلام    العقيق اليماني ارث ثقافي يتحدى الزمن    إب.. مليشيا الحوثي تتلاعب بمخصصات مشروع ممول من الاتحاد الأوروبي    مليشيا الحوثي تواصل احتجاز سفن وبحارة في ميناء رأس عيسى والحكومة تدين    معسرون خارج اهتمامات الزكاة    منظمة العفو الدولية: إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية على الهواء مباشرة في غزة    تراجع أسعار النفط الى 65.61 دولار للبرميل    الدكتوراه للباحث همدان محسن من جامعة "سوامي" الهندية    الاحتلال يواصل استهداف خيام النازحين وأوضاع خطيرة داخل مستشفيات غزة    نهاية حقبته مع الريال.. تقارير تكشف عن اتفاق بين أنشيلوتي والاتحاد البرازيلي    الصحة العالمية:تسجيل27,517 إصابة و260 وفاة بالحصبة في اليمن خلال العام الماضي    لوحة "الركام"، بين الصمت والأنقاض: الفنان الأمريكي براين كارلسون يرسم خذلان العالم لفلسطين    اتحاد كرة القدم يعين النفيعي مدربا لمنتخب الشباب والسنيني للأولمبي    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    صنعاء .. حبس جراح واحالته للمحاكمة يثير ردود فعل واسعة في الوسطين الطبي والقانوني    النقابة تدين مقتل المخرج مصعب الحطامي وتجدد مطالبتها بالتحقيق في جرائم قتل الصحفيين    رئيس كاك بنك يعزي وكيل وزارة المالية وعضو مجلس إدارة البنك الأستاذ ناجي جابر في وفاة والدته    اتحاد نقابات الجنوب يطالب بإسقاط الحكومة بشكل فوري    برشلونة يتوج بكأس ملك إسبانيا بعد فوز ماراثوني على ريال مدريد    الأزمة القيادية.. عندما يصبح الماضي عائقاً أمام المستقبل    أطباء بلا حدود تعلق خدماتها في مستشفى بعمران بعد تعرض طاقمها لتهديدات حوثية    غضب عارم بعد خروج الأهلي المصري من بطولة أفريقيا    علامات مبكرة لفقدان السمع: لا تتجاهلها!    حضرموت اليوم قالت كلمتها لمن في عينيه قذى    القلة الصامدة و الكثرة الغثاء !    عصابات حوثية تمتهن المتاجرة بالآثار تعتدي على موقع أثري في إب    حضرموت والناقة.! "قصيدة "    حضرموت شجرة عملاقة مازالت تنتج ثمارها الطيبة    الأوقاف تحذر المنشآت المعتمدة في اليمن من عمليات التفويج غير المرخصة    ازدحام خانق في منفذ الوديعة وتعطيل السفر يومي 20 و21 أبريل    يا أئمة المساجد.. لا تبيعوا منابركم!    دور الشباب في صناعة التغيير وبناء المجتمعات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بكين .. السحر القادم من الشرق (1-3 )
في الصين رجال صدقوا ما عاهدوا شعبهم عليه
نشر في المشهد اليمني يوم 04 - 02 - 2014

في خمسينيات القرن الماضي كانت الدول العربية تواجه تحديات عديدة، في الوقت الذي كانت الصين تعاني من سياسة الحصار والاحتواء، إلى أن جاء مؤتمر باندونغ بإندونيسيا في 18 إبريل عام 1955م،والذي كان له آثار عميقة على العلاقات الصينية- العربية، و فتح الباب على مصراعيه لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين جميع الدول العربية و الصين.
وكانت من أهم نتائج المؤتمر الذي شاركت الصين بوفد رفيع المستوى برئاسة رئيس مجلس الدولة آنذاك، أعلن الوفد الصيني الجديد فتح صفحة جديدة ومد يد التعاون والصداقة لتسع دول عربية كانت اليمن من أولى البلدان التي أقامت علاقات دبلوماسية مع الصين في 24 سبتمبر عام 1956م سبقتها بشهور مصر في 30 مايو و سوريا في الأول من أغسطس من العام نفسه، وفي الأعوام التالية انطلقت مسيرة الصداقة مع دول "العراق والأردن ولبنان وليبيا والسعودية والسودان"، ثم توسعت لتشمل جميع الدول العربية فيما بعد، وحملت الصين مع البلدان العربية نفس الهموم والعواطف فيما يتعلق بحقوقها الشرعية والاستقلال، و أعلنت الصين تأييدها القوي سياسيا ومعنويا إلى الدول العربية بالإضافة إلى تقديم المساعدات بقدر استطاعتها رغم حاجاتها إلى تلك المساعدات في ذلك الوقت.
ومن ذلك الوقت دأبت الصين على تعزيز وتوطيد علاقات التعاون مع البلدان العربية بشتى السبل، وأنشأت مؤخراً منتدى التعاون العربي – الصيني عام 2004م يقوم بتنفيذ 12 آلية للتعاون المشترك في مختلف المجالات، وفي 2012م تبنت الصين آلية جديدة ضمن فعاليات المنتدى وتمثل في إقامة ملتقى الشباب والإعلام العربي بالصين، بهدف تطوير وتوسيع علاقات التعاون الثنائية بين الصين والدول العربية في مختلف الصعد السياسية والاقتصادية والثقافية والإعلامية، ومن واقع مشاركتي بمعية الزميلين الدكتور عبدالله الشامي ومحمد محمد ابراهيم من صحيفة الثورة في الملتقى الثاني للشباب العربي في الصين الذي عقد مؤخراً بمشاركة 60 مشارك ومشاركه من كافة الدول العربية ومنها اليمن نظمته وزارة الخارجية الصينية، وكانت فرصة لنا للإطلاع على البلد الذي أغرقت منتجاته أسواق ليس الشرق الأوسط والدول النامية فحسب بل العالم، والتعرف على الحضارة الصينية العريقة والعادات والتقاليد والثقافة وطريقة الحياة والتعايش السلمي وكيف يفكرون ويخططون ويعملون وينتجون بصمت في بلد يبلغ تعداد سكانه المليار و300 مليون نسمة.
وعندما كنت متوجهاً إلى الصين برزت لدي عدد من الأسئلة والاستفسارات وخاصة ما عرفته وسمعته خلال دراستي ومعلوماتي البسيطة عن الصين وحضارتها العريقة ولكني بعد وصولي إلى مطار بكين وإقامتي في الصين لمدة 10 ايام نهاية ديسمبر الماضي 2013م زرت فيها ثلاث مدن صينية كانت بمثابة الفرصة للاطلاع عن قرب على تفاصيل النهوض الصيني في مختلف المجالات والتعرف على "الحلم الصيني" الذي حقق في فترة وجيزة نهضة اقتصادية فاقت كل التوقعات وتجاوزت ماحققه مشروع مارشال الأوروبي، والمعايير والآليات الذي اعتمد عليها الحلم الصيني لتحقيق هذه القفزة الصناعية والتقنية والاقتصادية الهائلة خلال فترة زمنية قصيرة ، والتي أصبحت شاهدة وحاضره للعيان في كل أنحاء العالم.
سوف أتحدث عن كل مدينة بمفردها نظراً لما شاهدته ووجدته في هذه المدن و لا يمكن للمرء أو أي زائر للصين أن يختزل كل انطباعاته لدولة بحجم الصين التي تأخذك إلى فضاء فسيح من الدهشة والإبداع اللامتناهي وتحلق بك في سماء من النمو والتطور المتسارع في حلقة واحدة ويفرغ مافي جعبته من تساؤلات حيرت العالم عن المستوى العالي والراقي في فن القيادة والإدارة والانتظام في كل أرجاء البلد رغم تعداد سكانه البالغ مليار و 300 مليون نسمة يقطنون مساحة اكثر من 9 ملايين كيلو متر مربع ويمتاز بحضارة عرقية إضافة إلى تعداد قومياته البالغة 56 قومية متعددة الأعراق والديانات ولكنها تجسد في معانيها قيم الدين الإسلامي الحنيف فيما يتعلق بالمعاملة، والتسامح والتعايش، والحب والاحترام المبتادل وحسب الاستقبال وكرم الضيافة كل هذه القيم التي من المفترض أن تجسد في العالم الإسلامي وخاصة العربي منه، للكننا افتقدناها ووجدناها في الصين نتيجة سوء تعامل شعوبها وحكامها لهذه القيم، واستطاعت الصين أن تستفيد منها وتجمع كل الأنظمة التي تتوائم مع طبيعة السكان حيث استطاع الحزب الشيوعي المتوافق مع الخصائص الصينية في فترة وجيزة من أن يضع خطط واستراتيجيات خمسية ركزت في المقام الأول على تنمية الفرد واحترام حقوقه المفتاح الرئيس للنهضة الصينية مؤمنة أن لكل مجتمع في العالم حلم ، وحلم الصين هو تحقيق أحلام وتطلعات وآمال كل مواطن صيني، وتحسين مستواه التعليمي و الاجتماعي والمعيشي والاقتصادي" لذلك بدأت في مطلع الثمانينيات بتنفيذ الحلم الصيني وكل القادة يعملون كعقارب الساعة وكقلب رجل واحد يجسدون العمل المؤسسي وبدأ الحلم يتحقق من خلال التركيز على كيفية خدمة الشعب وإعطائه كافة حقوقه وكفالة حريته والمواطنة المتساوية، وارسي قواعد الديمقراطية الحقيقية، وكذا اعتماد نظام تطبيق الإصلاح والانفتاح على العالم والاعتراف بالأخطاء وتصحيح السياسات التي تتناسب مع سياسة العصر، وتوفير البيئة الاجتماعية الآمنة والمستقرة التي تعد احد اهم عوامل الإصلاح والنجاح والنهضة الثقافية والتنموية والاقتصادية، بالإضافة إلى الاعتماد على الذات لتحقيق كل هذه النجاحات .
لقد شكلت لقاءت الوفد العربي بأهم صانعي السياسة والاقتصاد الصيني في العاصمة السياسية ((بيجين )) رؤية أولية عن الحلم الصيني في الثروة ورغد العيش، والمستقبل المنظور، والمفأجاة التي تحضرها الصين للعالم عند اكتمال حلمها في 2020 والتي بلا شك أنها تسعى إلى غزو العالم اقتصادياً وإعادة ماضيها التليد مع جيرانها في آسيا والدول العربية التي تربطها بهم علاقات تاريخية تعود إلى ماقبل الإسلام ، إضافة إلى زيارة بعض الأماكن والمواقع التي ساهمت في بلورة هذه الرؤية وإيصال رسالة أولية مفادها، اننا امة صينية موحدة تستخدم لغة واحدة وهوية واحدة وتاريخ مشترك.
وشملت الزيارة عقد عدد من جلسات الحوار بين الجانب العربي- والصيني حيث قدم كل من مدير إدارة غرب آسيا وشمال افريقيا بوزارة الخارجية الصينية السفير تشن شياودونغ، و الخبير المتخصص في الأبحاث الاقتصادية والسياسية ومسئول إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الصينية السفير شين سونق ، ومسئول إدارة غرب آسيا وشمال افريقيا بوزارة التجارة الصينية لي ييوبينق ، شروحات موجزة عن مراحل تطور العلاقات التاريخية بين البلدان العربية والصين منذ ما قبل الإسلام عن طريق تجارة الحرير البرية والبحرية وحتى الوقت الراهن،وحجم التعاون التجاري والاقتصادي بين الصين والوطن العربي وخطط الصين لإستراتيجية التي جعلتها تضاعف الناتج المحلي إلى 142 بالمائة عما كان عليه في 1978م.
وأكدوا أن الصعود الصيني ليس خصماً او خطراً على مصالح أي قوة، فبعكس الصعود الغربى الذي أدى إلى نشؤ ظاهرة الاستعمار في المنطقة، فإن الصعود الصينى هو صعود اقتصادي وثقافي وسياسي لا يتضمن استعمال الأدوات العسكرية، او السعي وراء الهيمنة والسيطرة على المنطقة، بل هناك مصالح مشتركة وفي مقدمتها القضايا التنموية الداخلية ذات الأولوية المطلقة يليها قضايا تحقيق الاستقرار والتكامل مع دول شرق اسيا وفيما يتعلق بالعالم العربي فهم يرون ان هناك قيم وتاريخ مشترك مع العالم العربي في مواجهة الهيمنة الغربية والتسلط ، وذلك واضح من وقوف الصين الى جانب الدول العربية خصوصا القضية الفلسطينية ورؤية الصين لحل القضية الفلسطينية من خلال القرارات الدولية، إضافة إلى وقوفها مع حق الشعوب في عملية التغيير في دول الربيع العربي ووقوفها المبدئي ضد أي تدخل في الشئون الداخلية لأي دولة في العالم وخصوصاً في العالم العربي.
واوضح المسئولون الصينيون أن الصين تشهد تطوراً ونمواً سريعاً حيث بلغ إجمالي الناتج المحلي خلال السنة الأخيرة 8,3 ترليون دولار، يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي قرابة 6 آلاف و 100 دولار، الأمر الذي جعلها تتبوأ المرتبة الثانية عالمياً بعد امريكا من حيث الناتج القومي، و بلغ نصيب الفرد من الأراضي الصالحة للزراعة نحو 1,3 هكتار للفرد، وبلغ نصيب الفرد من الماء النظيف قرابة آلفان و 100 مترمكعب وتشكل 28 بالمائة من المتوسط العالمي، ويبلغ نصيب الفرد من النفط في السنة حوالي 11 طن، وفيما يتعلق بالغاز الطبيعي فأن الصين تمتلك 0.9 من احتياطي الغاز الطبيعي في العالم، ولن يعني ذلك أن الصين ليس لديها مشاكل وبطالة وفقراء ولكن بنسب ضئيلة مقارنة بعدد السكان، حيث تواجه الصين تحديات ومشاكل تتمثل في حماية البيئة نتيجة التلوث الناجم عن عوادم السيارات وأدخنة المصانع والكثافة السكانية التي وصلت إلى مليار و300 مليون نسمة، منهم 80 مليون نسمة من شريحة المعاقين وهم بحجم دولة ألمانيا، و توفر سنوياً قرابة 7 ملايين فرصة ما يوازي عدد سكان الإمارات وعمان.
وكشف صانعو القرارات أن السنوات الخمس القادمة ستقوم الصين باستقطاب أكثر من 10 تريليون دولار امريكي، بينما ستقوم بالاستثمار ب500 مليار دولار في خارج الصين وهو ماسيعزز سياسة الانفتاح على العالم، فيما سيصل عدد السياح الصينيين إلى الخارج قرابة 500 مليون سائح إلى مختلف بلدان العالم الامر الذي سيوفر فرص سانحة و كبيرة لمختلف الدول.. مشيرين إلى دور الشباب والإعلام العربي المشترك في تعزيز الصداقة العربية – الصينية، القائمة على السلام والاستقرار والتنمية المشتركة و الاحترام والتفاهم المتبادل والخالية من أي مصالح شخصية وأن هذا الملتقى يعتبر واحد من 12 آلية لمنتدى التعاون العربي – الصيني التي تسعى من خلاله الصين إلى تطوير التعاون الاستراتيجي بين الجانبين.. مؤكدين أن الصين أكبر شريك تجاري للدول العربية حيث بلغ حجم التعاون والتبادل التجاري خلال العام الماضي 2012 قرابة 220 مليار دولار بنسبة نمو 10,5 بالمائة عن العام الماضي وأكثر من 11 ضعف من عام 2001 م، كما أنه يعتبر أهم وأكبر شريك في مجال شراء النفط الخام من السوق العربية.. موضحين أن الصين قدمت خلال الفترة الماضية مساعدات للدول العربية بقيمة 23 مليار يوان صيني، مايعادل قرابة 4 مليارات دولار، وساهمت في تدريب وتأهيل أكثر من 14 ألف كادر وقدمت العديد من المشاريع الخدمية والتنموية في مختلف المجالات الصحية والاقتصادية والرياضية والتعليمية للبلدان العربية، وتسعى الصين إلى تنفيذ مشروع التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج ،وتعزيز التكامل الاقتصادي الذي كان حلقة وصل مهمة في طريق تجارة الحرير البري والبحري.
وعند زيارتنا للصين لفت انتباهنا مع زملائي من الوفد اليمني رغم حجم السكان والمباني والأبراج الشاهقة في العاصمة بكين إلا إننا شاهدنا الجميع يعمل كقلب رجل واحد وكعقارب الساعة بانتظام ودقة، وعند الساعة التاسعة والنصف مساءً تغلق الصين بكافة محلاتها وأسواقها ومولاتها الصغيرة والكبيرة ومطاعمها،وعند استفسارنا لماذا، تمت الإجابة بأن الصينين يعملون طوال النهار ليرتاحوا طوال الليل، فأمامهم يوماً جديداً يحتاج إلى نشاط وحيوية لإنجاز كل المهام وعدم تأجيلها، لو قلدها العالم العربي واستفاد منها لأصبحت البلاد العربية بفعل حضارتها تضاهي أوروبا وأمريكا، كما أننا لم نشهد أي حركة ازدحام للسير او حوادث مرورية وذلك يرجع لحسن التنظيم وفعل التخطيط المدني الذي كرسته الدولة لبناء العاصمة وفق أسس ومعايير دولية لاسيما وأن التشييد والبناء مازال مستمراً ،كما أننا لم نشاهد أي رجل شرطة او أمن في الشوارع كما يحدث في الوطن العربي، ، كما أثار إعجابي جمال ونظافة المباني والشوارع رغم الكم الهائل من المصانع الموجودة إلإ إننا لم نرى أي مخلفات للقامة ولا ترى القطط والكلاب الضالة والأهم من ذلك حركة البناء للجسور والكباري التي تشييد في عدد من الأماكن لم يتم قفال وقطع الشوارع مثلما يحدث عندنا، ولكن يتم تجهيز كل قطعة وتركيبها خصوصاً مكان التقاطعات، وبدون إزعاج الساكنين او السائقين كما هو حاصل عندنا، كما شد انتباهي أيضاً إغلاق بعض مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة، ومنع استخدام صحون التقاط القنوات الفضائية"الدوش" وعند سؤالنا عن السبب كانت الإجابة ان الصينيون حريصون على المحافظة على النظام والقانون للمجتمع الصيني وكنت أأيدهم في ذلك للحفاظ على الدولة بشكل موحد وقطع الطريق عن من يريد ايجاد ثغرات وإثارة الاضطرابات السياسية داخل المجتمع الصيني.
كما شد انتباهي مع زميلي الدكتور عبدالله الشامي الغياب الشبه كامل للغة الانجليزية بين أبناء الشعب الصيني وقد يعود ذلك الى اعتزاز الشعب الصيني بلغته القومية وهويته الثقافية واعتماد اللغة الصينية كلغة عالمية يدفع الأجانب لتعلمها، إضافة إلى غياب وصعوبة التعاملات النقدية والتحويلات المالية من أي دولة كما يحصل في اليمن لأسباب ودواعي أمنية حسب قول من سألناهم وكانت حجتهم معاهم، الأسعار كانت عالية في بكين ومعظم مدن الصين مقارنة بما نجدها في عالمنا العربي وخصوصاً الألكترونيات وسألنا عن السبب كانت إجابتهم أن الأسعار مرتفعة نتيجة ارتفاع جودة الصناعات الصينية حسب احتياجات السوق المحلي والتي يتم تصديرها إلى السوق الأوروبية والأمريكية، فيما البضاعة التي يتم تصديرها للشرق الأوسط تكون أقل جودة لذلك فهي رخيصة، إما في المدن الصناعية والتجارية في الصين التي من المفترض أن تكون الأسعار منخفضة تفاجئنا بارتفاع سعرها خمسة أضعاف ماوجدناها في العاصمة بكين.
ورغم كثافة وازدحام البرنامج الرسمي الذي طغى على الزيارة وحرمنا من متعة التسوق مقارنة في الفترة القصيرة التي قضيناها في رحاب الصين العظيمة إلا أن الجهة المنظمة للملتقى كانت موفقة في اختيار القصر الإمبراطوري المحطة الأولى للزيارة وذلك للاطلاع على جذور التاريخ لصيني العظيم الذي ظل لقرون طويلة قوة عالمية وإمبراطورية عظمى تهيمن على كل جيرانها الآسيويين وتخشاها كل دول العالم، وذلك لربط الماضي التليد بالحاضرالمعاصر، واستطاعت الجهة المنظمة أن توفر لنا طاقم رائع وفريق صيني تميز بالجدية وروح الفريق الواحد والعمل والانضباط وحسن التنظيم والتخطيط للوفد العربي وتسهيل حركته وتنظيم وتحديد الأماكن والمناطق التي زرناها بدقة متناهية وحسن في التعامل والتفاهم والاحترام ترك أثراً جيداً وانطباعاً جميلاً لدى أعضاء الوفد وساهم بشكل كبير على نجاح فعاليات الملتقى الثاني للشباب العربي.
بعد ذلك انتقلنا لزيارة أهم معالم العظمة الصينية إبداعاً وتصميماً في القرن الواحد والعشرين وسط أجواء مفعمة بالحب و التفاؤل والطموح وملامح السعادة التي ظهرت على معظم أعضاء الوفد العربي وهم يشاهدون ملعب "عيش الطير" الذي تم تصميمه وتنفيذه على شكل عش الطيور، وأقيمت فيه أولمبياد بكين 2008 التي أبهرت العالم إنذاك وشكلت لوحة فنية بديعة الجمال مزجت فيها بين الخيال والحقيقة وتركت بصمة في أذهان العالم لا يمكن نسيانها،ورغم برودة الطقس التي بلغت قرابة 6 درجات تحت الصفر، إلا أن الوفد استمر في الطواف و الإطلاع على طبيعة المكان الساحر والمكعب المائي ومكان إيقاد الشعلة وأخذ الصور التذكارية أمام هذا المعلم الحضاري المعاصر.
وعقب ذلك كانت وجهتنا إلى وزارة الخارجية الصينية، لانعقاد جلسة الحوار الأولى مع السفير تشن شياودونغ مدير عام إدارة غربي أسيا وشمالي أفريقيا بالوزارة الذي قدم لنا الإطار العام للإستراتيجية الصينية، والسياسة الخارجية خلال المرحلة القادمة والحديث عن مستوى التعاون اليمني- الصيني، وخصوصاً عقب زيارة فخامة رئيس الجمهورية الأخيرة والناجحة إلى الصين، والتأكيد على أن صعود الصين إلى مرتبة القوة الكبرى لا يشكل ولن يشكل تهديدا لأي قوة أخرى، وإنما يفيد كل القوى الدولية الأخرى وخصوصاً في المنطقة العربية والدول النامية، وفي اليوم التالي انعقدت الجلسة الحوارية الثانية بوزارة التجارة مع مسئول إدارة غربي آسيا وأفريقيا بالوزارة حول التعاون الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية والتي ذكرناها سابقاً، وفي اليوم الثالث انعقدت الجلسة الثالثة مع مسئول إدارة التخطيط السياسي بوزارة الخارجية الصينية السفير شين سونق والذي قدم شرح موجز عن الخطط والاستراتيجيات التي اعتمدتها الصين لتحقيق الحلم الصيني والتي ستستمر حتى 2020م ، ثم انتقلنا إلى فندق ستار ريقيس لحضور مأدبة العشاء التي أقامها نائب وزير الخارجية تشاي جيون وأخذ الصور الجماعية والتذكارية مع الوفد العربي، وتم إستقبال الوفد بمستوى عالٍ من الحفاوة وكرم الضيافة التي أغدقوا علينا بكل ماهو يليق بمشاعر الإسلام والمسلمين منذ أن وصلنا المطار وحتى المغادرة من إعداد وتجهيز وتقديم كافة الأطعمة بالطريقة الإسلامية فيما يتعلق بالطعام.
وفي اليوم التالي انتقلنا إلى متحف الصين الوطني المكون من أربعة طوابق ويضم 8 أجنحة وأقسام مختلفة لسلالة الإمبراطوريات التي حكمت الصين، وتعرف الوفد على الحضارة الصينية القديمة ومايحتويه المتحف من مكنوزات أثرية وتاريخية من برونزية ونحاسية وأواني فخارية وتماثيل حجرية وبرونزية وعملات معدنية نادرة وأحجار بركانية تعود إلى آلاف السنين، ومخطوطات تجسد الحضارة الصينية التي تمتمد إلى ماقبل الميلاد، بعد توجه الوفد إلى موقع "شبكة الصين" الالكترونية للمعلومات الإخبارية، والتي يزورها يومياً أكثر من 80 مليون زائر من مختلف بلدان العالم، وطاف الوفد بالأقسام الصحفية والتحريرية التي تضمها الشبكة وخدمات الملتيميديا، والمهام والأنشطة التي تقوم بها الشبكة، حيث تقوم بإعادة تحرير الأخبار العالمية عبر عشر أقسام تحريرية ونشرها عبر عشر لغات عالمية هي" الصينية، العربية، الانجليزية، الألمانية، الفرنسية، الأسبانية، التركية، الروسية ، اليابانية، العبرية"، ويعمل فيها قرابة 400 محرر صحفي، وتعتمد مصادرها على المواقع الالكترونية العربية والاجنبية وإعادة تحريرها ونشرها بغرض توثيقها، وتعتبر الشبكة جسر الصداقة بين الصين ودول العالم وخصوصاً الدول العربية حيث تغطي كافة القضايا على الساحتين العربية .
كما اطلع الوفد العربي على كلية اللغات الأجنبية بجامعة بكين، والتعرف على الطلاب الصينيين الدارسين في مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، في الجامعة وتم تبادل الخبرات والمعرفة ووجهات النظر حول مستوى تعليم اللغة العربية وعدد الطلاب الدارسين والمتخرجين من الكلية والتي ستمثل جسر الصداقة والتعاون الثقافي بين الوطن العربي والصين، وكما أشرنا إليها في تقرير مستقل على العنوان ، وكان مسك ختام زيارة العاصمة السياسية بكين بحضور فعالية ثقافية ترفيهية بمسرح تشاويانغ ومشاهدة عرض أكروباتي، وسط ظهور علامات الذهول والدهشة لما شاهدناه في بكين ممزوجاً بالتعب والمشقة التي ظهرت على معظم أعضاء الوفد نتيجة كثافة وازدحام برنامج الزيارة وغياب برامج التسوق الحر والراحة بين كل زيارة او على الأقل بين زيارات المدن الثلاث التي زرناها، والتي لم تسعفنا وتمكنا من الخروج الحر والالتقاء بالأصدقاء من الجاليات العربية بالصين او للتسوق وشراء الاحتياجات والمتطلبات الخاصة التي كانت ضمن سلم أولوياتنا عن سفرنا للصين ورجعنا بخفي حنين، و أصبنا بخيبة أمل أكثر ومقلب كبير عندما كان فريق الخارجية الصينية المرافق لنا ينصحنا بشراء كل ما نحتاجه من الكترونيات وهدايا وملابس من المدينة الصناعية والتجارية تشونغتشينغ المحطة الأخيرة للزيارة ستكون الأسعار منخفضة حسب قولهم، ولكننا وجدناها عكس ذلك والتفاصيل في الموضوع القادم عن المحطة الثانية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.