كشفت صحيفة سعودية أن الرئيس المستقيل عبدربه منصور هادي الذي فرضت عليه جماعة الحوثي او من يسمون انفسهم "أنصار الله" الإقامة الجبرية بمنزله في صنعاء يعيش في عزلة تامة عن العالم الخارجي، مشيرا إلى أن الحوثيين يضيقون الخناق على هادي بصفة تدريجية. وأوضحت صحيفة "عكاظ" السعودية نقلا عن مصدر يمني لم تسمه، أن الحوثيين يهددون وبصفة مستمرة المقربين من هادي، ويؤكدون لهم بأن أي حديث عن تفاصيل إقامته الجبرية سيعرضهم للسجن والمساءلة، في محاولة للتعتيم على كثير من الأسرار حول حياة الرئيس اليومية، الذي طالبت كثير من الدول والمنظمات العالمية بفك أسره ومنحه حرية تحديد مصيره بنفسه، وهو ما جوبه بالرفض من قبل الحوثيين. وأشارت الصحيفة إلى أن "هادي الذي كان يستقبل بعض المقربين والزوار في الأيام الأولى من عزلته لم يعد بإمكانه ذلك الآن"، لافتا إلى أن "المكالمات الهاتفية التي يجريها هادي محدودة جدا وتخضع لرقابة وتصنت من حوثيين استعانوا ببعض موظفي الاتصالات المتخصصين في عملية التجسس وتسجيل المكالمات". وقال المصدر إن هادي الذي يعيش وضعا نفسيا صعبا لا زال متماسكا لإيمانه بأن الخطوة التي أقدم عليها كانت الخيار الأمثل لتبرئة ذمته أمام الشعب، مستغربا محاولات الحوثيين تصوير الوضع على أن هادي ليس تحت الإقامة الجبرية. وأضاف "إذا كان الحوثيون ينفون عن أنفسهم هذا الإجراء التعسفي، فلماذا لا يطلقون سراحه ويتركون له حرية تحديد مصيره بنفسه، إما بالبقاء في صنعاء أو مغادرتها إلى أي جهة يختارها بمحض إرادته". وشهد التاريخ السياسي في اليمن الكثير من الصراعات على السلطة، بعضها سياسية، وأخرى عسكرية، سواء على مستوى شمال اليمن (الجمهورية العربية اليمنية) أو جنوبه (جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية)، سابقا، قبل أن تتوحدا في إطار دولة واحدة إثر وحدة اندماجية وقامت (الجمهورية اليمنية) في 22 من مايو (أيار) عام 1990، فمعظم الرؤساء في اليمن إما قتلوا أو جرى نفيهم إلى خارج البلاد. ففي الشمال كان الرئيس المرحوم عبد الله السلال، أول رئيس للجمهورية العربية اليمنية وجرى الانقلاب عليه ونفي إلى خارج اليمن، عقب حصار السبعين يوما عام 1969، للعاصمة صنعاء من قبل الملكيين الذين يلتقي الحوثيون معهم، سابقا وحاليا، ثم خلفه الرئيس الراحل عبد الرحمن الإرياني الذي عزل من منصبه بانقلاب أبيض ونفي إلى سوريا حتى مماته، ثم تسنم الرئيس المقدم إبراهيم الحمدي، زمام السلطة اثر ثورة تصحيح، لكنه لم يلبث سوى بضع سنوات، حيث جرى اغتياله وتصفيته هو وشقيقه عبد الله الحمدي، قائد قوات المظلات، في حادثة لا يجرؤ الكثير من اليمنيين الرسميين الذين عاصروا تلك الحقبة الحديث حولها بسبب ملابسات عملية الاغتيال وأسماء المتورطين فيها، وخلف الرئيس أحمد حسين الغشمي الحمدي في الرئاسة، غير أنه لم يلبث في الحكم سوى ثلاث سنوات وبضعة أشهر، قبل أن يغتال برسالة (حقيبة) مفخخة، حملها إليه انتحاري، كان مبعوثا من الرئيس الجنوبي، حينها، سالم ربيع علي (سالمين)، ثم تسلم السلطة الرئيس السابق علي عبد الله صالح في 17 يوليو (تموز) 1978، وحتى تنحيه عن السلطة أواخر عام 2011، بعد انتفاضة شعبية اندلعت في 11 فبراير (شباط) 2011، أطاحت بنظامه وقد تنحى في ضوء المبادرة الخليجية لحل الأزمة في اليمن، أواخر العام نفسه. وفي الجنوب، اعتقل أول رئيس للجمهورية هناك وهو قحطان الشعبي، حتى مماته بعد 11 عاما من الاعتقال، ثم خلفه الرئيس سالم علي ربيع الذي كان يعرف ب"سالمين"، (1969 - 1978) والذي جرى الانقلاب عليه وتصفيته من قبل رفاقه، وفي الجنوب، أيضا، قتل عبد الفتاح إسماعيل، وكان حينها رئيسا سابقا، في الأحداث الشهيرة التي عرفت بأحداث 13 يناير (كانون الثاني) عام 1986، ثم غادر الرئيس علي ناصر محمد الجنوب وظل في الشمال إلى حين قيام الوحدة اليمنية، ثم علي سالم البيض الذي يعيش في المنفى، حاليا، والقاسم المشترك بين كل الأحداث التي تعرض لها الرؤساء في اليمن ودورات العنف والانقلابات وغيرها، هو أن تلك الأحداث صنعت في دوائر السلطة وأن الدولة ظلت باقية ولم تنهر وتسيطر عليها الميليشيا، كما هو الحال في اليمن، حاليا. وفي "الجمهورية الثالثة" في اليمن، يعد عبد ربه منصور هادي ثاني رئيس بعد صالح للجمهورية اليمنية، والأول الذي تجري محاصرته داخل منزله ويخضع للإقامة الجبرية، وهذه المرة ليس من الرفاق في الحزب أو الدولة أو من قادة الجيش، وليس بسبب ملكيته أو إماميته أو أنه يميني أو يساري، أو مع الروس وضد الشيوعية الصينية أو أنه إمبريالي ويوالي دول الغرب والديمقراطيات، ولكنه اضطر إلى الاستقالة في 22 يناير الماضي، بعد أن سيطر الحوثيون على مقاليد السلطة في البلاد واحتلوا القصر الجمهوري ودار الرئاسة والوزارات والمؤسسات وحاصروا منزله، بل وأطلقوا عليه وابلا من النيران.