تبرز محافظة تعز كخط دفاع متقدم عن الجنوب اليمني وأحد أقصر الطرق الاستراتيجية للوصول إلى عدن، التي تحولت مؤخراً إلى عاصمة سياسية مؤقتة للبلاد، عوضاً عن صنعاء التي باتت توصف ومنذ 21 سبتمبر المنصرم بكونها عاصمة محتلة من قبل ميليشيا الحوثيين المسلحة الموالية لإيران. وتشهد تعز منذ سيطرة جماعة الحوثي على العاصمة صنعاء تصاعدا غير مسبوق للفعاليات الشعبية الرافضة للانقلاب المسلح الذي نفذته الجماعة ضد الشرعية الدستورية في 19 يناير الماضي بالتوازي مع تصاعد مماثل لاستعدادات وترتيبات الحوثيين الهادفة إلى اجتياح المحافظة والسيطرة عليها، وهو ما تعذر حتى الآن لاعتبارات لا علاقة لها بموازين القوى أو التكافؤ في الامكانيات والقدرات المسلحة. واعتبر الناشط السياسي بتعز عبدالجبار شائف الحمادي أن فشل الحوثيين في تنفيذ مخطط اجتياح تعز والسيطرة عليها يرجع لاخفاقهم الذريع في اختراق البيئة المجتمعية المتفردة التي تتألف منها تعز واحداث انقسام في المواقف يسهم في تسهيل دخولهم الى المحافظة. وأشار الحمادي إلى أن اتساق مواقف كافة المكونات السياسية والشعبية بتعز الرافضة لانقلاب الحوثيين والمناهضة لمساعيهم الحثيثة الهادفة الى السيطرة على عاصمة المحافظة عبر نشر ما يسمي ب"اللجان الشعبية المسلحة" أسهم والى حد كبير في تحجيم "أنصار الحوثيين" في تعز وتحويلهم الى مجرد مجاميع محدودة تغرد خارج سرب الاجماع الشعبي في المحافظة، لا تمتلك مقومات التأثير والحضور الفاعل في الشارع العام. المتغيرات الطارئة في مشهد الأزمة السياسية المتصاعدة في اليمن عقب مغادرة الرئيس هادي العاصمة صنعاء بعد فترة احتجاز قسري له في منزله من قبل الحوثيين واستئنافه ممارسة مهامه الرئاسية من عدن، دفعت جماعة الحوثي الى استئناف وتصعيد محاولاتها ومساعيها الهادفة الى السيطرة المسلحة على "تعز" لاعتبارات تتعلق بكون الأخيرة تمثل أحد أقصر الطرق الاستراتيجية التي يمكن من خلالها التهديد الفاعل باجتياح العاصمة السياسية المؤقتة للبلاد، واستعادة القدرة مجدداً على فرض حصار قسري على الرئيس الشرعي للبلاد، والخروج من بوتقة الحصار السياسي المطرد الذي فرضه الأخير على الجماعة، عقب وصوله إلى عدن وما أعقب ذلك من مبادرة العديد من البعثات الدبلوماسية الخليجية والغربية الى نقل سفاراتها بشكل مؤقت الى عدن بعد الاغلاق الجماعي والمتزامن لمقراتها الرئيسية في صنعاء يوم 10 فبراير 2015.