تفاجأت بسمة برنين هاتفها في إحدى ليال العشر الأواخر من رمضان. كان صوت الطبيب يخبرها في تلك اللحظة بأن فتى قد يكون أخاها موجود هو وصديق له في المستشفى، وأن حالتهما جيدة، ولا داعي للقلق!.
في مستشفى الجمهوري تفاجأت الفتاة بوجود أهل (ع.ع) ، وهو صديق باسم (أخو بسمة). كان (ع.ع) في غرفة مجاورة، أخبروها أنه مصاب بكسر في رجله، وأخبروها أن تصلي لأخيها باسم الذي يرقد الآن في العناية المركزة. كانت تعلم مذ أغلقت سماعة الهاتف أن باسم ليس بخير، وأن هناك ما يدعو للقلق.
نصف ساعة مرت، بسمة وأهلها، ونصف أهل الحارة الذين اكتظت بهم صالة المشفى يتهامسون ويتلون الصلوات والدعوات أن يقاوم باسم آلامه، غير أن الطبيب خرج وأخبرهم بأن إرادة الله فوق أي إرادة، وبأن باسم انتقل الى جوار ربه.
أخبروها أن باسم كان برفقة صديقه (ع.ع) (سائق متر) تعرضا لحادث مروري فوق كبري 45 بالقرب من جامع الصالح عن طريق باص لاذ سائقه بالفرار. كان الأمر ليكون طبيعياً، قضاء وأجل اختار باسم لينتقل الى الملكوت الأعلى، بينما يعاني صديقه من كسر في رجله.
"المشهد اليمني" التقى بسمة التي اختارت أن تبدأ بالبوح عن خفايا جريمة تظن أنها ارتكبت تحت أستار الظلام.
تحدثت بسمة بحرقة بأن شكاً في نفسها كان يتولّد شيئاً فشيئاً، إذ أنها بعد أن هدأت لبعض الوقت بعد نبأ موت باسم، أرادت أن تدخل الى غرفة (ع.ع) لتسأله ماذا جرى لهما بالضبط، لكن أهله كانوا متواجدين بكثرة أباب باب غرفته، ومنعوها من زيارته، وأخبروها أن الطبيب وصى بذلك.
تقول: في اليوم التالي ذهبت الى المشفى، لكنني تفاجأت بأحد الأطباء يخبرني أن (ع.ع) قد خرج مع أهله في الليلة السابقة. حينها بدأت الشكوك تراود نفسي.. اتصلت برقمه فلم يرد، اتصلت بأهله فلم يجب أحد، ذهبت الى منزلهم فأخبروني بأن (ع.ع) في قريته للراحة.
أضافت: طلبت منهم أن أرى المتر الذي صدمه الباص، فرفضوا ذلك وأخبروني ألا أحاول البحث أبداً عنه!
تضيف أيضاً: حينها تأكدت شكوكي بأن القصة التي أخبروني بها عن مقتل أخي كانت ملفقة، وأن هناك ما يخفونه عني، واستدركت قائلة: أنا على يقين أن من قتل أخي هو (ع.ع)، فسألناها لماذا؟ فقالت: كنت أعلم أن باسم تربطه قصة حب بأخته، وبحكم أني أكبر منه فإني أعلم كيف تفكر غالبية الأسر "الهاشمية" باحتقار لبقية الناس وبأنهم "آل الرسول" لا يساويهم أحد ولا يدانيهم أحد، ولا يزوجون بناتهم لغير الهاشميين، فنهيته عن التواصل بها خصوصاً لأنها من أسرة هاشمية لها نفوذ كبير في الدولة، لكن أخي كان لا يفهم هذه الاعتبارات الرجعية، وأخبرني بأنه سيتزوج بها وإن وقف كل العالم في وجهه.
ثم أضافت: بعد فترة علمت بأن خبر العلاقة قد وصل الى أم الفتاة، فقلقت أكثر على أخي، وحاولت أكثر من مرة إقناعه بألا يذهب وحيداً مع صديقه ، لكنه لم يصغ لي، وكان ما كان.
سألناها عن أهم ما دفعها للاعتقاد بأن (ع.ع) هو القاتل فأخبرتنا أن رفضه مقابلتي، وتهريبه من المشفى في جنح الليل، وإخفاؤه عني، وكذا إخفاء المتر الذي قيل أنهما كانا يركبانه لحظة وقوع الحادثة. وأضافت أنها اتصلت بمحقق عن طريق النيابة العامة واتفقت معه على أن يذهبا معاً يوم السبت الى أسرة (ع.ع)، لكن بعد ذلك بيومين (يوم الخميس) اتصل بها المحقق قائلاً أنه ذهب بمفرده في ذلك اليوم وأن الموضوع مجرد قضاء وقدر وأن عليها أن ترضى بما كتبه الله.
وفي ختام لقائنا معها أخبرتنا أنها طرقت عديد الأبواب شاكية، لكن دون جدوى، لكنها لن تهدأ ولن تملّ أبداً حتى تعرف الحقيقة الكاملة.