أثار تكتّم السلطات القطرية على حادثة فقدان المحققين البريطانيين بشأن الانتهاكات ضدّ العمّال الأجانب، مخاوف فعليّة من تعرّضهما للتعذيب على أيدي أجهزة الأمن، ممّا يشي بتصعيد الضغوط الدولية على الدوحة. وذكرت تقارير صحفية بريطانية، أمس الجمعة، أنّ الباحثين البريطانيَيْن كريشنا أبادهايا وجيميري جونديف، اللذين تمّ الإعلان عن اختفائهما في قطر أثناء قيامهما بتحقيقات في قضية «استعباد» العمّال النيباليين الوافدين إلى قطر، محتجزان لدى السلطات القطرية. وكانت منظمة «الشبكة الدولية للحقوق والتنمية»، ومقرّها النرويج، قد كلّفت الباحث «كريشنا أوباديايا» والمصوّر «غونديف غيمير» بالتحقيق بشأن ظروف عمل العمّال الوافدين، بعد وعود قدّمتها السلطات القطريّة في فبراير الماضي بإجراء إصلاحات إثر انتقادات دولية واسعة. وقال علاء أبوبكر، مدير البرامج لدى الشبكة الدولية للحقوق والتنمية، إنّ «هناك جهودا مكثفة للعمل على تحديد موقع الموظفين التابعين لنا منذ أربعة أيام، وأن ضغوطا تبذل على الحكومة القطرية للكشف عن مكان احتجازهما». وأضاف أبوبكر «نحن نؤمن أن القطريين يعلمون مكان موظفينا، خاصة أنهما تعرّضا للملاحقة من قبل أفراد ينتمون للشرطة القطرية»، مستطردا «نعتقد أنهما يتعرّضان الآن للتحقيق في ظروف صعبة". من جانبها طالبت بندانا غيمير، زوجة أحد المحققين المختطفين، الحكومة البريطانية بتقديم المساعدة في استعادة زوجها. وقالت غيمير «تُساورني المخاوف من أن زوجي تعرّض للتعذيب على أيدي السلطات القطرية». واختفى زوجها المصوّر «غونديف غيمير» وزميله الباحث «كريشنا أوباديايا» بعد يومين من وصولهما إلى قطر في 27 أغسطس. الشبكة الدولية للحقوق والتنمية أكدت أن هناك ضغوطا على الحكومة القطرية للكشف عن مكان احتجاز وكان أوباديايا قد أرسل، قبل اختفائه، رسالة هاتفية إلى مسؤوليه أعلمهم فيها أنه وزميله يتعرّضان «للمضايقة والملاحقة من الشرطة القطرية» وفق المنظمة غير الحكومية النرويجية. وبدورها قالت زوجة غيمير إنها تلقت اتصالا هاتفيا من زوجها لآخر مرة، الأحد، أخبرها خلاله أنّه سيصل إلى المملكة المتحدة في اليوم التالي، ولكنه لم يتمكن قطّ من الوصول إلى مطار الدوحة. وقالت المنظمة، التي يعمل المحققان لديها، إنها طلبت منهما مغادرة قطر على الفور بعد أن أبلغاها أنهما يتعرّضان للملاحقة من قبل عدد كبير من رجال الشرطة، قبل أن يتمّ بالفعل حجز تذاكر السفر على الطائرتين المتجهتين إلى كلّ من لندن وامستردام، «لكنهما اختفيا عقب مغادرة الفندق مباشرة». وحمّلت المنظمة الحكومة قطر المسؤولية عن سلامة موظفيها، قائلة، في بيان أصدرته للغرض، «تحمّل الشبكة الدولية للحقوق والتنمية السلطات القطرية مسؤولية أمن وسلامة موظفيها المختطفين". ويرى مراقبون أنّ حادثة اختفاء المحققين البريطانيين من شأنها أن تزيد الضغوط الدولية على الدوحة، التي واجهت ولا تزال عددا من الانتقادات لدفعها إلى اتخاذ المزيد من التدابير من أجل حماية العمّال المهاجرين والبالغ عددهم 1،4 مليون. وكان مئات العمال المهاجرين، وخاصة من نيبال والهند، قد لقوا حتفهم في العامين الماضيين في قطر التي تشهد ازدهارا في أعمال البناء وهي تستعد لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم في غضون ثماني سنوات، لاسيما أنّ معظم الوفيات لها صلة بقطاع البناء والتشييد. وقد دفعت الإحصائيات الرسمية المتعلقة بارتفاع عدد العمّال المتوفين، بمعدل أكثر من عامل واحد يوميا، كبرى الصحف العالمية إلى شنّ حملة كبيرة ضدّ مونديال قطر2022، متهمة الدوحة بشراء الأصوات بكلّ الطرق للفوز بشرف تنظيمه، خصوصا أنّ إنكلترا كانت تنافس قطر للفوز بحقوق تنظيم البطولة. يُذكر أنّ منظمة العفو الدولية، التي تُعدّ أكبر منظمات الدفاع عن حقوق الإنسان في العالم، كانت بدورها قد ندّدت في تقرير خاص بوجود «انتهاكات مقلقة» لحقوق عمّال الإنشاءات الوافدين إلى قطر، معتبرة أنّه يتعيّن على الدولة الخليجية أن تنتهز فرصة استضافتها لكأس العالم لكرة القدم 2022 لإثبات احترامها لحقوق الإنسان.