تمثل الثورة في أساسها قضايا قيم ومبادئ وأخلاق وسط زحام النفعية وتكاثر الفساد، لذا لابد أن تكون وتظل عادلة تحافظ على الحياة وتقدس ذلك وتحترم كيان الخصم. ويجب أن تحكم المثالية والفضيلة المطلقة سلوك الجميع، في الوقت يستطيع الثوار أن يعبروا عما يريدون ويسعون لتغييره من دون أن تتساقط أوراق شجرة القيم والمبادئ ورقة تلو الأخرى، مما يفقد أي ثورة حاضنتها الشعبية التي اكتسبتها ويحولها إلى كابوس مزعج تفرز فقط الطائفية والمناطقية وعفنهما. فالشعوب تنضج بالحروب وتستفيد من الأزمات, التي تمر بها وتتعلم فن العيش والقبول بالآخرين مهما اختلفت آراؤهم. ومازلنا، نحن في اليمن، لم نخسر بعد حتى نبكي الوطن الذي تمنينا أن نراه صرحاً عالياً حاضناً لأبنائنا وأجيالنا من بعدنا بمختلف مشاربهم وطوائفهم ومناطقهم ولهجاتهم وألوانهم، ومازلنا نراهن أن اليمن مليئة بالعقلاء الذين سيجنبونها الاحتراب والولوغ في الظلم والظلم المضاد, ومازلنا نردد أن الأشخاص ليسوا بنهاية المطاف ونهاية التاريخ لهذا الشعب العريق، فالأشخاص ماضون ويبقى الوطن وما سنقدمه له.
فخير ما نقدم له الآن هو أن نوحد صفوفنا ونرفع أيدينا جميعاً باتجاه واحد لإغلاق باب الطائفية والعنصرية والمناطقية المقيتة، ولنعتبر من دول سبقونا إلى ذلك ولم يستقروا حتى اليوم. يجب علينا الابتعاد عن المصطلحات العنصرية والمذهبية في صراعاتنا العبثية مهما كان الدافع. ويجب على الحراك الشعبي الموجود في ساحتنا والقوة الغالبة الآن أن يكونوا في مظاهرتهم وثوراتهم من أجل المبادئ والشراكة العادلة دون انتقاء في المواطنة, أي من أجل إصلاح الدولة ومؤسساتها للجميع, لا من أجل أشخاص وأفراد زائلين. فاليمن لنا جميعاً يجب أن تكون قبلتنا وحسب!!!