أقول لقطبي الحرب في اليمن، لا تكابرا من خلال البحث عن أي مخارج تصور لكما أنكما قد انتصرتما. إن ذلك غير ممكن.. البحث عنه في الكويت أو في غيره ضحك على العقول، خداع للنفس. لم تفرز هذه الحرب أي انتصار للمشروع السعودي، ولن يكون لها في المستقبل نفس النفوذ الذي كانت تتمتع به قبل الحرب والذي شنت الحرب من أجله. ولكن ذلك لا يعني أن السعودية ستسقط إذا لم يتحقق ذلك، بل إنه يمكن القول إن استمرارها في الحرب وبأي ثمن سيعرضها للسقوط. لقد استخدمت السعودية كل قوتها وأنفقت أموالاً كثيرة. ولكنها في الواقع قد خسرت أدواتها في الداخل، وتسببت في قتل اليمنيين، وارتكبت أعمالاً يحرمها القانون الدولي والشريعة الإسلامية وحقوق الجوار. ولن يستطيع أعفاءها من ذلك لا مفاوضات الكويت، ولا ظهران الجنوب، ولا هادي، ولا أنصار الله، ولا أي حكومة جديدة، ولا مجلس الأمن، ولا أحد في الدنيا إلا الشعب اليمني. ومن ثمّ فإن عليها أن تعترف بأخطائها وتطلب السماح من الشعب اليمني. لقد أعطي لانصار الله فرصة لإظهار مشروعها الحقيقي بدون خوف إن كان لديها مشروع حقيقي. ولكن التطوات التي تلت استيلاء أنصار الله على صنعاء، أظهرت أنه ليس لديها أي مشرع قابل للتحقق في اليمن، ناهيك عن الحديث عن أي مشروع للأمة الإسلامية وللعالم. لقد هربت حركة أنصار الله إلى الحرب بهدف إيجاد فرصة من أجل أن تطور مشروعها. فالمشروع الحضاري لا ينبع من الحرب وإنما من السلم. وها هي الحرب تجبرها على التنازل عما ادعت أنها تحارب من أجله. تستطيع حركة أنصار الله أن تحصل على فرصة جدية لقيم مشروعها وما قامت به من خلال تسليم السلطة إلى الشعب؛ أي من خلال المطالبة والإصرار على الانتخابات من أجل أي شرعية جديدة لها أو لغيرها. فلا تنازلها للسعودية أو للمجتمع الدولي الذي كانت ولا تزال تكفر به بقادر على إنقاذها مما وضعت نفسها فيه. فعليها أن تتوب إلى الله، وتعترف بأخطائها، وتطلب الشعب اليمني بالعفو عنها. * د. سيف العسلي بروفيسور الاقتصاد جامعة صنعاء، وزير المالية الأسبق