استدعت تركيا الخميس سفيرها في المانيا ردا على قرار يؤكد ان المجازر التي ارتكبتها القوات العثمانية ابان الحرب العالمية الاولى ضد الارمن واقليات ميسيحية تشكل "ابادة"، وهددت بان يكون للقرار تاثيرات على العلاقات الثنائية. وصوت البرلمان بالاجماع تقريبا مع معارضة نائب واحد امتناع اخر عن التصويت، على القرار الذي حمل عنوان "احياء ذكرى ابادة الارمن واقليات مسيحية اخرى قبل 101 عام".
وفي احدى قاعات البرلمان رفع حاضرون بينهم عدد من ابناء الجالية الارمنية لافتات كتب عليها "شكرا لكم" عند اعلان رئيس البرلمان نتيجة التصويت وسط التصفيق.
ورحب وزير الخارجية الارمني ادوارد نالبانديان بالقرار قائلا "ارمينيا ترحب بتبني مجلس النواب القرار".
واشاد الوزير بالقرار ووصفه بانه "مساهمة المانية قيمة ليس فقط في الاعتراف والتنديد الدولي بابادة الارمن وانما في النضال العالمي لمنع ارتكاب ابادة وجرائم ضد الانسانية".
الا ان تركيا سارعت الى التنديد بالقرار واستدعت سفيرها في المانيا للتشاور. كما استدعت القائم بالاعمال الالماني الى وزارة الخارجية في وقت لاحق من الخميس.
وحذر الرئيس التركي رجب طيب اردوغان من ان الاعتراف "سيؤثر بشكل خطير" على العلاقات الثنائية بين البلدين.
وصرح للصحافيين في كينيا التي يزورها حاليا ان "هذا القرار سيؤثر بشكل خطير على العلاقات التركية-الالمانية" مضيفا انه سيتخذ عند عودته الى تركيا قرارا حول "الخطوات" التي سترد فيها بلاده على ذلك.
كما اعتبر المتحدث باسم الحكومة التركية نعمان كورتولموش ان "اعتراف المانيا ببعض المزاعم المحرفة التي لا اساس لها يشكل خطأ تاريخيا" مضيفا ان "هذا القرار باطل ولاغ".
وفي تغريدة على توتير وصف وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو القرار الالماني بانه خطوة "غير مسؤولة" متهما برلين بالسعي لتحويل الانظار عن تاريخ الرايخ الثالث المظلم.
واضاف "ان طريقة التغطية على الصفحات القاتمة في تاريخهم يجب ان لا تكون عن طريق تشويه تاريخ الدول الاخرى من خلال قرارات البرلمان غير المسؤولة والتي لا اساس لها".
قدمت النص كتل الاكثرية البرلمانية اي الاتحاد المسيحي الديموقراطي والاتحاد الاجتماعي الديموقراطي والحزب الاشتراكي الديموقراطي اضافة الى حزب الخضر المعارض.
وياتي الاعتراف ب"الابادة" في وقت تعتمد فيه المانيا والاتحاد الاوروبي على مساعدة تركيا في وقف تدفق المهاجرين الى القارة الاوروبية رغم تصاعد التوتر بين الجانبين بسبب حقوق الانسان وغيرها من القضايا.
وتسعى يريفان منذ فترة طويلة الى الحصول على اعتراف دولي بالابادة، الا ان انقرة ترفض استخدام ذلك الوصف للاشارة الى مجرزة الارمن قبل قرن وتقول ان ما حدث هو ماساة جماعية قتل فيها عدد متساو من الاتراك والارمن.
- شفاء الجروح القديمة -
ورغم الاقرار بغضب تركيا بشان خطوة النواب الالمان، الا ان القادة السياسيين قالوا ان الاعتراف الواضح بالحقائق التاريخية هو خطوة مهمة في شفاء الجروح القديمة.
وصرح فرانز جوزف يونغ نيابة عن الحزب المسيحي الديموقراطي بزعامة المستشارة انغيلا ميركل "نحن لا نهدف الى محاكمة تركيا، لكننا نوضح ان تحمل المسؤولية عن الماضي هو امر لا بد منه من اجل المصالحة".
ومارس القادة الاتراك الضغوط قبل التصويت، فقد اعتبر رئيس الوزراء التركي بن علي يلديريم ان مبادرة مجلس النواب الالماني تشكل "اختبارا فعليا للصداقة" بين البلدين.
وقال يلديريم في خطاب في انقرة "هذا النص لا يعني شيئا بالنسبة لنا، وسيشكل اختبارا فعليا للصداقة" بين البلدين.
وقد حذر اردوغان من ان تمرير القرار "سيلحق ضررا بالعلاقات المستقبلية بين البلدين"، واتصل الثلاثاء بميركل للتعبير عن "قلقه" والتشديد على ان هذا "الفخ" يمكن ان يؤدي الى "تدهور مجمل العلاقات مع المانيا".
ولم تحضر ميركل النقاشات لكنها ابدت تاييدها للقرار خلال تصويت سابق في الكتلة البرلمانية المحافظة.
-- مسؤولية جزئية -
قبل الان لم تتخذ برلين موقفا واضحا من مجازر الحرب العالمية الاولى، وكان الرئيس يواكيم غوك ارفع مسؤول الماني يطلق عليها وصف "الابادة".
واثار خطابه العام الماضي خلال احياء الذكرى المئة للمجزرة، انتقادات شديدة من تركيا.
ومشروع القرار حول ابادة الارمن تحفظ عنه حتى بعض المسؤولين الالمان، على غرار وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير الذي قال المتحدث باسمه انه "يامل" الا يؤدي الى "تازيم العلاقات لفترة طويلة مع تركيا".
وتعتبر هذه القضية حساسة بشكل خاص في المانيا التي تقيم علاقات خاصة مع تركيا لوجود ثلاثة ملايين من اصل تركي يعيشون في المانيا وصلوا في اطار برنامج "العمال الضيوف" في ستينات وسبعينات القرن الماضي.
وعند بدء النقاشات اكد رئيس البوندستاغ نوربرت لاميرت ان المجلس "ليس محكمة ولا لجنة مؤرخين" مشيرا الى ان النواب الالمان انما "يتحملون مسؤوليتهم" عبر تاييد هذا القرار.
وعبر عن اسفه "للتهديدات العديدة بما يشمل التهديد بالقتل" التي استهدفت بعض النواب لا سيما المتحدرين من اصول تركية.
واضاف ان هذه التهديدات "غير مقبولة، ولن نسمح بترهيبنا".
ويؤكد الارمن ان 1,5 مليون ارمني قتلوا بطريقة منظمة قبيل انهيار السلطنة العثمانية فيما اقر عدد من المؤرخين في اكثر من عشرين دولة بينها فرنسا وايطاليا وروسيا بوقوع ابادة.
وتقول تركيا ان هؤلاء القتلى سقطوا خلال حرب اهلية ترافقت مع مجاعة وادت الى مقتل ما بين 300 الف و500 الف ارمني فضلا عن عدد مماثل من الاتراك حين كانت القوات العثمانية وروسيا تتنازعان السيطرة على الاناضول.
واعترفت اكثر من 20 دولة بينها فرنسا وروسيا بابادة الارمن.
وفي اشارة الى الفظائع التي ارتكبت بحق الارمن، نص قرار النواب ان "مصيرهم يعد مثالا على عمليات الافناء والتطهير العرقي والطرد والابادات التي اتسم بها القرن العشرين بهذه الطريقة الوحشية".
كما يلحظ ان "الامبراطورية الالمانية تتحمل مسؤولية جزئية عن هذه الاحداث".