الأربعاء الماضي؛ قام عدد من أعضاء مؤتمر الحوار الوطني (منتمين إلى محافظات جنوبية، وممثلين لحزب المؤتمر، وتجمع الإصلاح، والحراك الجنوبي) بحملة لجمع توقيعات للمطالبة بإلغاء النقطة العاشرة من النقاط ال 11، التي سبق أن طرحها فريق عمل القضية الجنوبية، وطالب بتنفيذها كإجراءات وتدابير ضرورية لبناء الثقة مع الجنوب. وأمس الأول؛ تبنى محمد علي أحمد السعي لإلغاء هذه النقطة بحجة أنها تستهدف تاجر جنوبي هو أحمد العيسي لصالح حميد الأحمر. وتنص النقطة ال10 على: "استعادة كل المنشآت النفطية المؤجرة، بما فيها منشأة حجيف، إلى الدولة، وإلغاء كافة العقود الاحتكارية في مجال المنتجات والمشتقات النفطية، وإلغاء أية عقود مشابهة، كذلك إيقاف بيع المنشآت والمرافق السياحية والعامة". صياغة هذه النقطة واضحة وهدفها إيقاف سيطرة رجل الأعمال توفيق عبد الرحيم على منشأة حجيف النفطية، وأيقاف احتكار أحمد العيسي لعملية نقل النفط ومشتقاته بحرياً، وهو احتكار يُسيطر عليه منذ سنوات وبالأمر المباشر من مراكز قوى تورط في العمل معها في هذا القطاع الذي كان، ومازال، يستخدم كمظلة لتهريب الديزل. محمد علي أحمد وزملاءه الأشاوس لم يرو في النقطة غير أنها تُمثل استهدافاً لتاجر جنوبي، محاولين استخدام هويته الجغرافية (ينتمي العيسي إلى أبين) لاسقاط هذا المطلب بما يُمثله من أبعاد وطنية؛ شمالاً و جنوباً! والمضحك أن محمد علي أحمد شن، الخميس على خلفية هذا الأمر، حملة على حميد الأحمر، واتهمه "بمحاولة نهب ما تبقى من أراضي وثروات الجنوب"، مع أن عملية نقل النفط ومشتقاته أمر لا علاقة له بنهب الثروات؛ بالمعنى المباشر والمنطقي. وقال محمد علي أحمد أن "حميد" "يريد الحصول على عقود نقل النفط بحرياً، وسحبها من مستثمر جنوبي"! في حدود علمي؛ فلا علاقة لحميد الأحمر بالنقاط ال11، ولديه موقفاً رافضاً لها، ضمن رفضه لمؤتمر الحوار والمشاركة فيه. لهذا لم أفهم حيثيات الاتهام الذي وجهه محمد علي أحمد للرجل. السيد محمد علي يتولى رئاسة فريق القضية الجنوبية، وعلاقته بهذه النقاط أكثر، وأقرب، من علاقة حميد الأحمر بها. ولأنه كذلك؛ ذهب، في اجتماع عقده الفريق الخميس، إلى التشكيك بزملاءه، وقال إن الفريق الذي يرأسه "مخترقاً"، لأنه قرر التعامل مع الوضع الجديد انطلاقاً من: "هذه النقطة مرت علينا.."! و"مرت علينا" بمثابة إعلان براءة له من الموقف المضر بمصالح "العيسي" ليس باعتباره جنوبياً، بل باعتباره تمكن من الوصول إلى ترتيب وضعه وعلاقته مع القائد الجنوبي العائد من المنفى للدفاع عن مصالح الجنوبيين في عاصمة الأعداء: صنعاء! قال الرجل، بشكل حاسم، مخاطباً أعضاء فريق القضية الجنوبية: "نحن لا نريد أن نلغي العقد (عقد العيسي).."، ولتبرير موقفه غامر مندفعاً للاتكاء على جدار الكذب؛ إذ قال أن مبرره لرفض إلغاء عقد العيسي أن هناك 4 آلاف عامل جنوبي سينضمون، في حال تم ذلك، إلى رصيف البطالة! وبلغة المخلص؛ أضاف: "ونحن مهمتنا إعادة المسرحين الجنوبيين، وليس إلقاء عبء إضافي فوقهم". وأكد "أحمد" أنه "سيُدافع عن حقوق هؤلاء العمال، ولن يسمح بعبث مراكز القوى التجارية في الشمال بأرض وثروات عمال الجنوب". ما علاقة أرض وثروات الجنوب بالأمر؟! لا أعرف؛ لكن يبدو أنها أصبحت لازمة لدى كل من يريد خوض معارك خاصة. ضعف المنطق، وافتقاره للنزاهة، يجعل صاحبه على هذا القدر من التخبط الذي يُثير قدراً بالغاً من الشفقة، والإزدراء. ولأنه ليس بإمكان محمد علي أحمد، وغيره، الدفاع عن وضع خاطئ (احتكار العيسي لعملية النقل البحرية للنفط ومشتقاته، وهو احتكار قائم منذ سنوات)؛ عادوا إلى القضية الجنوبية، واستدعوها لاستخدامها كقفاز لتبرير الخطأ، والدفاع عنه. والحاصل أنه يجري توظيف القضية الجنوبية في وضع لا أخلاقي، وما أكثر ما يتم ضبط الأوغاد واللصوص في أوضاع غير أخلاقية مع القضايا العادلة. والظريف في الأمر؛ أن عملية استدعاء جنوبية أحمد العيسي اقتضت استدعاء "شمالية مشيطنة"، قرر السيد محمد علي أحمد تجسيدها في شخص حميد الأحمر باعتباره التجلي الأبرز والواضح للشمالي الذي بنى ثروته اعتماداً على النفوذ، وسلطة المركز. -- نائف حسان فيسبوك