مما لاشك فيه أن تعز - العاصمة الثقافية ومنارة الفكر والإشعاع الحضاري لليمن ومنبع القومية العربية واليسار التقدمي - يتميز أبناؤها بالسلوك الحضاري المدني بعشقهم للعلم والحب والسلام، وسعيهم لقهر الأمية والجهل والتخلف والعصبية العمياء ورفضهم للعنف والإرهاب واستخدام لغة السلاح والقبلية.. انصهروا في الجسد الوحدوي لليمن وناضلوا في سبيل تحقيق الوحدة العربية الشاملة رافضين أشكال العصبية والتطرف طيلة عقود من الزمن. تعز اليوم تعاني من فوضى عارمة تدمر الأخضر واليابس من خلال رفض أعداء الشعب السياسة المدنية التي انتهجها المحافظ شوقي أحمد هايل، هذا الرجل غير المتعصب للولاء الحزبي الضيق، في ظل صراع "إخوانى - حوثي" للسيطرة على تعز التي يعمل الإخوان على الانفراد بها قبل أن يسحب الحوثيون البساط من تحت أقدامهم. تعز سلمت رسمياً بعد فشل حركة 15 أكتوبر الناصرية عام 1978م وسيطرة الإخوان على جهاز الأمن الوطني وكانوا شركاء في كل مفاصل الدولة مستغلين الدعم السخي الرسمي لهيئة المعاهد العلمية التي بلغت موازنتها الرسمية سبعة مليارات ريال وبلغ إجمالي موظفي الهيئة 40 ألف موظف رسمي عاثوا في الأرض فساداً وكانوا شركاء في الإيجابيات والسلبيات ويتحملون كل الأوزار بما في ذلك ضحايا الصراع السياسي والمخفيون قسريا وشهداء الحركة الناصرية وعناصر الجبهة الوطنية الديموقراطية ولهم اليد الطولى في حكومات ما بعد الوحدة وفى نهب الأراضي وغيرها. إن التاريخ لن يرحم احداً وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. لقد التفوا على ثورة الشباب السلمية وتآمروا عليهم ولم يلبوا لهم أي مطلب، لذلك ليس غريباً أن يعمل التجمع اليمنى للإصلاح بكل السبل للسيطرة على المحافظة وشن حملته على المحافظ الذي كان سنداً لشباب التغيير فيها والذي اخضع الوظيفة العامة في المواقع الإدارية العليا إلى مفاضلة الخدمة المدنية تجسيداً لمبدأ الشفافية وتطبيق سيادة القانون ومعيار البقاء للأصلح والأكفأ. إن إغلاق المؤسسات التعليمية بالمحافظة يعد سابقة خطيرة وجزءاً من المؤامرة الاستعمارية التي تعمل على تجهيل الشعوب العربية حتى تظل عملية التفوق للعدو الصهيوني. هذه القوى الظلامية التي تعمل على تجهيل الشعب وترفض مبدأ سيادة القانون تعمل على إغراق تعز في الفوضى القبلية واستخدام لغة السلاح كبديل للغة القانون فوق الجميع حتى وصل الأمر حد وضع المتفجرات لنسف أبراج الكهرباء.. هل هذا هو المجتمع المدني الذي سقط من أجله آلاف الشباب.. فأين هم أبناء تعز ومثقفوها الذين يعول عليهم التصدي للمؤامرة التي تستهدفهم في إغراق محافظتهم الأبية في الفوضى والثارات ومستنقع الدم؟! لذا ينبغي على أبناء تعز جميعاً أن يعملوا على ترسيخ الأمن والاستقرار وفتح صفحة جديدة من الحب والإخاء والسلام والتسامح والتصالح ورفض التعصب الحزبي الضيق وتجسيد مبدأ الدولة اليمنية الحديثة وترك السلاح وفتح المدارس والمعاهد والجامعات والتعاون مع المحافظ في تطبيق سيادة القانون ورفض الفوضى والوقوف بحزم ضد كل من يعتدي على المؤسسات العامة والخاصة وتنفيذ القرارات الصادرة عن السلطة المحلية. * صحيفة المنتصف