تستقل باص صغير ، 6 راكب متجها إلى التربة ، عاصمة الحجرية ، حيث تجري هنا على قدم وساق ، انشاء أول جامعة متكاملة على مستوى الريف ، بدعم من دولة الكويت ، لم يكن اختيار الحجرية لإنشاء أول جامعة ريفية اعتباطا ، بل لاعتبارات كثيرة ، منها حالة الشغف لدى أهالي الحجرية بالتعلم والتعليم ، ولذلك تعد الحجرية أكبر قاعدة يقاس عليها مستوى الوعي الأجتماعي في اليمن كله . يشق الباص طريقه بصعوبة وسط الزحام ، سيارات من كل نوع ، حالات تصادم ، وأخرى تكاد أن تصدم بعضها بعضا ، هروبا من الحفر والمطبات الكثيرة ، فالطريق بين تربة الحجرية ومدينة تعز أصبح غير صالح لمرور المركبات منذ وقت طويل ، ولم يخضع لصيانة منذ عقود طويلة .
مرور المركبات ، لا سيما الباصات الصغيرة منها ، في مدن صغيرة على طول الطريق ، أمر لافت ، لم يكن كذلك من قبل ، فالطريق أصبح بديلاً لطرق أخرى واقعة تحت الحصار المفروض على المحافظة من الحوثي ، منذ سبع سنوات
سألت سائق باص صغير : هل طريقك التربة!؟
أجاب : لا .. أنا طريقي فقط إلى نجد قسيم فقط ، ومن هناك يتوجب عليك أن تستقل باصا آخر إلى النشمه !
على امتداد الطريق ، تشاهد جماعات طلابية ، تسير على جانبي الطريق ، شباب وفتيات ، صبيان وصبايا ، قليلا منهم يستقلون باصات أجرة إلى مدارسهم ، تلفت يميناً ويسارا ، ترى مدارس عملاقة ، يصدح منها صوت النشيد الوطني ، يسمعه كل تلك القرى المجاورة .
رددي أيتها الدنيا نشيدي ، اصوات طلاب شامخين في فناء المدرسة ، انسجام وتناغم وانضباط ، يتجاوزون في حضورهم طلاب مدينة تعز ، حيث الرقابة الإدارية التعليمية على كثرتها .
فتيات كثر ، يصعدون معك في ذات الباص ، للذهاب إلى كلية التربة ،واخريات إلى مدارس ثانوية ومعاهد وكليات مجتمع وتدريب نسوي ، شغف غير معقول بالتعليم .
هناك فرق بين مدينة وحضر ، بالنسبة للحجرية الأمر مختلف ، حتى في ملابس الرجال والنساء ، البنطال أكثر شيوعاً في أوساط الرجال قياسا بمركز المحافظة ،_ تعز ، والنساء أكثر إبهاجا بملابس ملونة في مناطق متعددة ، وحتى مساكن الناس ، فلل و قصور بالحجارة ، وخدمات إنترنت وهاتف ومراكز وتسوق ضخمة ، ومطاعم ومستوصفات ، منتشرة في المدن الصغيرة الواقعة بين مدينتي التربة وتعز ، لا شيء يعكر الحياة هنا ، غير رداءة الطرق وأزمات الغلاء والأسعار والغاز
ويأتي وضع حجر الأساس لجامعة التربة تعز ، ليضع بصمة أمل في قلب الحجرية ، قلب اتعبته الحرب كثيرا ، كما كل اليمن ، لكن الحجرية بلاد تكره الحرب ، بلاد تجد نفسها في معارك التعليم والتجارة والحياة المدنية ، قياسا بكل مناطق اليمن .