حضرموت اليوم هي الضامن الأول للحمة اليمانية، من لا يريدها كذلك فسيسعى للخراب ونشر الفوضى وسيخسر وحده، أما حضرموت فخياراتها واضحة، كل ما أنتجه الحراك الانفصالي في المربعات الجغرافية الأكثر تشوقا لغنائم النفط فقدت كل خططها بضربة قاصمة. انها الفدرالية، الهبة الحضرمية بداية لتثبيت الفدرالية كخيار واقعي لا مفر منه، حاولت تعز عبر محافظها صياغة تجربة مغايرة إلا أن المقاومة كانت شديدة .. حضرموت عبر الهبة الشعبية ومطالبها وآليات حركتها وشعاراتها هي فعل يسعى بوضوح لصياغة فدرالية مازالت محل اختلاف .. بمعنى ان الحضارم يصيغون إقليمهم ضمن الدولة الواحدة وهذا بداية لحسم الخلافات حول شكل الدولة ومدخل أولي لإضعاف الأصوات الانفصالية وإعاقة الأطروحات المتطرفة التي تتناول القضية الجنوبية، ومواجهة معارضي الفدرلة بمطالب واضحة عبر هبة أهدافها بيّنة. ... الهبة الشعبية خلطت الأوراق وحركت الجمود وفتحت آفاقاً جديدة للتسويات.. واللي بيعجن لن يعجن إلا نفسه ويعجن اليمن في خيارات الفانتازيا السياسية التي تبدو واقعية، وهي خيالات تقف أمام تحولات تفرض نفسها. تقولوا.. فخامة هادي أيش بيسوي!؟ أصلا المؤسسات الرسمية في بلادنا مابتنفعش في القصص الكبيرة، فخامة هادي يشتي شبكة تواصل واسعة.. جلس يقطع تواصلاته.. اشتغل بوعي ديكتاتور يعتقد ان الدولة آلة مضبوطة تشتغل تلقائيا بحكم طبيعتها. يا فخامة هادي الدولة ديكور لفاعليات أخرى. أين تنظيرات الدكتور ياسين سعيد نعمان من الانتفاضة الحضرمية؟ عصبة اليسار المناطقية ستذوق وبال أمرها في فشل قهري سيصيب اليمن بالحمى والسهر وعندئذ ستغدو الكلمات رماداً تنظيرياً في عاصفة اكبر من كل الصغار. ... هبة من اجل الدولة الضائعة في دهاليز مراكز القوى في صنعاء، حضرموت بداية للبحث عن الدولة المفقودة. لن يتعضوا، وسيدخلون في وسواس قهري مؤامراتي! قد ينتجون حرباً عبثية لتغدو الدولة بعدها سراباً في حقول الفساد، معضلة اليمن الأولى. حضرموت لن تعيش حالة اللادولة كما هو الوضع اليوم. هناك حلول قوية وجذرية .. فقط تحتاج جراءة اكبر مما يتصور اللاعبون الصغار وقوى المصالح. اليمن يحتاج قرارات بحجم الأحداث ... إذا اشتعلت نيران الشعب بالثورة فلن تخمد سلسلة الفوضى إلا بعد أن تنتقم من الكل بلا استثناء، نار تحرق في المبتدأ من يشعلها.. الثورة تهز جذور القانون وتهز الغرائز، العقل يغدو أعمى كلما سفكت الدماء فيها، الدماء وقود العواطف وزيت الحراك الغوغائي .. الثورة لاعقلانية، ولن تتعقل إلا بانتهاء الثورة، ولا ينهي الثورة غير مستبد. الثورة الفعلية لا تقود إلى الدولة والحرية، إما الدولة أو الفوضى، الحرية لا تخلقها الثورات بل الدول القوية، الدولة القوية والتنوير والاقتصاد المنتج يؤسس للحرية، أما الثورات في مجتمع القبائل والعقائد فتقود إلى دمار الإرادة الجمعية، إلى خيار استبداد منظم أو تشتت دائم مع استبداد قهري في جغرافيات تحت وصايات خارجية.