مَرُّوا من هنا. تلك هي العبارة التي تكررت في كتب المؤرخين وهم يتحدثون عن المغول. كان المؤرخون يعتقدون بأن المغول هم ذروة الهمجية التي يمكن للبشرية أن تصل إليها، أو بالأصح أن تنحدر إليها. لم يكونوا يعرفون بأن مغولاً آخرين يمكن أن يأتوا بعد أولئك بقرون، وفي عصر لم يعد يسمح لكائنات مثلهم أن توجد أصلاً، بناء على ما وصلت إليه البشرية من رقي وتقدم. لكنهم جاؤوا من خارج التاريخ، تماماً مثلما جاء المغول، وعاثوا في اليمن فساداً تماماً مثلما فعل المغول. ولن نجانب الصواب إن قلنا بأن مليشيا الحوثي هم مغول العصر. لم يتركوا شيئاً أتوا عليه في اليمن ووضعوا أيديهم فيه إلا ودمروه. لم يسلم منهم مبنى ولا منشأة، ولا أرض ولا عقار، ناهيك عن الشجر والبشر. ما يقرب من 18 ألف منشأة مدنية دمروها في فترة قياسية من الزمن لا تتجاوز أربع سنوات. حيث كشفت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، أن مليشيات الحوثي المدعومة إيرانيًا دمرت 27 ألفًا و541 منشأة مدنية في 14 محافظة خلال الفترة من 30 يونيو 2018، وحتى 30 ديسمبر2021. وأوضحت الشبكة اليمنية، في تقرير أوردته وكالة الأنباء اليمنية (سبأ)، أن المنشآت السكنية كانت الأكثر تضررا؛ حيث سجلت 20996 حالة اعتداء بحق منازل المدنيين، تنوعت بين تدمير كلي وجزئي واقتحام وتفتيش واحتلال وتمترس ونهب وعبث بالمحتوى. وأشار التقرير إلى أن التدمير طال ممتلكات عامة وخاصة، شملت مرافق تعليمية وصحية وخدمية ومقرات حكومية، ومشاريع ومنشآت حيوية، ومعالم أثرية وسياحية، ودور عبادة، والطرق والجسور، ومنازل ومجمعات سكنية، ومقرات الأحزاب والهيئات والمنظمات المحلية والدولية، والمصانع والشركات الاستثمارية والمحلات التجارية، والمزارع وآبار المياه. ونوه التقرير إلى أن معظم القصف العشوائي والهجمات العشوائية التي تشنها مليشيات الحوثي، بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، استهدفت أحياءً سكنية مكتظة بالسكان وأسواقًا شعبية ومحلات تجارية، لافتا إلى أن الأعيان المدنية في محافظتي تعز ومأرب كانتا الأكثر تضررا جراء القصف العشوائي لمليشيات الحوثي. ودعت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، المجتمع الدولي وهيئات الأممالمتحدة إلى فتح تحقيق عاجل وشفاف فيما يتعلق بجرائم استهداف الأعيان المدنية وتقديم مرتكبيها للعدالة، وتشكيل لجنة حصر لحجم الأضرار والخسائر التي لحقت الأعيان المدنية وخاصة (الممتلكات الخاصة).