الطائرة الأخيرة التي سقطت في حضرموت، واختفى فيها أجنبيان وقالت المصادر الأمنية إنهما يعملان في توتال الفرنسية، عملية لم تتبنها القاعدة، ولكن ما يدعو للحيرة أن الأجنبيين المختطفين لم يكونا من ضمن طاقم شركة توتال، وحتى الآن لم تعلن توتال عن ذلك شيئاً، وهذا قد يقودنا إلى أن جهات ربما استخبارية (كبرى) هي من تقف وراء العملية والتخبط الأمني في نسب هؤلاء إلى توتال. يبدو كما لو أنه يزيد الطين بلة وعن قصد!! لا يعلم أحد حتى الآن مصير هذين المختطفين وكأن هناك من يريد مبادلة السرية بمدارة ملفات أخرى!! ليست الطائرة التي سقطت في حضرموت هي الطائرة الوحيدة، التي لم تعلن حتى الآن السلطات الحكومية نتائج التحقيقات فيها، وهذا الغموض هو جزء من مسلسل أحداث عنف كثيرة شهدتها اليمن مؤخراً، والى جانب هذا سقطت في صنعاء عدد من الطائرات الحربية التابعة للقوات الجوية التي ضغط السفير الأمريكي والمبعوث الأممي على الرئيس هادي لتغيير قائدها السابق محمد صالح الأحمر قبل صدور منهج الهيكلة الذي صاغته أمريكا أيضاً، والمثير للأمر أن القاعدة التي تتأخر عادة في إعلان تبني العمليات، لم تتبن حتى الآن أي عملية إسقاط للطائرات الانتينوف والسوخواي والتي راح ضحيتها عدد من الضباط المحترفين إضافة إلى ضحايا من الأهالي التي سقطت على رؤوسهم تلك الطائرات!! ولو قلنا إن القاعدة لا تريد الاعتراف أو تبني العمليات نظراً لفداحة الأضرار خاصة بين المدنيين لكان هذا القول غير منطقي لأن القاعدة وبعد أن نشرت الحكومة اليمنية مقاطع مؤلمة لجريمة مستشفى العرضي وشاهدها في اليوتيوب 3 ملايين مشاهد وهو رقم قياسي لم تتردد في تبني عملية اقتحام العرضي وبصورة دراماتيكية بدا لنا قاسم الريمي متأسفاً ومتوعداً أيضاً وقفز الإعلام الإرهابي خطوتين بعد ذلك لينشر، على لسان عناصره التي كانت ملاحقة في السابق بتهمة العمل في صف القاعدة، لنا تقارير تتحدى ملايين المشاهدين، معتبرين أن ما حدث من جرائم قتل في العرضي إنما كان نتيجة خطأ في التنفيذ وتوضح أن المستهدف ليس الرئيس هادي - كما يقول فارس السقاف مستشار الرئيس - بل غرف عمليات أمريكية خاصة بالطائرات بلا طيار!! وما يهمنا الآن هو أن القاعدة لا تخجل من الاعتراف بقتل المدنيين مثلها مثل طائرات الدرونز والبيت الأبيض!! بمعنى أن عدم تبني القاعدة لعمليات إسقاط الطائرات اليمنية على رؤوس المدنيين هو الدليل الأول الذي تسلكه لجان التحقيق، فكما يبدو من خلال أول تقرير لها، نشرته صحيفة الشارع، عقب سقوط طائرة السوخواي في منطقة بيت بوس أشارت بأصابع الاتهام إلى شيخ قبلي نافذ يقف وراء أعمال يعتقد أنها من العوامل الأكثر إنجاحاً لإسقاط الطائرة وحتى الآن بقي التقرير طي الكتمان ولم يعلن بعد إلى أين توصلت النتائج!! وفي تقرير آخر نشره الصحفي محمد غزوان، في صحيفة "اليمن اليوم"، ذكر التقرير أن هناك عمليات موسعة تستهدف القوات الجوية يمكن أن نصفها بالاستراتيجية، ولكن الرأي الذي يجب أن نؤمن به أن التقرير أشار إلى وجود اختراق في أجهزة القوات الجوية من قبل جماعة الإخوان المسلمين في اليمن والذين لهم ارتباط واضح مع الإرهاب المحلي والدولي وما يؤكد هذا أن التجمع اليمني للإصلاح تبرأ من الإخوان!! وهذا ما قد يؤيد الرأي المطالب للرئيس هادي بإعلان الإخوان تنظيماً إرهابياً وذلك لتوحيد الجهود لمحاربة القاعدة . ويجعل الرئيس هادي في حال رفض هذا الطلب يبدو كما لو أنه إخواني أو يدافع عن الأصولية الاخوانية. مما لاشك فيه أن هناك مصلحة من استهداف الطائرات اليمنية وإسقاطها على رؤوس المدنيين في العاصمة، وهنا يبرز سؤال مهم.. من المستفيد تكتيكياً واستراتيجياً من إسقاط الطائرات؟ هناك جوابان حتى الآن، الأول يقوم على التحليل العسكري التكتيكي: ففي علم الحروب يسعى الطرف غير الممتلك لسلاح قوي يمتلكه عدوه إلى تجنب استخدام هذا السلاح ضده مستقبلاً، بمعنى أن الطرف الذي ينوي الدخول في معركة مع الجيش يريد من هذه المعركة أن تكون بلا طائرات أي تعتمد على حروب مليشيات أو عصابات منظمة ولكن هذا لا يحدد من الأطراف المستفيدة من إزاحة الطائرات عن معركتها مع الجيش حيث يقع ضمن هذه الدائرة ثلاث جهات هي مليشيات الإخوان ومليشيات الحوثيين وتنظيم القاعدة، والأخير وإن فعل ذلك فإن الأمر بالنسبة إليه ليس تكتيكاً عسكرياً ممتازاً باعتبار أن إسقاط الطائرات اليمنية يعني زيادة طائرات الدرونز وزيادة في ضرباتها وبالتالي خسارتها، وهي السلاح الذي لا تستطيع أن تعطبه في مجاله الجوي ولا حتى الأرضي، وإذ نستثني القاعدة فإن ما يتبقى هم طرفان من الناحية التكتيكية هما المستفيدان - الحوثيون والإخوان - باعتبار أن حربهم مع الجيش داخل العاصمة وخارجها يجب أن يكون بلا طائرات يمنية لأن طائرات الدرونز لن تتدخل في حرب سياسية داخلية ومهمتها الأساس ليست إلا القاعدة!! ولو عدنا بالذاكرة إلى العامين السابقين سنجد أن هناك محاولات لجنرال عسكري كبير يعمل لصالح جماعة دينية معينة سعى من خلالها للسيطرة على طائرات الحرس الجمهوري (خلال الهيكلة) وقاعدة طارق الجوية في تعز بما في ذلك محاولته السيطرة على القاعدة الجوية التي تتساقط طائراتها اليوم!! الجواب الثاني للسؤال يقوم على علم التحليل الاستراتيجي بمفهومه الحديث: فالمستفيد استراتيجياً من إسقاط الطائرات على رؤوس المدنيين يبدو انه كامن بين احتمالين، الأول وجود أطراف تسعى لوضع يدها على الصناعة الروسية وربما إزاحتها وإسقاطها من سوق العمل وهذا الطرف تتواجد الآن بعض قواعده في قاعدة العند الجوية، حيث يتم نقل الطائرات إليه، ومشكلة هذا الاحتمال أنه ضعيف !! والاحتمال الثاني وجود طرف محلي يبدو كما لو أنه يريد إخراج هذه الطائرات مع قواعدها الحالية ونقلها إلى مكان آخر نزولاً عند رغبة أطراف دولية متصارعة في سوق السلاح ونزولاً، وهو الأخطر، عند رغبته بامتلاك الاحتياطي الاستراتيجي العسكري في مكان يعتقد أنه الملاذ الآمن له!! ولخشيته من اتهامه بكسر أسوار الحماية على العاصمة لصالح مشاريع خطيرة فإنه لن يتوانى لحظة عن استغلال هذه العمليات وربما قد يدفعه الجنون لحماية المنفذين الآن باعتبار حمايتهم الآن تخدم المشروع الاستراتيجي الرامي إلى استعادة قاعدة العند لدورها الحيوي خاصة وهناك معلومات غير مؤكدة تؤكد أن عدداً كبيراً من الطائرات تم نقلها إلى قاعدة العند إلى جانب معلومات أكثر تأكيدا من ذي قبلها تفيد بأن وحدة الصواريخ قد تم نقلها إلى قاعدة العند فعلاً . نحن لا نتهم الحراك الجنوبي ولكن قد نكون مضطرين لاتهام ثقافته التي بدأت تغزو عقول كثير من الشخصيات الكبيرة . * المنتصف