تنظيم الإخوان الدولي وبرغم واحديته واتفاق كل فروعه على مفهوم التمكين والخلافة، إلا أن لكل فرع من فروعه تجربته الخاصة النابعة من تركيبة الفرع وطريقة عمله وعلاقاته المحلية المختلفة. التنظيم الدولي أشبه بعمود واحد، في أعلاه أكثر الفروع تحضراً وعقلانية، وكان بلا شك فرع الإخوان في تركيا هو الذي يشغل أعلى موقع في عمود التنظيم، وأيضاً لاشك بأن فرعهم في اليمن هو الأسوأ من ناحية التاريخ، فليس له أي مشاركة في أي نضال شعبي ضد الأنظمة، بل إنه دائماً كان المحرض والمحرك لكل الحروب التي شنها النظام في اليمن ضد كل خصوم الإخوان في شمال اليمن، أو جنوبه، بل وكانوا هم من يهيمنون على إعلام الدولة المدلس ومن يقدمون مخزون الفتاوى للنظام، وحتى أنهم الأكثر فساداً تجارياً ووظيفياً في كل مكونات النظام. بقية فروع التنظيم الدولي في بقية الدول بما فيها مصر يختلفون في تموضعهم بين أسفل العمود "فرع اليمن" وبين أعلاه "فرع تركيا"، وكان من المفترض أن يقود فرع التنظيم في تركيا عملية رفع كامل عمود التنظيم بكل مكوناته إلى الأعلى كي يتمكن التنظيم من أن يقدم نماذج حضارية ناجحة، كتلك التجربة التي كان يمضي بها بنجاح فرع التنظيم في تركيا. ولكن للأسف ما حصل أن أسفل العمود "فرع اليمن" استطاع أن يجذب عمود التنظيم الدولي بكامله إلى الاسفل، واتضح ذلك جلياً في اعتصام ومنصة رابعة العدوية التي يظهر في كل تفاصيله تأثير قوي وحاسم لفرع التنظيم في اليمن على كل فعاليات وخطابات، وهتافات ذلك الاعتصام ومنصته، ولم تظهر أي لمسة حضارية لفرع تركيا في الاعتصام، بل إن أردوغان في خطاباته الأخيرة أصبح أقرب لمحمد قحطان وأبعد كثيراً عن أربكان. يا إخوان العالم، فرعكم اليمني هو من جنى عليكم واستطاع أن يغرقكم جميعكم في حضيضه.
