صنعاء: حركة تنقلات جديدة لاعضاء النيابة - اسماء    خطورة القرار الاممي الذي قامت الصين وروسيا باجهاضه امس    الأمم المتحدة: إسرائيل شيدت جداراً يتخطى الحدود اللبنانية    سعر برميل النفط الكويتي يرتفع 1.20 دولار ليبلغ 56.53 دولار    اختتام بطولة 30 نوفمبر لالتقاط الأوتاد على كأس الشهيد الغماري بصنعاء    هيئة مكافحة الفساد تتسلم إقراري رئيس الهيئة العامة للاستثمار ومحافظ محافظة صنعاء    شبوة أرض الحضارات: الفراعنة من أصبعون.. وأهراماتهم في شرقها    أمن العاصمة عدن يلقي القبض على 5 متهمين بحوزتهم حشيش وحبوب مخدرة    بوادر تمرد في حضرموت على قرار الرئاسي بإغلاق ميناء الشحر    قرار مجلس الأمن 2216... مرجعية لا تخدم الجنوب وتعرقل حقه في الاستقلال    دائرة التوجيه المعنوي تكرم أسر شهدائها وتنظم زيارات لأضرحة الشهداء    يوم ترفيهي لأبناء وأسر الشهداء في البيضاء    وسط فوضى عارمة.. مقتل عريس في إب بظروف غامضة    لحج تحتضن البطولة الرابعة للحساب الذهني وتصفيات التأهل للبطولة العالمية السابعة    انتشال أكبر سفينة غارقة في حوض ميناء الإصطياد السمكي بعدن    مجلس الأمن يؤكد التزامه بوحدة اليمن ويمدد العقوبات على الحوثيين ومهمة الخبراء    خطر المهاجرين غير الشرعيين يتصاعد في شبوة    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    "الشعبية": العدو الصهيوني يستخدم الشتاء "سلاح إبادة" بغزة    الأرصاد: أجواء باردة إلى شديدة البرودة على المرتفعات    مدير مكتب الشباب والرياضة بتعز يطلع على سير مشروع تعشيب ملاعب نادي الصقر    شركة صقر الحجاز تثير الجدل حول حادثة باص العرقوب وتزعم تعرضه لإطلاق نار وتطالب بإعادة التحقيق    بيريز يقرر الرحيل عن ريال مدريد    عمومية الجمعية اليمنية للإعلام الرياضي تناقش الإطار الاستراتيجي للبرامج وتمويل الأنشطة وخطط عام 2026    تنظيم دخول الجماهير لمباراة الشعلة ووحدة عدن    فريق DR7 يُتوّج بطلاً ل Kings Cup MENA في نهائي مثير بموسم الرياض    الانتحار السياسي.. قراءة في نموذج الثاني والعشرين من يونيو 1969    مقتل وإصابة 34 شخصا في انفجار بمركز شرطة في كشمير الهندية    انهيارات أرضية بجزيرة جاوة تخلف 23 قتيلا ومفقودا    لاجئون ومجنسون يمنيون في أوروبا يتقاضون ملايين الدولارات شهرياً من أموال الجنوب    ضبط وكشف 293 جريمة سرقة و78 جريمة مجهولة    مليشيا الحوثي تستحدث أنفاقا جديدة في مديرية السياني بمحافظة إب    معهد أسترالي: بسبب الحرب على اليمن.. جيل كامل لا يستطيع القراءة والكتابة    مؤسسة الكهرباء تذبح الحديدة    توخيل: نجوم انكلترا يضعون الفريق فوق الأسماء    وديا: السعودية تهزم كوت ديفوار    الارياني يرفض إعادة الآثار المنهوبة وبعضها بيع في باريس(وثائق)    أمين عام الإصلاح يعزي رئيسة دائرة المرأة في وفاة زوجها    حين قررت أعيش كإنسان محترم    محافظ عدن يكرّم الأديب محمد ناصر شراء بدرع الوفاء والإبداع    الكشف عن لوحة تاريخية للرسام السويدي بيرتل والديمار بعنوان Jerusalem    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الصين تعلن اكتشاف أكبر منجم ذهب في تاريخها    نمو إنتاج المصانع ومبيعات التجزئة في الصين بأضعف وتيرة منذ أكثر من عام    وجهة نظر فيما يخص موقع واعي وحجب صفحات الخصوم    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    حكام العرب وأقنعة السلطة    مي عز الدين تعلن عقد قرانها وتفاجئ جمهورها    الحديدة.. مليشيا الحوثي تقطع الكهرباء عن السكان وتطالبهم بدفع متأخرات 10 أعوام    وداعاً للتسوس.. علماء يكتشفون طريقة لإعادة نمو مينا الأسنان    عدن.. انقطاعات الكهرباء تتجاوز 15 ساعة وصهاريج الوقود محتجزة في أبين    جراح مصري يدهش العالم بأول عملية من نوعها في تاريخ الطب الحديث    عدن تعيش الظلام والعطش.. ساعتان كهرباء كل 12 ساعة ومياه كل ثلاثة أيام    ارشادات صحية حول اسباب جلطات الشتاء؟    اليونيسيف: إسرائيل تمنع وصول اللقاحات وحليب الأطفال الى غزة    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    5 عناصر تعزّز المناعة في الشتاء!    الشهادة .. بين التقديس الإنساني والمفهوم القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماذا يعني تكفير الشاعر عبدالعزيز المقالح؟
نشر في المؤتمر نت يوم 17 - 02 - 2004

كان ينقص أيضاً تكفير عبدالعزيز المقالح حتى تكتمل فصول المهزلة الظلامية التي ما برحت تدور في بعض أقطار العالم العربي. عبدالعزيز المقالح, الشاعر والأكاديمي, الرجل النبيل والمحب, والناشط الدؤوب في حقل الثقافة العربية, والداعي الى الحوار والانفتاح والاعتراف ب"الآخر"... عبدالعزيز المقالح هل يمكن تكفيره؟ وبأي تهمة؟ هل يمكن وصفه ب"الشيطان" كما ارتأت الجماعة اليمنية المتطرفة؟ هل يمكن وصمه ب"الكفر والالحاد", هو الذي سلك طريق الاصلاحيين المتنوّرين, منادياً بالحرية والعدل ومرسّخاً ثقافة السلام, من خلال ما كتب ويكتب, وعبر الدور الذي يؤديه ثقافياً واجتماعياً.
لم تكفّر الجماعة المتطرفة عبدالعزيز المقالح الا عشية اعلان صنعاء عاصمة للثقافة العربية للعام 2004 وبُعيد اختتام مؤتمر "حوار الحضارات" الذي شهدته صنعاء ودعا فيه المقالح الى "تعزيز الحوار الثقافي والحضاري" والى "نشر قيم التفاهم والتسامح" و"إشاعة ثقافة السلام ورفض ثقافتي العنف والتكفير".
وكانت المنظمة العربية للتربية والثقافة والفنون (الالكسو) كرّمت صاحب "كتاب صنعاء" مانحة إياه درعها "تقديراً لإسهاماته المتميزة في حقل الأدب والثقافة". وجاء في بيان التكريم الذي حضره المنجي بو سنينه, الأمين العام للمنظمة أن المقالح "من أبرز المثقفين العرب الذين أثروا المكتبة العربية بانجازاتهم الثقافية والفكرية والأدبية". ولفت البيان الى مساهمة المقالح "في تمكين الثقافة العربية من الصمود في وجه الهجمة الشرسة التي تتعرض لها". هكذا كافأت الجماعة المتطرّفة عبدالعزيز المقالح, أحد رموز اليمن الحديث, مكفّرة إياه بصلافة مفضوحة.
وإن كان هذا التكفير حلقة من حملات التكفير التي طاولت وتطاول مفكرين عرباً, فهو يبدو أمراً "اعتباطياً" وظلامياً بحق. فالمقالح شاعر أولاً وأخيراً وناقد أدبي ومثقف طليعي ولا علاقة له بالسجال الديني أو الفقهي الذي يثير حفيظة الأصوليين المتشددين والمتعصبين, ولا يمكن أن يؤخذ عليه أي كفر أو تجديف, بل هو من المتأثرين بالصوفية والفلسفة الدينية والميتافيزيقية, ومن المعتقدين بإنسانية الإنسان وبالصفاء الروحي والقدرة الإلهية.
حتماً لم يقرأ المكفّرون اليمنيون الذين اتهموا المقالح أياً من كتبه أو دواوينه, ولم يسبروا عالمه الشعريّ الذي ازداد توهجاً في المرحلة الأخيرة. لم يقرأ الظلاميون "كتاب صنعاء", هذا الديوان الذي شاءه المقالح قصيدة احتفالية بالمدينة التاريخية وبرموزها وتجلياتها الجمالية والروحية. لم يقرأ هؤلاء أيضاً "كتاب الأصدقاء" الذي حمّله المقالح تحيات شعرية الى اصدقاء له لا يحصون في اليمن والعالم العربي.
قد يكون هذا التكفير أشبه بالمزحة السمجة, لكن الظلاميين لا يُؤمن جانبهم. واليد التي قتلت المناضل النبيل جار الله عمر تستطيع أن تقتل مَن تشاء, متجاهلة الخصال الحميدة والأخلاق العالية والنبل والكرامة. هكذا يجب عدم التساهل مع مثل هذه الدعوات الإجرامية, ويجب الاحتراس منها ومواجهتها كما يفترض أن تواجه.
إنها بادرة سيئة جداً تستبق افتتاح الاحتفال بصنعاء, مدينة ثقافية عربية. لكن المقالح لن يهاب مثل هذا التهديد وسيمضي في كفاحه الثقافي, متحدياً الظلاميين بالكلمة والحوار والإيمان الحقيقي.
أما المثقفون العرب الذين تنادوا من أجل توقيع بيان يستنكر تكفير المقالح ويدعمه جهاراً, فهم حسناً فعلوا, ولو أن الكلام لا يؤثر في هؤلاء الطالعين من ظلام التاريخ. فالبيان شهادة حق في شاعر صنعاء, هذا الشاعر الذي جعل مدينته العريقة, مدينة ثقافية بامتياز, عربياً وعالمياً. أليس هو الذي كان وراء استضافة غونتر غراس والكتّاب الألمان في اليمن؟ أليس هو الذي أخرج الثقافة اليمنية من عزلتها القسرية؟
وإن كان عبدالعزيز المقالح مستشاراً ثقافياً لرئيس جمهورية اليمن, فهو لم يكن في أي يوم مثقف السلطة, بل ظل دوماً ذلك المثقف الطليعي, وذلك الشاعر الذي لم يشف من جرح الذاكرة اليمنية التي عانت الكثير في مرحلتها التاريخية الحديثة.
لعل تكفير عبدالعزيز المقالح, هو تكفير للمثقف العربي في أحد أرقى نماذجه! انه تكفير للكلمة الحرة والموقف السديد والصوت الجريء.
نقلاً عن الحياة اللندنية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.