كم يعتريني الفخر والاعتزاز عندما أُسطر حبر الحقيقة في أُناس أعطونا كل ما يملكون ، وضحوا بأنفسهم في سبيل عزتنا وكرامتنا ، لم تكن تلك الفترة طويلة التي تعرفت من خلالها على الشهيد عمر بازنبور ، ولكني وجدت في هذا الانسان الذي حوى كل معاني الانسانية ، الصدق والوفاء والاخلاص للوطن ، أذكر أول لقاء جمعني بالشهيد عمر كان في أول سنوات الدراسة الجامعية في عدن ، وكان متحدثاً لبقاً ومدافعاً عن القضية الجنوبية ومن الاشخاص التواقين للإستقلال وإستعادة الدولة . الشهيد عمر بازنبور لايغيب لحظة عن حضور أي فعالية أو أُمسية جنوبية ، ويُقال عنه : إذا أردت أن تبحث عن عمر بازنبور ستجده في ساحات الميدان ، هذه العبارة قيلت ليست مجاملة أو مدحاً في الشهيد ، ولكن قيلت إنصافاً وصدقاً فيه ، كان الشهيد دائماً يردد على لسانه هذه المقولة والتي إستشهد على دربها ، إما أن نعيش حياة بكرامة .. أو نموت بعز ، وهاهو إستشهد اليوم بعز . لقد إستشهد عمر بازنبور متأثراً من إصابة بالغة جداً في راسه ، ناتجة عن تلقيه رصاصة صائبة في الرأس، عند دخوله مُسعفاً لصديقه علاء السعدي ، الذي أُصيب بطلقات نارية في بطنه ويده ، وذلك في يوم تنفيذ الهبة الشعبية التي دعى إليها حلف قبائل حضرموت ، وقد حدث ذلك أثناء مطالبة الشهيد عمر بازنبور ومجموعة رفقائه من باعة القات إخلاء السوق لمنع بيع القات ، أقدم إحدى بائعي القات على إرتكاب الجريمة بصورة مفرطة وقاتلة ومقصودة ولايوجد مايبررها ، بإطلاق رصاصة صوباً على رأسه ، وبعدها أدخلته في غيبوبة لبضع ساعات نزيلاً في غرفة إنعاش مستشفى إبن سيناء ، وأدت به إلى نزيف داخلي حاد ، مما زاد تدهور صحته ، وبعدها توقفت نبضات قلبه ، وأختاره المولى إلى جواره . شاب في مقتبل العمر ، وفي مرحلته الأخيرة من الدراسة الجامعية ، والتي كان يحلم ويطمح من خلالها بأن يكون محامياً مغوار بعد إنهاء دراسته ، ولكن شائت الأقدار بأن يقتلوا هؤلاء الغدارين حلم عمر الذي يطمح من أجله ، هكذا رحل الشهيد عمر بازنبور من حياتنا بعزاً وشرف ، ولكن سيبقى ذكراه مخلداً في قلوبنا ماحيينا. الشهيد عمر بازنبور كان بالرغم من حديَّته وقوته بالدفاع والتصدي عن مبداه المثمتل في التحرير والاستقلال ، إلآ إنهُ كان نظيف القلب والسريرة ، لا يحمل حقداً ولا غيضاً على أحد ، وهذا يدل على رقي وسمو خلقه ، مما يجعل الابتسامة والتسامح ركيزةً لتعلق الناس برمزيته وشخصه ، كان يسرع لتصحيح موقفه ويعترف لغيره بالخطأ بروح مهذبة ونفسية متسامحة ، لم يعرف عنه العنف ولا الإنتقام في مسيرته النضالية ، بل الإعتدال ولا إلتزام والتسامح ، غادر الشهيد عمر بازنبور هذه الدنيا مغدوراً برصاص الخديعة والمكر التي أطالته وأقدمت عليه من إحدى بائعي القات ، ضحى بعمره وعلمه ونضاله في سبيل الوطن ، ولم يكن طامعاً بمال أو مهتم بمآرب شخصية . وداعاً ابا علي ايها الأخ والصديق الوفي ، بعد ان أكرمك الله بالشهادة التي كنت تواقاً لها ، لا تغيب عن وجدانك وحسبانك في كل موقف وقفته في مسيرتك النضالية ، لكل أهلك وأصدقائك وإخوتك وزملائك ومحبيك وللوطن من بعدك الصبر والسلوان والثبات والصمود والسير على دربك ، فنم قرير النفس مع الشهداء في العليين .