هي أول بلدان المغرب العربي الكبير الممتد من غرب مصر حتى ساحل المحيط الأطلسي ، وهي إقليمان : شرقي ويدعى برقة وحاضرته مدينة بنغازي ، وغربي يسمى باسم حاضرته طرابلس وهي كلمة رومانية أصلها تري أي رقم ثلاثة وبول بمعنى مدينة والسين للجمع لأن هذا الإقليم كان يضم ثلاثة مدن أسسها الفينيقيون الذين ارتادوا ليبيا في العهد القديم من التاريخ الليبي . والفينيقيون شعب حضاري اعتاد السفر والتجارة جابوا سواحل الجزيرة والشام وشمال إفريقيا ، ويشير بعض الباحثين إلى شواهد تفيد أنهم كانوا ذوي أصول ( حضرمية ) ، وهم الذين نقلوا السكان الأصليين لليبيا وهم البربر من حياة التجول والرعي إلى حياة الاستقرار ، وصار هؤلاء البربر موزعين بين حضر وبدو رحل . ولم يطلق البربر على نفسهم هذه التسمية بل هم ينسبون قبائلهم المتعددة إلى أصول عربية قديمة يعود معظمها إلى أصول قحطانية ، والذي أطلق عليهم تلك التسمية هم الرومان الذين غزوهم قبيل الفتح الإسلامي ، وهي مشتقة من الكلمة الإغريقية ( بربروس ) بمعنى الأجنبي الذي يتكلم لغة غير مفهومة ، ثم أطلقها عليهم العرب الفاتحون الذين وجدوا أنها توافق الفعل العربي بربر أي نطق كلامًا غير مفهوم إشارة للغتهم غير المفهومة لهم . هذه اللغة أطلق عليها العرب الفاتحون اللغة لبربرية أما البربر أنفسهم فيسمونها ( الأمازيغية ) بمعنى اللغة ( النبيلة ) ، ولها لهجات شتى إلا إنها لم تكن تملك تراثًا أدبيًا مكتوبًا لهذا تراجعت أمام اللغة العربية التي صارت لغة البربر بدخولهم في الدين الإسلامي وبذا صار البربر عربًا باللغة وبأصولهم القديمة وبدينهم وبعاداتهم وتقاليدهم وأسلوب حياتهم ، وباندماجهم بالعرب الفاتحين الذين جددوا أو أحيوا عروبتهم القديمة أصبح من الصعب التمييز بين الوجه العربي والوجه البربري وأضحى الجميع ليبيين ومغاربة . وفي العهد الإسلامي تعاقب على ليبيا ولاة كان من بينهم القائد الحضرمي معاوية بن حديج ( السكوني ) ، وفي أواخر دولة بني أمية نجدها تترنح تحت ضربات ثورة طالب الحق عبد الله ( الكندي ) ، وقد اتجهت فصائل من جيشه إلى ليبيا حيث أقامت هناك كيانًا إباضيًا في إقليم طرابلس الغرب تحت قيادة عبد الله بن مسعود ( التجيبي ) ثم قيادة الحاث بن تليد ( الحضرمي ) ، أما إقليم برقة الشرقي فكان سنيًّا ذا نفس صوفي . وكل ذلك يدل على وحدة التاريخ والأعراق بين العرب على تعدد أوطانهم فنجد شحنة تسري من التعاطف والتأثير الدائم بينهم على مر العصور مهما تباعدت أقطارهم أو تباينت أفكارهم ، ونختم بأبيات سلوكية لشاعر ليبي من أصل حضرمي عاش في القرن السابع الهجري يدعى عبد الحميد بن أبي البركات ( الصدفي ) يقول فيها : طرق السلامة والفلاح قناعة ولزوم بيت بالتوحش مؤنس يكفيه أنسًا أن يكون أنيسه آي القُران ونوره في الحندس ولقلما ينفك صاحب مقول من زلة أو عثرة في المجلس أبيات لشاعر حضرمي مهجري : خطب تجاوز كل خطب قد عرى هلا علمت بما أصاب البربرا لم يبق بين المشرقين مهلّلٌ إلا وأنطقه المصاب فكبرا إن الحقائق كلما أخفيتها كي لا ترى ، من شأنها أن تظهرا لسنا من الإسلام في شيء إذا لم ننكر الأمر الفظيع المنكرا لسنا من الأحياء إن لم ننتفض هممًا تزلزل من طغى وتجبرا دعاء اللهم لبِّ استغاثة إخواننا الليبيين أحفاد الشهيد عمر المختار ، واقذف القذافي أسيرًا بين أيديهم ليذوق جزاء ما اقترفت يداه الملطختان بالدم والعار