أكدت مصادر مطلعة أن الهجوم الذي شنته طائرة أميركية بدون طيار بمحافظة شبوةجنوب شرق اليمن لاستهداف أنور العولقي، جاء استناداً إلى معلومات كشفتها مراسلات متبادلة بينه وبين أسامة بن لادن عُثر عليها في المنزل الذي كان يقيم فيه زعيم تنظيم القاعدة في باكستان. وقالت المصادر -التي طلبت عدم الكشف عنها- إن عدداً من تلك المراسلات بين زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب العولقي وبن لادن سهلت للمخابرات الأميركية مهمة تحديد تحركاته ومنطقة تواجده وعدد من أنصاره. ووفقا لتلك المصادر فإن معلومات استخباراتية أشارت إلى أن أنور العولقي وعدداً من قيادات تنظيم القاعدة في جزيرة العرب غادروا مواقع تواجدهم إلى أماكن مجهولة، وذلك عقب إعلان مقتل أسامة بن لادن كإجراء احترازي. وكشفت المصادر أن عملية استهداف العولقي سبقها لقاءٌ جمع عدداً من قيادات الأمن القومي في اليمن بمسؤولين في الاستخبارات الأميركية في العاصمة صنعاء. وقالت إن اللقاء تم خلاله مناقشة معلومات استخباراتية تفيد بأن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب بقيادة العولقي يحضّر لعملية كبرى تستهدف الولاياتالمتحدة بإشراف مباشر من بن لادن. من جهتة أكد ناصر العولقي والد القيادي اليمني الأصل بتنظيم القاعدة، أنور العولقي أن ما يشاع عن أن ابنه سيحل محل أسامة بن لادن في زعامة تنظيم القاعدة، هراء لا صحة له، وأن وراءه وسائل إعلام أمريكية. وقال العولقي الأب في مقابلة مع صحيفة "الجارديان" البريطانية اليوم الأحد: إن" وسائل الإعلام الغربية وراء ترويج شائعة أن ابني سيكون زعيم تنظيم القاعدة الجديدة وبن لادن الجديد، وهذا هراء، أنور ليس زعيما، إنه مجرد رجل صاحب وجهات نظر قوية، وفم كبير". وأضاف أن "هناك ثلاث طائرات أمريكية بدون طيار تحوم على مدار اليوم في سماء قريتنا لقتل ابني، وأنا متأكد من ذلك... أنهم قتلوا بن لادن ويسعون خلف ابني الآن". وتوضح الصحيفة أن العولقي الابن الأمريكي المولد، رغم أنه ليس أحد كبار قادة تنظيم القاعدة إلا أنه ينظر إليه في الغرب على أنه واحد من نجوم تنظيم القاعدة البارزين والمرشح بقوة لخلافة بن لادن؛ بسبب الكاريزمية التي يتمتع بها، والدهاء الذي يتحدث به في خطبه المعادية للغرب والولاياتالمتحدة، واستخدامه موقع التواصل الاجتماعي ال"فيس بوك" وال"يوتيوب" لحث المسلمين في جميع أنحاء العالم على قتل الأمريكيين. وتشير الصحيفة إلى ناصر العولقي المهندس المدني يخشى على حياة ابنه البكر أنور، فبعد وفاة بن لادن، بعض المسئولين يعتقدون أن أنور والفريق القائم في اليمن يمثل أخطر تهديد على الولاياتالمتحدة، وفي الربيع الماضي، أعطى باراك أوباما الرئيس الأمريكي الضوء الأخضر لمقتل العولقي، الذي يعتقد أنه مختبئا مع زعماء القبائل في المنطقة الجنوبية الوعرة بمحافظة شبوة. وكانت الخميس الماضي شنت الولاياتالمتحدة ضربة صاروخية من طائرة بدون طيار على قرية قريبة من مسقط رأس ناصر العولقي في شبوة، الأمر الذي أدى إلى قتل اثنين من نشطاء تنظيم القاعدة، ومسئولون أمريكيون قالوا إن أنور كان الهدف المقصود لكنه فر من القذائف. وأدى ضعف الحكومة المركزية في اليمن ووعورة التضاريس وانتشار الفقر، إلى تمتع المتشددين بمكان أمن يستطيعون من خلاله تنفيذ هدافهم رغم وابل الضربات الجوية والغارات التي شنتها الولاياتالمتحدة والرئيس علي عبد الله صالح. حيث كانت السلطات الأمنية اليمنية قد فشلت قبل أشهر في القضاء على العولقي عقب حملة تمشيط واسعة قامت بها في منطقة جبل كور العوالق بمديرية الصعيد بشبوة. ورغم أن السلطات اليمنية جندت خلال تلك الحملة على المنطقة -التي تعد مسقط رأس زعيم التنظيم- عدداً من مشايخ ووجهاء المنطقة، غير أنها لم تفلح في العثور عليه وعلى أعضاء التنظيم. وينشط تنظيم قاعدة الجهاد في جزيرة العرب المنبثق عن الفرعين السعودي واليمني لتنظيم القاعدة بقوة في جنوب وشرق اليمن حيث لا تبسط سلطات صنعاء المركزية نفوذها تماماً. ضربات موجعةوبحسب شهود عيان بمدينة شبوة فإن مسلحين من تنظيم القاعدة أحكموا خلال هذا الشهر سيطرتهم الكاملة على جميع المرافق الحكومية بمدينة عزان بمديرية ميفعة الواقعة على بعد نحو 130 كلم من مدينة عتق عاصمة محافظة شبوة بعد انسحاب قوات الأمن منها. وقال أحد المواطنين ويدعى سالم علي إن عناصر من القاعدة يتولون إدارة شؤون المدينة، وقد نصبوا عدداً من نقاط التفتيش في بعض شوارع المدينة. وأشار سالم في حديث للجزيرة نت إلى أن عزان مدينة تجارية وتعد أحد أهم المناطق الحيوية بشبوة حيث تربط المحافظة بمدينة حضرموت، وتبعد نحو 170 كلم عن ميناء بلحاف. وكان تنظيم القاعدة في اليمن قد كثف تواجده مؤخراً في الجنوب من خلال نقل نشاطه إلى المحافظات الجنوبية بعد ضربات موجعة تلقاها في محافظات مأرب والجوف إثر قيام المخابرات السعودية بتجنيد عدد من مشايخ وأعيان القبائل هناك ضد عناصر التنظيم. وكانت مصادر إعلامية قد كشفت تحول النشاط الاستخباراتي السعودي مؤخراً صوب الجنوب مع تحول التنظيم، حيث أشارت تلك المصادر إلى وجود تنسيق بين بعض القبائل في المحافظة والمخابرات السعودية، وذلك عبر بعض المغتربين اليمنيين المقيمين في السعودية. ووفقاً لتلك المصادر فإن السعودية كثفت وجودها الاستخباراتي عبر بعض العناصر في شبوة بغية العثور على بعض من تصفهم بالمطلوبين أمنياً. ويشير مراقبون إلى أن هذا النشاط السعودي كان أحد ثماره كشف الاستخبارات السعودية عن حادثة الطرود الملغومة، الأمر الذي تسبب حينها بحدوث أزمة بين اليمن والمملكة،