في سابقة هي الأولى في تاريخ المقاومة الإسلامية في لبنان، كشف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أمس أن جهاز مكافحة التجسس في المقاومة تمكّن أخيراً من ضبط ثلاث حالات تعامل مع استخبارات معادية داخل الجسم التنظيمي للحزب وفقا لصحيفة الأخبار اللبنانية. وقال نصر الله في خطاب متلفز أمس إن اثنين من الموقوفين يتعاملان مع الاستخبارات المركزية الأميركية، CIA، والثالث مع جهة لم يتم تحديدها بعد. ووضع نصر الله هذا الأمر في سياق عجز إسرائيل «عن اختراق بنية حزب الله، فاستعانت ب CIA». ولفت إلى أن ما بين أيدي المقاومة «ليس حالات عمالة لإسرائيل كما أشيع في وسائل الإعلام، بل إن جهاز مكافحة التجسس في حزب الله كشف وجود حالتين منفصلتين على اتصال بضباط في الاستخبارات الأميركية، يعملون بصفة دبلوماسيين في السفارة الأميركية في عوكر» وقال نصر الله إن المشتبه فيهم الثلاثة هم أ. ب. الذي تم تجنيده قبل 5 أشهر. أما الثاني، فهو م. ح. الذي جنّدته «ال«سي آي إي»، ولكن في فترة أقدم من الحالة الأولى، وقد اعترف أيضاً بعلاقته مع الاستخبارات الأميركية. والثالث هو م. ع. الذي «تأكدنا من ارتباطه الأمني مع جهة خارجية، وقد اعترف بارتباطه الأمني مع هذه الجهة، لكننا لا نزال ندقق بالجهة الاستخبارية التي يتصل بها، هل هي ال«سي آي إي» أم جهاز أوروبي أم جهاز إسرائيلي». وربطاً بما أثير في وسائل الإعلام أخيراً حول عملية التوقيف، أكّد الأمين العام لحزب الله الآتي: «أولاً: إن العدد هو ثلاثة، ولو كان أكثر لكنت قلت لكم أكثر، ونحن نملك هذه الشجاعة. ثانياً: ليس بين هذه الحالات الثلاث أي أحد من الصف القيادي الأول خلافاً للشائعات. ثالثاً: ليس بينهم رجل دين. رابعاً: ليس بينهم أحد من الحلقة القريبة من الأمين العام، لا أمنياً ولا عملياً. خامساً: ليس لأحد منهم علاقة بالجبهة ولا بالوحدات العسكرية الحساسة كالصاروخية وأمثالها التي يسعى الأميركيون والإسرائيليون إلى جمع معلومات عنها. سادساً: لطمأنة جمهورنا وإخواننا وأحبائنا: لا يملك أي من هؤلاء معلومات حساسة يمكن أن تلحق ضرراً ببنية المقاومة نتيجة الطريقة التي نتبعها للتعامل مع الموضوع الداخلي، أو نتيجة مواقع المسؤولية التي هم موجودون فيها. وهم ليسوا موجودين في مواقع مسؤولية حساسة من هذا النوع الذي يمكن أن يطال بنية المقاومة العسكرية والأمنية وقدرتها على المواجهة في أي حرب مقبلة. سابعاً: لا علاقة لأي من المتهمين الثلاثة باغتيال الشهيد القائد الحاج عماد مغنية. ثامناً: لا علاقة لأي من المتهمين بالمحكمة الدولية، (..) لا بين الأسماء المتداولة لدى بعض الأجهزة الأمنية اللبنانية ولا لدى لجنة التحقيق الدولية عندما استدعت أناساً أو طلبت أناساً للتحقيق». وفي إطار التقويم الأمني لما جرى، أوضح نصر الله أن الإسرائيليين يستعينون بالاستخبارات الأميركية «لأن الأجهزة الأمنية الإسرائيلية تعرضت لضربات قاسية خلال السنوات الثلاث الماضية على مستوى الساحة اللبنانية. فضابط ال«سي آي إي» محميّ ومحصّن ووضعه يختلف عن أي ضابط إسرائيلي». ولفت نصر الله إلى أن المعلومات التي طلبها ضباط ال«سي أي إي» من الموقوفين «لا تهم الإدارة الأميركية بقدر ما هي تفاصيل عسكرية وأمنية تهم إسرائيل في أي حرب أو تواطؤ أمني أو عسكري على المقاومة». وشدد نصر الله على أهمية «الإنجاز الحقيقي الذي حققته المقاومة» من خلال «كشف الجهاز الأمني المعني في حزب الله لهؤلاء الأشخاص، رغم كل الإجراءات والتدابير. أمر مهم أن يتم اكتشاف هذه الحالات، وبعض هذه الحالات تم اكتشافها بسرعة يعني تاريخ التجنيد خمسة أشهر لا أكثر ولا أقل ولعلها من المرات الأولى التي يواجه فيها جهاز ال«سي آي إي» إخفاقاً من هذا النوع في مواجهة حزب أو تنظيم أو جهة شعبية». ولفت إلى أن ما جرى يسلط الضوء على «وكر الجاسوسية في عوكر، إذ تأكد وعلى نحو قاطع أن السفارة الأميركية في عوكر هي مركز تجسس ومركز تجنيد لمصلحة إسرائيل». وخاطب نصر الله جمهور المقاومة، طالباً منه التعامل ب«أخوّة ورحمة مع عائلات المتهمين، لأنّها عائلات شريفة». من جهة أخرى، أكد الأمين العام لحزب الله «عدم الوقوع في فخ الحرب النفسية التي يهدف من خلالها أعداؤنا الى النيل من معنويات المقاومة ومجاهدي المقاومة وجمهور المقاومة. يجب علينا أن نكون منتبهين كثيراً ودقيقين كثيراً، ويجب أن نعرف أنّنا دخلنا الآن في مرحلة جديدة. نحن كنّا نفترض أننا في مواجهة أمنية مع الإسرائيلي وأنّ الاستخبارات الأميركية تبحث عن نوع آخر من المعلومات أو من المعطيات وركّزنا جهدنا في ذاك الاتجاه. لكننا لم نغفل طبعاً الاستخبارات الأميركية ولا غيرها، لكن أن نصبح هدفاً مباشراً للاستخبارات الأميركية بهذا الشكل، فهذا مما لا شك فيه أنه يضعنا أمام مرحلة جديدة من الصراع الأمني، ومن صراع الأدمغة الأمنية. وبالتالي هذا يحتّم على كوادرنا وأفرادنا وجمهورنا التنبه والاستنفار وعدم الاستسهال في إقامة بعض العلاقات العابرة أو التي قد تظهر لوهلة ما أنها بريئة». وأكد نصر الله «الاستفادة من هذه المواجهة التي خرجنا منها، وأقول لكم خرجنا منها منتصرين. نحن هنا أصبنا بجراح، لكننا استطعنا أن نتغلب على هذه الجراح وأن نتجاوز هذا الخطر. سنقوّي حصانتنا أكثر من أي وقت مضى، وسنحبط كل الجهد الأمني الأميركي وغير الأميركي، وستبقى مقاومتنا ومقاومتكم إن شاء الله منيعة صلبة قادرة على صنع الانتصار المأمول في كل الساحات».