أتيحت لي الفرصة للإطلاع على (مشروع الوثيقة السياسية للثورة اليمنية) الصادر عن مجلس شباب الثورة الشعبية (اللجنة التحضيرية). الوثيقة جهد مشكور ومطلوب, وهي كمادة مطروحة للنقاش , من المتوقع ان تستدرج الكثير من الملاحظات لها أو عليها . ولست ,هنا ,بصدد مناقشة الوثيقة ككل ولكني أود أن أتوقف تحديدا عند الفقرة (2) المتعلقة بالقضية الجنوبية والتي تؤكد على إحترام المجلس للحل الذي يتوافق عليه الجنوبيون لقضيتهم. معلوم أن الوثيقة ما زالت مشروعاً لم يتم إقراره بصورة رسمية بعد. ومع ذلك, فإن ورود هذا النص في المشروع يشكل خطوة متقدمة لملاقاة الجنوبيين على قاعدة مطالبهم المشروعة في الشراكة وحقهم في إختيار الذي يرونه مناسبا وعادلا لقضيتهم. فالشباب ,الذين لم تتلطخ أيديهم بدماء الجنوبيين ,ولم تنتفخ جيوبهم بأموال الجنوبيين,إنما ينسجمون مع أنفسهم بهذا الموقف.بل يمكن القول إنهم كانوا كذلك منذ إنطلاق الثورة ,حيث كانت مواقفهم على الدوام تجسيدا لنقاء الثوار وصدق الشباب. وكما تقدموا الجميع عندما أشعلوا فتيل الثورة, هاهم اليوم, يتقدمون الجميع (ربما بإستثناء الحوثيين) في مقاربتهم الموضوعية للقضية الجنوبية . وفي كل الأحوال, لايمكن أن يكون لديك موقف متقدم تجاه الثورة, مالم يكن لديك موقف متقدم تجاه القضية الجنوبية .والعكس صحيح ,أي : لايمكن ان يكون لديك موقف متقدم تجاه القضية الجنوبية مالم يكن لديك موقف متقدم تجاه الثورة . فالثورة هي, في الأول وفي الآخر, منظومة قيم لا تتجزأ . فلا يمكن ان تكون عادلا هنا وظالما هناك . أو ديمقراطيا هنا وشموليا هناك . ومنفتحا هنا ومنغلقا هناك ونظيفا هنا وملوثاً هناك ..... تحية لمن يستحق التحية أي شخص يشعل ثورة أو يساهم في إشعال ثورة ويتصدر صفوفها ,فهذه بطولة نادرة وشرف عظيم ومجد لايضاهيه مجد ,يستحق كل التقدير والإحترام .وعندما يكون هذا الشخص إمرأة, فهذا يضاعف حجم التقدير والإحترام . وعندما تكون هذه المرأة في اليمن , البلد المتخلف , والمجتمع المحافظ ,فهذا يضاعف حجم التقدير والإحترام مرة أخرى . من ناحية أخرى ( ومن زاوية جنوبية هذه المرة )هناك تقدير خاص للأخت توكل كرمان يفرضه موقفها الإيجابي المبكر تجاه القضية الجنوبية . ولانستطيع أن ننسى وقفاتها ومشاركتها في أكثر من فعالية جماهيرية في أكثر من محافظة جنوبية في مراحل مبكرة من عمر الحراك الجنوبي . ملاحظة تأخر نشر الموضوع بضعة أيام ,ولذلك تم حذف الفقرة الأخيرة ونستعيض عنها بالتهنئة الصادقة للأخت توكل بنيل جائزة نوبل للسلام , وهو تكربم في مكانه وفي زمانه ......