ذكرت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" الأمريكية إن المواجهة في جولة الإعادة بانتخابات الرئاسة المصرية بين المرشحين "المتناقضين" أحمد شفيق ومحمد مرسى ستحدد مصير الدولة إذا ما كان سيحكمها الإسلام السياسي الصاعد أم ستعود بمصر للروح الليبرالية التي ميزت فترة حكم الرئيس السابق حسنى مبارك رغم القبضة القوية للأجهزة الأمنية في تلك الفترة. وأضافت الصحيفة - في تقرير لها اليوم السبت -أن هذا التقارب الشديد في نسب الأصوات التي حصل عليها مرشح جماعة الإخوان المسلمين محمد مرسى وبين آخر رئيس وزراء في عهد مبارك أحمد شفيق يوضح أنه بالرغم من ثورة الخامس والعشرين من يناير فإن أعمدة الماضي لا تزال قائمة وقوية وتتصارع حول تحديد مستقبل البلاد، كما أن محمد مرسى يمثل التوجه الديني لجماعة الإخوان المسلمين التي لطالما كانت معارضة للنظام القديم بينما يجسد أحمد شفيق بلا حرج عصر مبارك. واعتبرت الصحيفة أن نسبة الأصوات التي حصل عليها مرسى والتي بلغت 27 % من إجمالي الأصوات، بينما حصد شفيق 23 % ،بمثابة انتكاسة وتراجع للنشطاء الليبراليين من الشباب الذين أشعلوا فتيل ثورة يناير التي أطاحت بمبارك ، حيث أنهم فشلوا في صياغة رؤية جيدة لمستقبل بلد تطمح لقيادة جديدة مما ترك الإيديولوجيات القديمة تتبنى منطقا جديدا. وأضافت الصحيفة أن المفاجئات الكبيرة في هذه النتائج تمثلت في نتائج المرشح الإسلامي الليبرالي عبد المنعم أبو الفتوح الذي كان متقدما في استطلاعات الرأي، ثم جاء في المركز الرابع حاصدا 20 % من الأصوات، وكذلك نتيجة المرشح عمرو موسى وزير الخارجية الأسبق والسياسي الماهر الذي جاء في المركز الخامس بين المرشحين، بالإضافة لمفاجأة صعود حمدين صباحي صاحب التوجه الاشتراكي القومي للمرتبة الثالثة، بعد أن اعتبرته النخبة المصرية البديل الأقوى للإسلاميين وبقايا نظام مبارك. وقالت صحيفة "لوس انجلوس تايمز" الأمريكية إن فوز محمد مرسى في جولة الإعادة يومي 16و17 يونيو القادم سيحدد معالم الإسلام السياسي الذي صعد من الثورات التي أطاحت بالحكام الديكتاتوريين في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا العام الماضي، خصوصا في ظل اتهام جماعة الإخوان المسلمين بالغطرسة وعدم إشراك الآخرين في العمل السياسي على الرغم من تمسك قادتها بالالتزام بالحريات المدنية وحماية الأقليات ومنهم الأقباط. وأوضحت الصحيفة أن حملة أحمد شفيق وصفته بالشخص القادر على إعادة النظام والأمن وطرحت الإسلاميين كعامل تهديد للحرية ووعدت بإنهاء المظاهرات التي دامت لشهور مما لاقى استحسانا لدى ملايين المصريين الذين يبحثون عن الاستقرار وسط تعثر اقتصادي وتدهور أمنى، لكن انتصاره قد يؤدى لتجدد التظاهرات في ميدان التحرير مما سيزيد من اشتعال الساحة السياسية في البلاد. وأشارت إلى أن العديد من النشطاء يرون هذه النتائج محبطة ويفكرون في مقاطعة الإعادة ، بينما يعتبرها آخرون السيناريو الأسوأ ، حيث انحصر الاختيار بين تيار إسلامي وبين المؤسسة العسكرية. وقالت الصحيفة إنه من المستحيل تحديد إلى أي مرشح ستتجه الأصوات التي ذهبت لعبد المنعم أبو الفتوح وحمدين صباحي فى الجولة الأولى، مشيرة إلى أن جملة "أقل الضررين" هي لسان حال المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي منذ ظهور النتائج. واختتمت الصحيفة تقريرها بأنه أيا كان الرئيس المنتخب فإن سلطاته سيتم تحديدها من قبل المجلس العسكري الحاكم بسبب تأخر عملية صياغة الدستور وقيام المجلس بتعديل الإعلان الدستوري لتحديد سلطات رئيس مصر القادم ، لكن خطوة كهذه قد تثير الانتقادات حول أحمد شفيق ذي العلاقات القوية بالجيش ، كما سيؤدى تولى محمد مرسى للرئاسة إلى إشعال صراع عنيف بين القوى المسيطرة بالبلاد والتي تناور بعضها البعض منذ ثورة 23 يوليو عام 1952.