لن ينسى الشعب اليمني وشباب ثورته السلمية التي انطلقت شرارتها الأولى في الحادي عشر من فبراير المجيد 2011م يوم الواحد والعشرين من مارس من العام نفسه.. ولا يمكن لأي مؤرخ لثورة الشعب السلمية أن يتجاهل ذلك اليوم المشهود.. ذلك اليوم الذي تلاحمت فيه ارادة الشعب والجيش الذي أعلن عدد من قيادته انضمامها وحمايتها لثورة الشعب السلمية على راسها اللواء علي محسن الأحمر. بعد يوم 21 من مارس 2011م شعر شباب الثورة السلمية أن لهم سندا وظهرا وجيشا يحميهم ويمنع عنهم بطش وجرائم المخلوع صالح ويقف معهم في خندق واحد في الدفاع عن مبادئ ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر. يؤكد الدكتور العقيد مروان العسلي أن انضمام قيادات الجيش وعلى رأسها الفريق الركن علي محسن الأحمر للثورة الشعبية السلمية شكل ضربة قاصمة للمخلوع صالح، وكان بمثابة المسمار الأخير في نعش نظامه المترنح آنذاك ومشروعه التوريثي. وأشار العسلي في حديث ل " الصحوة نت " إلى أن اعلان اللواء علي محسن الأحمر وزملائه من قيادات الجيش كان قرار وموقف شجاع له أثرا كبيرا وارتياحا شعبيا واسعا. قادت السياسات الخاطئة التي اعتمد عليها نظام المخلوع صالح كنهج في ادراة البلاد إلى التفكك والانشقاق والخروج عن السيطرة، فالمؤسسات التي أوجدتها الثورة السبتمبرية والاكتوبرية لحماية الشعب ومكتسباته العظيمة انحرفت في عهد صالح عن مسارها الأساسي المرسوم لها كهدف أصيل من أهداف تلك الثورات المجيدة، فالمؤسسة العسكرية والأمنية انحرفت عن مسارها ولم تحافظ على وظيفتها كمؤسسة وجدت لحماية الشعب اليمنى مصدر السلطات والشرعية الدستورية.. فالقسم الدستوري لحماية الشعب ومكتسباته وليس لحماية الفرد وممارساته إلا أن اعلان انضمام جزء كبير من الجيش اليمني الذي تعرض للتهميش من قبل المخلوع إلى جانب إرادة الشعب في ثورته السلمية كان بمثابة الخطوة الأولى في طريق اعادة هذه المؤسسة الهامة إلى وضعها الطبيعي. واوضح العسلي أن الجيش الوطني الذي أعلن انضمامه إلى ثورة الشعب السلمية اعاد الاعتبار إلى المؤسسة العسكرية والأمنية والقيام بدورها ومهمتها الطبيعية التي وجدت من أجلها وكما كان للجيش دورا في انجاح ثورتي سبتمبر وأكتوبر كان للجيش المنضم للثورة الشعبية السلمية دورا محوريا في نجاحها. الجيش والشعب في خندق واحد كان الفريق الركن علي محسن الأحمر قد أعلن انحيازه وزملائه إلى "ثورة الشباب" بعد 37 يوماً من انطلاقها، في بيان مقتضب قال فيه: "نزولاً عند رغبة زملائي وأبنائي في المنطقة العسكرية الشمالية الغربية، والفرقة الأولى المدرعة، وأنا واحد منهم، أعلن نيابة عنهم دعمنا وتأييدنا السلمي لثورة الشباب السلمية..، سنؤدي واجباتنا غير منقوصة في حفظ الأمن والاستقرار"، واتهم نظام صالح ب "إجهاض العملية الحوارية، وإغلاق منافذ التوافق الوطني، وقمع المعتصمين السلميين"، وحذّر من اندفاع اليمن نحو "شفير العنف والحرب الأهلية". من جهته قال العقيد الدكتور إبراهيم قيس إن انضمام الفريق علي محسن الأحمر وزملائه من قيادات الجيش كالشدادي والقشيبي وغيرهم كان بمثابة انتصار للثورة السلمية ومحطة فارقة في مسيرتها وتساقط نظام المخلوع صالح كما تتساقط حبات المسبحة وشكل عامل توازن بل رحجت وعززت موقف شباب الثورة. وأضاف قيس "من النتائج الإيجابية التي حققها انضمام الجيش للثورة هي تحول الفرقة الأولى مدرع إلى مركز استقطاب واسع للقيادات العسكرية الأخرى التي لم تحسم موقفها في تأييد الثورة، وملاذاً آمناً لأفراد وضباط الجيش في الألوية التي كانت لاتزال تابعة لصالح وكانوا يتعرضون للاضطهاد والتعسف من قياداتهم على خلفية تأييدهم للثورة، وهو ما أدى إلى نشأة ما سمي بجيش الثورة، بل إن وجود مكان عسكري حيوي كالفرقة الأولى مدرع وفر الأجواء المناسبة للتخطيط والعمل على خلخلة صفوف الجيش التي كان رازحة تحت قيادة ابناء صالح وأقاربه، وكانت لتلك الجهود تاثير واضح في سرعة انهيارها وخروجها عن نطاق سيطرة العائلة. القشيبي والشدادي والشرف العسكري (سنقاتل حتى آخر جندي وسنموت على ساحات الشرف، لن أخون شرفي العسكري، ولا نامت أعين الجبناء) هذه الكمات أطلقها اللواء حميد القشيبي قبل استشهاده وكثيرا ما كان يرددها حينما تكالب عليه أعداء الثورة والجمهورية ثنائي الشر الحوثي والمخلوع صالح. القشيبي قدم حياته رخيصة ثمنا لمواقفه الثورية ووقوفه إلى جانب ارادة الشعب وثورته الشعبية السلمية ووفاء لشرفه وقسمه العسكري الذي أوجب عليه حماية الشعب وثورته ومكتسباته. كان القشيبي من أوائل القادة العسكريين البارزين الذين انحازوا لثورة الشباب السلمية عقب جمعة الكرامة في مارس 2011م. وأشار قيس إلى أن القائدان حميد القشيبي وعبدالرب الشدادي قدما حياتهما ثمنا للثورة ومبادئها السامية التي ناضل من أجلها الشعب اليمني ضد الظلم والاستبداد فداء لليمن ولمبادئ ثورتي سبتمبر وأكتوبر وثورة فبراير المجيد. وكان الشهيد اللواء حميد القشيبي قائد اللواء 310 قد استشهد اثناء اقتحام المليشيات لمدينة عمران عام 2014 م فيما استشهد اللواء الركن عبدالرب الشدادي في مواجهات مع المليشيات في صرواح بمارب في أكتوبر 2016م