كشف خبير التخطيط والتنمية بوزارة التخطيط والتعاون الدولي عبد المجيد البطلي عن أن أزمة المشتقات النفطية أدّت على المستوى الكلي إلى تراجع النمو الاقتصادي بحوالي 14.5%، وألحقت أضراراً كبيرة بالفقراء نتيجة ارتفاع البطالة جرّاء توقّف العديد من الأنشطة وتسريح العمالة وانخفاض الدخل بنسبة تراوحت ما بين 26 إلى 30%، كما أحدثت الأزمة صدمة غذائية جديدة في بلد يعاني أصلاً من انعدام الأمن الغذائي والنتيجة على الأمدين المتوسّط والبعيد دخول الاقتصاد في دوامة ركود غير مسبوق. وأشار البطلي في ورقة عمل بعنوان "أزمة المشتقات النفطية وتداعياتها على الاقتصاد اليمني.. الحاضر وآفاق المستقبل" قدّمها مؤخّراً في حلقة نقاش بمركز سبأ للدراسات الإستراتيجية، إلى أن انعدام المحروقات تضرّرت منه على المستوى الجزئي قطاعات الصيد والخدمات والزراعة والنقل والصناعات التحويلية وتوقّف نشاط القطاع الفندقي والمرافق الترفيهية. ورأى البطلي أن الأزمة تعود إلى العام 2010 عندما بدأ العجز في الكميات المعروضة من المشتقات النفطية، وخاصةً مادة الديزل الذي انخفضت الكميات المعروضة منه بحوالي 20%، ثم توالت بعدها عدد من العوامل التي أثّرت على الكميات المتوافرة أوّلها تفجير أنبوب النفط "مأرب- الحديدة" الذي أثّر على إمدادات النفط الخام إلى مصافي مأرب وعدن ما أدّى إلى انخفاض حاد في الكميات المتوافرة، أما العامل الثاني فهو تعقيدات الوضع السياسي والأمني الذي ساهم في إعاقة وصول الإمدادات إلى كثير من المناطق، والثالث انقطاع التيار الكهربائي الذي أدّى إلى زيادة الطلب من قبل المؤسّسات والأفراد لتوليد الطاقة، وظهور سوق غير نظامية رفعت من مقدار المخزون لدى المضاربين والمحتكرين، ومحدودية قدرة الحكومة على استيراد النفط، واحتكار استيراده وعدم تمكين القطاع الخاص من استيراد المشتقات النفطية وبيعها بالأسعار العالمية. وأكّد المشاركون في حلقة النقاش أن شحّة توافر إمدادات المحروقات ألحق أضراراً بالغة بالاقتصاد اليمني الهش أصلاً وكبّدت قطاعاته خسائر كبيرة. واستهلت الفعّالية التي حضرها مسئولون ومختصون وباحثون وأكادميون بكلمة للمدير التنفيذي لمركز سبأ للدراسات الإستراتيجية الدكتور أحمد عبد الكريم سيف أشار فيها إلى أهمية الورشة مؤكّداً أن الاقتصاد بشقيه الكلي والجزئي تعرّض لهزة قوية بسبب أزمة المشتقات النفطية. من جهتهم أضاف المعقّبون والمناقشون في الفعّالية عدداً من العوامل التي يرون أنها ساهمت في حدة الأزمة منها عدم وضوح السياسات الحكومية في التعامل مع الأزمة سواء تجاه من قام بتفجير أنبوب النفط أو تجاه إدارة الأزمة وتوزيع المشتقات النفطية التي شابها الارتجالية والعشوائية، وحذّروا من أن تؤدي الأزمة إلى مجاعة خاصة في المناطق الجبلية التي يصعب الوصول إليها وتزويدها بالمتطلّبات الغذائية الأساسية، واعتبروا أن الطريقة التي تعاملت بها الجهات ذات العلاقة مع أزمة المشتقات النفطية كشفت إلى حد بعيد هشاشة القدرات على إدارة الأزمات. وخلص المشاركون إلى طرح عدد من التوصيات لتخفيف آثار الأزمة وتفاديها مستقبلاً منها رفع إعانات الضمان الاجتماعي للفقراء الذين تأثّروا بارتفاع الأسعار وزيادة التضخّم، وتحسين القدرات على إدارة الأزمات مستقبلاً، وتغيير آليات توزيع المحروقات، وتشجيع القطاع الخاص على الاستثمار في استيراد النفط وإقامة مصافي التكرير، والقيام بدراسات استطلاعية لتقييم الحاجات واحتمالات تصاعدها مستقبلاً، ورفع القدرات الإنتاجية المحلية واستغلال الإمكانات التي لم تستثمر بعد.