عشرات المرضى يقفون يومياً أمام العيادات الخارجية لمراجعة الأطباء بمستشفى الهيئة كما يطلق عليه السكان. ازدحام شديد في ممرات المستشفى وأمام العيادات الخارجية، يقول وليد إنه حضر منذ الصباح لكنه لم يتمكن من الدخول إلى الطبيب، قال وهو يتأمل ساعته إنه سيعود صباح اليوم التالي في وقت مبكر، كان متذمرا أثناء حديثه. تحملت المرافق الخدمية بمدينة مارب منذ بداية الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي على اليمنيين وموجات النزوح للمدينة أضعاف طاقتها الاستيعابية، منها في الجانب الصحي الذي يفتقر إلى الامكانيات والبنية التحتية التي لا تتناسب مع العدد الضخم والمتزايد للسكان وضحايا حرب المليشيات التي شنتها منذ مطلع عام 2015. يعد هيئة مستشفى مارب، وهو أحد ثلاثة مستشفيات حكومية في مركز المدينة ومحيطها، الأفضل من حيث تقديم الخدمات والكادر الطبي المؤهل، وتوفر الأجهزة الطبية الحديثة، وهو ما جعله قبلة للمرضى من أبناء المحافظة والنازحين، وكذلك جرحى الحرب على امتداد الجبهات، ما جعل ادارة المستشفى والكادر الطبي أمام مهمة صعبة لتلبية كل ذلك الكم الهائل من مرتاديه. في لقاء مع مدير المستشفى الدكتور محمد القباطي، قال إن الجانب الصحي كان مهملا، وكان السكان يستسهلون السفر إلى صنعاء لأبسط عارض، لكن منذ 2015، وبداية الحرب ونزوح نحو مليونين من المواطنين، واغلاق الطريق إلى صنعاء بدأ الضغوطات تتزايد على المستشفى وظهر العجز وزاد العبء، حسب قوله.
احصائيات استعرض تقرير صادر من المستشفى لما أنجزه خلال العام الماضي 2018، بحسب التقارير اليومية، فإن الحالات التي تم علاجها في المستشفى في كافة الأقسام والوحدات. أجرى قسم العمليات نحو 6500 عملية كبرى ومتوسطة، و3200 استفادوا من العناية المركزة، وأكثر من 3500 مستفيد من جلسات الغسيل الكلوي، بدعم من رجل الخير الشيخ عُبيد زبيّن. كما استفاد نحو 110 ألف من المختبرات والأشعة، و126 ألف مستفيد من التموين الطبي، واستقبل قسم الطوارئ نحو 30 ألف حالة، و37 ألف حالة رقود، وأكثر من 12 ألف مستفيد من العلاج الطبيعي. التقرير يؤكد حجم الحالات التي استقبلتها الأقسام المختلفة بالمستشفى ومع ذلك فلا يزال المستشفى الذي يقدم خدماته برسوم رمزية للمواطنين، بحاجة إلى دعم لتقديم خدمات أفضل وأوسع لأبناء المحافظة والنازحين.
تحسن رغم الصعوبات يؤكد الدكتور القباطي، الذي بدى منهكا أثناء حديثه، بعد يوم مجهد من العمل واللقاءات والمتابعات، أن المستشفى كان محصورا في بعض التخصصات فقط، وأنه أصبح اليوم فيه جميع العيادات ولديه القدرة على اجراء عمليات كبرى ونوعية. وعدد الدكتور القباطي، وهو أخصائي جراحة عامة باكستان، وأخصائي طب مجتمع وإدارة مستشفيات ماليزيا، ودبلوم عالي في الادارة بريطانيا، أنواع العيادات في المستشفى منها: الجرحة العامة، والأوعية الدموية، العظام، المسالك البولية، الحنجرة والأنف، العيون، التجميل، والوجه والفكين، المناظير، وعمليات تفتيت حصوات، عمليات استكشافية، إضافة إلى مركز الغسيل الكلوي ومركز العلاج الطبيعي، وثلاجة للموتى بدعم من مركز الملك سلمان والصليب الأحمر الدولي.
كما تمكنت ادارة المستشفى، بدعم معظمه يأتي من السلطة المحلية بالمحافظة، من تطوير وتوسعة بعض الوحدات والأقسام كقسم المختبر والأشعة المقطعية والمناظير وتوسيع غرف العمليات إلى خمس غرف، والعناية المركزة إلى 12 سرير متكامل، من رئة صناعية، أجهزة الشفط، حيث يصل تكلفة السرير الواحد إلى 35 ألف دولار، بحسب مدير المستشفى.
مركز لصناعة الأطراف بحسب تقرير للمستشفى للعام الماضي 2018 فإن المركز ركب 631 طرفا، ونحو 952 حالة تم أخذ مقاساتها. يشير الدكتور القباطي، الذي عُيّن مديرا لمستشفى الهيئة نهاية عام 2016، إلى أن الألغام التي زرعتها وتزرعها المليشيات الحوثية خلّفت كثير من الضحايا المبتورين، عدد كبير منهم مدنيين من النساء والأطفال، وأن هناك نوع من الألغام تهتك أطراف الضحية بشكل مرعب. وأضاف أنها تسبب في تهتك الأعضاء السفلية، وأن كثير من الحالات تصل والأطراف شبه منتهية أو منتهية ويصبح الترميم شبه مستحيل، فيصبح الطرف غير مؤهل للبقاء. في ابريل 2017، افتتح مستشفى الهيئة، بدعم من مركز الملك سلمان للإغاثة والاعمال الانسانية مركزا للأطراف الصناعية ، حيث عمل المركز على تخفيف حالة المصاب ومساعدته على ممارسة حياته اليومية بشكل أيسر. يؤكد الدكتور القباطي، أن قرار البتر لا يتم إلا بعد الرجوع إلى أكثر من أخصائي وتشاور ومراعاة والنظر إلى الحالة من جميع النواحي وتقييمها عبر لجنة خاصة مكونة من 4 أخصائيين عظام، و 2 أخصائيين أوعية دموية جراحة عامة.
الحوادث المرورية يستقبل مستشفى الهيئة، يوميا عشرات الحالات المصابة بحوادث مرورية نتيجة القيادة المتهورة ورداءة الطرقات كما هو الحال في خط العبر. حيث أكد الدكتور القباطي أن ضحايا الطرقات يصل إلى نفس عدد ضحايا احدى الجبهات المنتشرة في نهم والجوف، وصرواح والبيضاء وشبوة سابقا. وأضاف أن نسبة ضحايا الطرقات يصل إلى نحو 30% من الحالات التي يستقبلها المستشفى يوميا، ويحتل خط العبر النصيب الأكبر. التشريح يقول القباطي إن المستشفى أصبح مطالبا بعمل كل شيء حتى التي ليست من عمله، وهناك من يطالبنا بالقيام بأعمال وتقارير خارج اختصاص الكادر الطبي الفني للمستشفى، منها على سبيل المثال اجراء تشريح الجثث لمعرفة أسبابا الوفاة، وهذا طبعا ليس من تخصصنا وله كادره الخاص يتبع القضاء الأعلى والنيابة العامة. تبذل السلطات بمارب جهودا كبيرة لمواجهة مثل هذه المشاكل التي تمس حياة المواطن العادي بشكل مباشر، منها الجانب الصحي، فالحرب أثقلت كاهل الجميع وبلغ آذاها الجميع بما فيها المرضى الذين يرقدون على أسرتهم آملا في شفاء وتعافي مؤسسة الدولة من سرطان الانقلاب.